الثلاثاء 14 مايو 2024 - 07:38 مساءً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 

الرئيسية ابداع الناقدة د.زينب العسال تكتب..القصة القصيرة جداً بين الفن والانزياح (1)

 

 
 

الناقدة د.زينب العسال تكتب..القصة القصيرة جداً بين الفن والانزياح (1)

  الاثنين 18 نوفمبر 2019 10:34 مساءً   




القصة القصيرة جدا بين الفن والانزياح  ..عنوان لدراسة مهمة أنجزتها الناقدة الكبيرة الكاتبة الدكتورة زينب العسال ويتناول هذا البحث فن القصة القصيرة كنوع أدبى، ظهر متأخراً عن الفنون السردية الأخرى، ومدى صلابته، أو مرونته، من حيث التفاعل.

تقول العسال في الجزء الول من الدراسة :كان مصطلح الانزياح حافزاً مهماً لظهور ألوان من القصة القصيرة جداً، كالقصة القصيرة الأمثولة، والقصة القصيرة الحلم، وأسطرة القصة القصيرة

يرى البعض أن عقد السبعينيات من القرن الفائت هو الوقت الذى ظهرت فيه هذه الكتابات الجديدة، بينما أرجع البعض ظهور القصة القصيرة جداً إلى جبران خليل جبران.

يعنى البحث بالقصة القصيرة وأثرها فى البنية السردية للقصة. أما الجزء التطبيقى فثمة تنويعات على القصة القصيرة جداً من خلال معطيات المبدعين، وأغلبهم كتب القصة القصيرة جداً من قبل أن يكتب الرواية، والبعض الآخر كتب الرواية، واتجه ـ فى نهايات حياته الإبداعية ـ إلى كتابة القصيرة جداً ( مثلاً: نجيب محفوظ فى " أحلام فترة النقاهة "). وجاء الاختيار لأعمال عدد من مبدعى الوطن العربى: نجيب محفوظ، زكريا تامر، مريم فرج، محمد خضير، محمد زفزاف، محمد المخزنجى، سلمى مطر سيف..

الاختيار ينطوى على ملاحظات: أولاها أن هناك ازدهاراً للقصة القصيرة جداً، فقد فرضت وجودها، وتجذرت فى تربة الإبداع، رغم ما ردده النقاد عن زمن الرواية الذى نعيشه.

أما الملاحظة الثانية فهى أن معظم القصص القصيرة جداً موضوع البحث إبداع ذكورى، وهو أمر تغيب عنه القصدية، حيث أن كتابات الباحثة تعنى ـ فى عمومها ـ بكتابات المرأة.

عنى البحث بالتعرف إلى طريقة كل مبدع فى كتابة القصة القصيرة جداً، وجاءت النتيجة أن فكرة الانزياح مستمرة، مع وجود المبدع الحقيقى الذى لا يلتزم التزاماً صارماً بالقواعد الكلاسيكية للفن القصصى، فالفن حرية، وهو ـ فى الوقت نفسه ـ المسعى الذى ينطلق إليه المبدع. صحيح أن الكاتب ينطلق من نقطة ثابتة، لكنه يحلق فى آفاق قوامها التخييل، ورفض القواعد الصارمة، ليعبر المبدع ـ من خلال فنه ـ عن لحظة حضارية فارقة.

القصة القصيرة جداً بين الفن والانزياح

تعد قضية النوع من أقدم قضايا الشعرية على حد قول تودوروف، فمنذ القدم، وحتى الآن، فتح تعريف الأنواع، وتعددها، والعلاقات المشتركة بينها، مجالاً للنقاش حول الأنواع الأدبية وجدواها، و" أصبحت الأسئلة التى تتردد فى النظرية الأدبية المعاصرة" : ما اللغة؟ وما الأدب؟ وما النوع الأدبى؟ وما المؤلف؟" إلخ (1). ليس فى النظرية الأدبية المعاصرة سعى نحو " تحديد" هذه المفاهيم، بل هناك سعى نحو خلخلة كل المفاهيم المستقرة، دون طرح بدائل " ثابتة "، كأن النظرية الأدبية " أصبحت تعمل ضد نفسها " (2).

يؤكد رينيه ويلك أن نظرية الأنواع لم تعد تحتل مكانة الصدارة فى الدراسات الأدبية فى هذا القرن. سبب ذلك أن " التمييز بين الأنواع الأدبية لم يعد ذا أهمية فى كتابات معظم كتاب عصرنا، فالحدود بينها تُعْبَر باستمرار، والأنواع تخلط أو تمزج، والقديم منها يترك أو يحوّر، وتخلق أنواع جديدة أخرى، إلى حد صار معه المفهوم نفسه موضع الشك " (3)، فمع الرومانسية نجد أن " مفهوم النوع الشعرى المحدد قد اختفى تقريباً، وغابت معه فكرة القواعد، وأصبح كل شاعر يطالب بالحرية قبل كل شيء،ويوجه ـ بعد ذلك ـ هذه الحرية وفق مزاجه الخاص"(4)

يناقش رشيد يحياوى جهود كل من كروتشه وبلانشو وبارت، الكتاب الثلاثة الذين ناقشوا نظرية الأنواع الأدبية، وتوصلوا ـ فى النهاية ـ إلى نفيها: كروتشه يربط بين دراسة الأنواع، وتبسيط الدراسة الأدبية. كما يقدم توجيها سيصبح ـ فيما بعد ـ من أسس نظرية الأنواع " أن تكون وصفية، إحصائية، وليست تعقيدية إلزامية" (5)

يلخص إيجلتون أطروحات كتاب " ما بعد البنيوية " فيقول" إن النص القابل للكتابة، عادة ما يكون نصاً حداثياً، ليس له معنى محدد ولا مدلولات مستقرة، لكنه متعدد ومشتت، أو مجرد من الدلالات، نسيج محبوك من الشفرات، ونتف الشفرات، مع ما أنتج من ملفوظات سابقة عليه، أو متزامنة أو مختلفة" ( 6)

النقد الحديث يحاول جاهداً " إبعاد نظرية النوع، مستبدلاً بها مصطلحات من قبيل" النص"، والكاتبة تتجنب التصنفيات النوعية عمداً. أما المبررات التى تقف وراء ذلك، فهى الاجتهاد فى إلغاء الهيراركيات التى تنتجها " الأنواع ، وتجنب الثبات المزعوم للأنواع والسلطة الاجتماعية، فضلاً عن السلطة الأدبية التى تمارس مثل هذه القيود، ورفض العناصر الاجتماعية والذاتية فى التصنيف" ( 7)

مع ذلك، فقد ناقش العديد من النقاد، من أمثال رالف كوهين فى مقالته " هل توجد أنواع ما بعد حداثية "؟، ونقاد ما بعد الحداثة، خاصة جوناثان كلرCuller ونموذجه الحداثى الافتراض القائل بأن النوع مجموعة من التوقعات بين القارئ والنص " (8). وفى نهاية المقال يؤكد رالف كوهين على وجوب الرجوع إلى البيئة الاجتماعية المشكلة لتلك الأنواع، وتكون ـ فى الوقت نفسه ـ جزءاً منها، حينئذ ستساعدنا دراسة النوع فى ربط المؤسسات والاقتصاديات بإنتاج النصوص، إذا سعينا إلى فهم تكرار أنواع معينة من الكتابة، عبر التاريخ، ورفض ـ أو تجنب ـ أنواع أخرى " (9)

يشير رشيد يحياوى إلى العلاقة بين كلمةGendar الفرنسية، وكلمةKind الإنجليزية، وفى معجم المصطلحات الأدبية الإنجليزى. ويقول فول ـ وهو من المتحمسين لأهمية هذا النوع الأدبى ـ فى نهاية كتابه " أنواع الأدب " " لقد تحدث بعض النقاد الممتازين عن الأدب نفسه، كما لو كان يتجه بعيداً عن النوع، لكن هذه ـ فى أحسن الأحوال ـ طريقة مضللة. ويعرض تودوروف فى مقالته " الأنواع الأدبية " ثلاث مشكلات، يجدها مرتبطة بالنوع الأدبى، وهى فرضية الاطراد بوصفها سمة من سمات النوع، فإن هذه الحقيقة العلمية العامة لا تنطبق على دراسة الأنواع. ويربط عبد المنعم تليمة تطور النوع الأدبى بتطور المجتمع  " إن المبدأ العام فى نشأة الأنواع، وتطورها، وفنائها فى غيرها، أو انقراضها، مؤسس على تطور المجتمعات نفسها، بمعنى أن كل مرحلة من مراحل تطور المجتمع يجسّد علاقاتها الجمالية بالعالم" (10)

وإذا كان كل النقاد على وعى بما يطرأ على النوع الأدبى من تغير، وانقلاب أحياناً، فإن البعض جعل من التغير سمة مميزة للنوع، باعتباره جزءاً من نسق أكبر للتغير والتطور الثقافى. ذلك ما يطالعنا فى كتابات الماركسيين والتاريخيين والفرويديين. وثمة نقاد آخرون يمثلهم الشكلانيون والبنيويون، عنوا بالبحث عن بعد ثابت فى النوع الأدبى، فاقتربوا من الحقائق العلمية " كان حلمهم هو العثور على اصطلاحات تتمتع بمصداقية أبدية، بحيث يقترب عملهم ـ حسب تصورهم ـ من العلم، ومن ثم فقد أهملوا ـ بطريقة ما ـ البعد المتغير من النوع، وركزوا على البعد الثابت .

 

أخبار اخرى فى القسم