ما اعرفش لسَّا
البحر صاحب ولا ندل
بس اللي عارفه ..
إنه في هدوؤه بيبقى صالب طوله
ومستعد يخوض حروب الصامدين
ويموت عشانهم
يمكن ..
طيش المغامرة كل مرة يشدني للموج
فانشف واشد رحالي جهرًا للغويط
ما اعرفش لسَّا هل أنا بعد الهزيمة الممكنة
أو الانتصار المغري ع اليأس وشراهته
هاجمد واحافظ ع المبادئي وافضل بقلب
جميل بسيط؟
ولَّا هاخون طعم البراءة في القصايد
واغزل مشاعري برجل ديب على كل حيط؟
ما اعرفش حتى الرحلة دي رحلة وصول للعبقرية
وزهوة المجد الخرافي
ولَّا فجأة هالاقي وزري فوق كتافي
وهابقى كائن حنبلي / ساذج / عبيط؟!
يا ما كرهت البحر
ويا ما نددت بقساوته وظلمه قدام الجميع
يا ما فضلت كتير أزعق
وأقف قصاده بفتحة الصِّدر الغشيمة
باقول له ليه تاخد أبويَ بالشهور
وترجعه أعجز من الأول كمان؟!
ما فيش في ريحتك غير ألم
كإن عاجبك لهفتي وقت احتضاني لابويَ
وهو لسا في تعبه بهدوم السروح
يا مين يجيب كل السمك ويجمعه
ويسيبه تحت شِبَاك أبويَ ومركبه
أنا مش باخاف منك يا بحر
لكن باخاف من قسوتك
جايز حنيِّن
وساعات كتير بترجَّعه سالم وغانم
لكن كتير برضُه بتخفي بسمتك
وتبيِّن الناب الفولاذ
وترجعه كارهك وكاره سِكِّتك
وبيلعن اليوم اللي ساب فيه الزراعة
واختار يدوقك ..!
لا كنت يوم من زُمْرتك ولا هابقى يوم
لكن في قلبي الساحلي رِزق و غيوم
دقيقة ويمطَّر وريدي خير على كل البشر
ما انا برضُه مش بانسى الجِميل
مش بانسى فضل الغربة ع الواد المهندس
انت اللي دايمًا كنت تهجر
وكتير بتنسى العيِّلين المحتاجين خيرك
ما اعرفش لسَّا أبويَ جا لك غصب عنُّه ولاَّ كان
عنده حلول غيرك؟!
أول نصايحه ليَّ كانت :
"اوعي يكون بحرك مصيرك"
كتير سألت :
إزاي وصل خمسين سنة في البحر دا
ومُصرِّ دايمًا يعلن العصيان قصادي
ويذمُّه ويكرَّهني فيه؟!
يا بحر يا إفيه
بايخ ما لوش لازمة!
هل كان أبوك صياد في يوم؟
أو تعرف الأزمة؟!
طب كان جبل ..
بيعلم الخلق الهدوء وقت المرار؟
طب دُقت طعم الانكسار
لما ركبت الموج معاه
وشُفته واقف يوم لوحده
باصص بقلبه للسما
_ "يا رب ..
للواد حسن مش ليَّ
بلاش عينيه تدبل يارب
ما تكرَّهوش فيَّ
مش عايزه بس يحس يوم
بالحوجة وسط زمايله
الحوجة مرة وانت عارف
ذلة البحر وعمايله."
هل كان أبوك صياد يا بحر؟!!
أنا ابويَ عَبَّى الملح في عروقه والصبر في روحه
والدمع مات في عينيه!
ما اعرفش لسا ..
أنا باشتكي لك ولا أصلًا باشتكيك
ما اعرفش هل ينفع يكون عندك صحاب
ولاَّ قهرك واقتدارك ..
خلُّوك تعيش في الدنيا قاسي وعنجهي
و لا لك شريك؟!
ما اعرفش لسَّا ..
انت العدو في رحلتي ولا الصديق
يا أيها الندل / البريء
في ثانية تقلب ع الغلابة
وتبقى كائن مُفتري أعمى البصيرة
وفي ثانية تتحول حصيرة ..
مفروشة بالخير العتيق
أوقات يكون لونك غميق ..
وفجأة تظهر ع المدى صافي وتقي وشفَّاف
أنا مش باخاف منك يا بحر / أنا مش باخاف
أنا بس مش عارف ..
يا ترى لما اركبك هتروح بقلبي لحد فين؟
انت الأمان ولَّا الكمين ولَّا الحكاية كلها أرزاق؟
يا مين يا ناس ياخد بإيدي لمركبه ويعدي بيَّ
فاكتشف ..
هل انت نعمة أم بلاء؟
بس الحقيقة المنطقية في الحكاية
انك ما عندكش انتماء
بتحب تجري في كل ناحية ما لكش عادة
لا بتعترف بالجدعنة ولا بالظروف
فعلًا يا بحر انا باعترف إن انت بتحب الزيادة
وتحب كل الأغنيا
بتحابي ليهم كلهم
وبترمي طوب الشقيانين وتذلهم
عُذرًا يا خَلْق
البحر عندي لا صديق ولا عدو
البحر خاين للصداقة ما بيراعيش أوقات سكوني
وبرضُه أضعف قوي من إنه يستهلك عداوتي
لذا ..
لو عندي عُمر وربنا يسر لي أكتب فيه حكايتي
هاعيش معاه وهاعلِّمه معنى الفضيلة
البحر هو البحر دايمًا
لكن في نظري : البحر مش غاية وأمل
البحر في الآخر وسيلة
