الاثنين 06 مايو 2024 - 01:16 صباحاً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 

الرئيسية ابداع .وشم بلا فائدة . للقاصة منال السيد

 

 
 

.وشم بلا فائدة . للقاصة منال السيد

  الاثنين 11 مارس 2019 03:21 صباحاً   




في نوبة من نوبات الحنان قلت له أنني أمه كنت ممددة على أريكة إسفنجية وهو نائم على صدري ، نظرت لوجهه المستكين فأحسست أنني أمه . كان جبينه طريا ، تعلوه نداوة لها رائحة نفس الأطفال وشاربه كان معطلا فبدا وجهه مثل شخص ولد لتوه ولا ينوى الخروج للعالم . ساعتها مررت بأصابعي على وجنته ومقدمة شعره . أحسست بطعم الكلمة فأخرجتها وساد سكون . أمس تيقنت أننا سوف نفترق . سنتشاجر كعادتنا ، سأتهمه انه غير مبال ولا يحبني بالقدر الذي يرضيني وهو سيتهمني بأنه تحمل معي مالم يتحمله رجل . سأهم بترك البيت وهو سيحاول منعي ولكن بعصبية اكثر من مرة، مثلا سيخبط رأسي بالحائط أو سيرمى بأشيائي . سيخبطها في باب الشقة ، وأنا سأشعر بسكين الخلاص ، سأجمع أشياء لا قيمة لها وسأنزل من الطابق الخامس إلى شارع جاف به عيون اكرهها و أعود لبيت أبى الذي مات منذ ثلاث سنوات . في أحضان أمي سأفعل مثل الزوجات المسكينات وهى ستضع قناع الأمهات المستثارات وستحاول أن تقنعني بالعشاء، سأنحشر بين أخواتي البنات وسأتمنى طلوع النهار . يا ... ه كيف أتخلص من هذه الورطة ، أمس كنت سائرة في طريق وبزغت لى صاحبه كنت أمر على بيتها كل صباح ، أوقظها وانتظرها حتى ترتدى ملابسها ، تبحث عن جواربها الذي لا تجده - في العادة – وفى العادة أيضا توقظ أخاها الأصغر ليشترى لها آخر من بقال بجوار البيت ، حين نصل للمدرسة تكون الحصة الأولى قد انتهت ويكون علينا آن نقلق قليلا ونتصرف مثل القرود قبل آن نستقر معا في الدرج المشترك في آخر الفصل . أمس كان زوجها معها ، لم أتبينها في الظلام ، لكن كرش زوجها كان في مواجهة عيني ،وجهه برق لي في ضوء سيارة مارة فعرفت ان التي بجواره هي صاحبتي ، كان معها طفلها الرضيع وكان جسدها نحيلا وترتدى شيئا ازرق ، فستانا أو شيئا من هذا القبيل ، لا اعلم لم تجاهلت الموكب ، واجهته ووازيته ثم فردت خطوتي ومشيت للأمام ، دون أن اشعر بأي ألم . خطوه جميلة ، أن تقلص عدد الذين يحبسون روحك في محبتهم ، أبى مات حرا ، احب الناس في ستة وخمسون عاما وتخلص من تعب المحبة في عاميه الأخيرين اذكر جيدا انه كان يعود لأمي في الواحدة ليلا ، متعبا ومبتهجا ، يحكى لها في نصف ساعة عن خروجه من الزيتون إلى شبرا إلى عين شمس فالوايلي و أخيرا إلى محل صديقه في العباسية وصولا إليها بحدائق القبه وهى كانت تضحك ، تضع الماء الساخن في الحله النحاس وقليل من الملح ، تمر بيدها البيضاء على الاحمرار الخفيف في أنحاء القدم وحين يرفع قدميه المتقاطر منهما الماء يكون ذلك مؤشرا لنا – نحن الصغار المستيقظون مثله حتى هذه الساعة – يكون مؤشرا لنا كي نضع أقدامنا في ذات الماء ، الآن فقط اضحك من قرف ذلك الفعل ، لكنني أتذكر أن الماء كان دافئا وكان يضم ستة أرجل صغيرة و بألوان متفاوتة وان كانت جميعها طريه ودافئة ومحمرة قيلا . أبى استطاع آن يفعلها . في العامين الأخيرين لم يعد قلبه قادر على المحبة وروحه اعتلتها أتربه وصمت حتى انه لم يستطع أن يمد يده لصاحبه الذي كان يسكن في العباسية ، حتى لم يسأله ، لم يعاتبه على غيابه ، فقط نظر في صمت ، صمت هرب منه صاحبه ولم يعد إلا في ثالث أيام العزاء . أبى تخلص من عبء المحبة ومات . و أنا أدور بعيني على شكل الأثاث في بيتي ، أتابع صورة زوجي النائم بجواري مرتاحا و آمنا ، أمر بعيني على انفه الكبير وصوت نومه وشفتيه المفتوحتين قليلا و أفكر في الطريقة التي سأتخلص بها من تعب المحبة.

 

أخبار اخرى فى القسم