الجمعة 03 مايو 2024 - 01:58 صباحاً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 

الرئيسية مكتبتى "أحوال مظلوم" سعيد نوح يناقشها صالون أم الهاشم ..تعرف علي أجواء الرواية

 

 
 

"أحوال مظلوم" سعيد نوح يناقشها صالون أم الهاشم ..تعرف علي أجواء الرواية

  السبت 13 أبريل 2019 03:21 مساءً    الكاتب : زينب عيسي




يقيم صالون أم هاشم الذي يشرف عليه الشاعر والصحفي سيد محمود ندوة لمناقشة رواية"أحوال مظلوم" للروائي والقاص سعيد نوح، وذلك يوم السبت الموافق 27 أبريل 2019 في تمام السابعة مساء . يناقش الرواية كل من : الناقد  أحمد عبد الحميد عمر والناقد مدحت صفوت، ويدير الندوة  الشاعر سيد محمود. وقد صدرت رواية أحوال مظلوم" عن دار منشورات الربيع بالقاهرة. وهي الرواية الحادية عشرة لسعيد نوح، الذي قطع مشوارا روائيا طويلا بدأه في عام 1995 بإصدار رواية" كلما رأيت بنتا حلوة أقول يا سعاد" التي صدرت في عدة طبعات آخرها صدرت عام 2017 ضمن مختارات روائية أصدرتها له الهيئة المصرية العامة للكتاب. قد حصل سعيد نوح على جائزة ساويرس الثقافية، فرع كبار الكتاب عن مجموعته القصصية "كشك الأورام" عام 2017.

ومن روايات  سعيد نوح :كلما رأيت بنتا حلوة ياسعاد،دائما ما ادعو للموتي،ملاك الفرصة الخيرة تمثال صغير لشكوكو،أحزان الشماس، كلب عجوز،حكايات صغيرة للشيطان ،وكشك الأورام وغيرها

ومن اجواء الرواية نقرأ لك:

ومن أجواء الرواية:" في مساء الأحد، الموافق السابع من يناير عام ،1836في سلع العريان. تحت سماء ضاع منها قمرها ونجومها فبدت مليئة بالسواد. كان المدعو عبد السلام، ذلك القاتل الأجير، صاحب السبعة والخمسين عاما يمضي جوار المقابر في أرض الله بلا رابط. في ذلك المساء، على حين صدفة، تم ضبطه وهو في مزاج يشبه الماضي البسيط والمستقبل التام. مشى مع اليد التي أمسكت به بعد أن اطمأن لها، وسط الليل البهيم، حيث يجلس الريس بولس في عربته. حياه كما يجب من جندي صغير أمام كولونيل كبير. لم يهتز الظلام رغم حركة بولس . نزل برأسه المختفي في العربة ليقترب من أذن عبد السلام وقال: "عاوز جثة ولد صغير بسرعة". قالها وعاد إلى وضعه وظل الظلام كما هو. وقف الرجل الوسيط ليتفاهم مع عبد السلام. تمهلت الخيل في مشيها . رقدت شبورة المساء كحجاب رقيق على الأراضي المنخفضة الراقدة . الطريق المستقيم يبدو ملتفًّا تماما .توقفت الخيل في مكان لم يتضح بسبب الليل البهيم الذي يخيم. نزل الريس عن عربته وتركها وبداخلها عبد السلام. مضت الدقائق بطيئة على الريس . تحركت قدمه ليجلس فوق التبة التي تواجه المقابر بعد أن وضع عليها بُرْده. كانت المرة الأولى التي يشاهد فيها مقابر المسلمين في هذا الوقت. هي لا تختلف كثيرا عن مقابرهم التي يزينها الصليب. في تلك اللحظة انبعث من السماء ضوء رقيق غشي الأرض، وبزغ من خلف التبة ليتلاشى المنظر من أمامه.. ورغم أنطفاء الضوء، أمسك بنفسه يركز على شجرة تظهر وسط هذا السواد المستحكم. راح يراجع أفعال الرب معه على شاشة الشجرة. كان يظن أنه- دون بقية خلقه- كُتِب عليه ما كتب. كل أتباعه وأهله يفيض عليهم الرب بالأبناء إلا هو. دفس بيده تلك التي تقف في الظلام أمام عيونه ترتعش، هي من أدخلتهم في الأرض. كانت أيام حياته تمضي ، يستوضحها علها تساعده في الإمساك بجرمه الذي يكدر بسببه. يقال إن ثمة شيطانًا كان يجره إلى طريق، والله يجره إلى طريق آخر، لكنه يعرف أي الطرق سوف يسلك، ولم يعذبه أي منها، ما عذبه هو طريق وكلاء الله وموزعيه. كان يحتاط كثيرا وهو يغوص في أرض هؤلاء، فالله أو الشيطان طريقهما معروف. أما طرق الوكلاء، فلا يعرف في أي أرض يغوص. حياته تمر في شريط طويل . ينتظر ظهور كارتته في القريب العاجل. حين تتحطم السفن، يتم جرها من الأعماق بواسطة آلات تسحب حتى تأتي إلى اليابسة، وإلى منتهى عمرها، تظل جالسة جوار حانة كي ترى البحر والبحارة، كل صباح ومساء، كعزاء أخير لعباب المسافات التي أبحرتها. وفي نفس الوقت تلقي على الجدد منهم فاتحة الكتاب، وتلقي على العجائز الخاتمة. نفس الظلام يلف حركة عبد السلام الذي أمسك من يد الكبير ورقة كبيرة، من فئة الجنيه، على وعد بالثاني حال أمسك بالطفل كما صرح الرجل الذي لا نعرفه وأمسك به وقدمه لبولس. من الأفضل أن تملك وجها بلا ملامح محددة ويمكن عبوره حتى يمكن نسيانك بسرعة؛ هذا ما حدث للوسيط الذي سيختفي دون أن نعرفه. مضى عبد السلام مشغول الرأس في سبب الاحتياج لطفل ميت. هذه دنيا بنت كلب يا عبد. مد يده وأدخلها في جيب الصديري حيث كرة الأفيون. عض بأسنانه الأمامية فوق فتحة الكرة، ومد لسانه وسحب مقدارًا يعرفه، ثم كبس بإصبعيه ما خرج ليدخل في الكرة مرة ثانية، ويرجعها إلى ما تحت قلبه تماما. كان يعتبرها محركًا لقلبه. دونها هو خرقة بالية. يمكن لأعواد الذرة أن تنشف دمه. كان يقول لنفسه هذا وتكاد عيونه أن تشمت فيه. يمضي داخل عربة الريس في الطريق إلى المستشفى. يعرف نفسه المخبأة هناك جيدا. كما إن تلك الكرة تمنحه الأمان بعدم تفكيره في ما ينساه. أو يتناساه. نعم هو يتناسى تماما. لو تذكر ما اقترفت يداه لما صدق. لا أعرف كيف أخبركم عنه . يغلق قلبه لكل محاولاتي لأمضي معه فقط . أنقل أفعاله، وبعض ما يمور بين نفسه يظهر جليا فوق جبينه. كدر صوته صفو الطيور التي تستريح من عناء اليوم فوق الأشجار ففرت هاربة إلى السماء ، تاركة المجال لزئير الكارتة المهيج. توقفت العربة أمام باب المستشفى الخلفي . نزلت قدمه سريعا ثم تحركت العربة تقلني أنا الراصد وحدي مع الحوذي الذي لم أعرفه من قبل. لم تكن الاسبتاليا مضاءة إلا بثلاثة من الفوانيس. و ما إن وقف على الباب الخلفي حتى اختفى النور. تحرك قليلا ففر جزء من نور الفانوس تحت إبطه وظهر ظهره المضيء للمرة الأولى، كأنه شيطان يمرق من نار سوداء حيث الإضاءة. كاد جسدي ينتفض وأنا ألمح وجه الحوذي للمرة الأولى، عند ذلك وجدتني أرتمي بجسدي الأثيري وأتبع خطوه كظله. الأنوار شحيحة . يمضي بقدميه بسرعة وكأنه يجوس في بيته الذي يحفظه عن ظهر قلب. أنكفئ أنا وأصطدم بسلالم من صخر. أخيرًا وقف أمام الرجل الأسود ذي الشارب الذي يخفي نصف وجهه وأخذه بالحضن و قال: عندك عيل صغير ميت؟ دعاه الرجل الذي لم أعرف اسمه بعد للدخول ، لكن يد عبد السلام أوقفت حركة قدميه وهو يفرج عن إصرار في عيونه وقال: "مش وقت عزومة يا مغيث رد علي". "لا ما عندناش حد". لحظة تغير فيها وجه عبد السلام ، رفع يده، وتحسس ما فوق القلب وقد احس بالانهزام .أضاف مغيث بسرعة بعد أن لمح وجه صاحبه "بس". ما إن خرجت من فم مغيث حتى تغير وجه الرجل. ظهرت ملامحه الآن تحت نور الفانوس أعلاه. حين تذكر كلمة بس فمعنى ذلك أنه توجد طرق أخرى، وحتما سيمسك بالجنيه الثاني بعد أن أصبح الأول تحت قلبه مع كرة الأفيون. يحتاج ذلك المبلغ كي لا يعمل شهرًا على الأقل. لا توجد فرص مفقودة إذًا يا عبد السلام، كما إن الاحتمالات الموازية للفقد ليس لها مكان. تماما كعدم وجود تخمينات. أفرج مغيث عما يخفيه. هناك في ترب المسلمين بقرية قريبة دفن طفل قبل غروب شمس اليوم. لم يعلم على وجه الدقة بماذا يرد على صاحبه .يعمل حانوتيًّا جوار عمله كتومرجي. ذا شارب أبيض قصير القامة غليظ الملامح، مجعد الشعر، شبيهًا برجل مرسوم على علبة الثقاب. لو كان هناك تليفون محمول لطلب الريس على الفور وسأله. لكنها أحداث مساء يوم من عام 1836 وبالتحديد بعد شهرين من إصدار العملة التي تنام تحت قلب الحائر عبد السلام. ضاعت كل آماله في الاحتفاظ بذلك الإصدار الذي ملك قلوب الناس. ها هو يمسك بحلم ظل يطارده منذ أشهر. ورغم أنه أتم عمليتين خلال الشهر، فإن المقابل كان بالعملة المعدنية المخرومة ذات الخمسة أبيض. ماذا يصنع الآن وابنه تحت كتفه. هل يفر بمبتغاه ويا دار ما دخلك شر ويكتفي به أم يذهب بنفسه إلى التهلكة ويعود الطريق الطويل ليسأل الريس الكبير ؟ عن حلول أخرى حتى ينتهي من تلك الشغلانة الغريبة. إن استطاع أن يفر منه اليوم فهو أبدا لن يفر من تحت يده في أجل الأيام. "هناك طفل مريض جدا وعلى وشك الموت في عنبر الحريم مع جدته الكبيرة". ضرب بيده على صدر صاحبه بسرعة وقال له: "أين هو؟" مضيا معا تحت الفانوس الكبير فبدا مغيث كالشبح المدور، وكانت أذناه تخرج منها خصلات من الشعر، توقف عند مدخل العنبر ومد عبد السلام مغيث يده داخل سيالته، وأخرج رأس دوم وقال لعبد السلام: "عليك بها ريثما أطمئن على الوضع العام. اِلبُدْهنا ولا تتحرك قبل أن أمنحك إشارة البدء". رفض عبد السلام ثمرة الدوم وهو يقول لصاحبه الحانوتي وشارب الحشيش: "لم يعد هناك أسنان لديَّ يا صديق. ولذلك دائما ما أجري وراء اللين كي أستطيع أن أمضغه، لكنني لا أستطيع أمرا إذا أصبت شيئا يابسا، فذلك شيء لم أسمع به". وطلب منه أن ينتهي بسرعة لأن الكارتة تقف بالخارج. أخرج من محفظته عشر قطع من الخمسة أبيض ودسهم في يد مغيث.

 

 

 

أخبار اخرى فى القسم