الثلاثاء 21 مايو 2024 - 10:16 مساءً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 

الرئيسية تقارير أسعد سليم يكتب عن : "لا أحد هناك" المجموعة الفائزة بالتشجعية 2019

 

 
 

أسعد سليم يكتب عن : "لا أحد هناك" المجموعة الفائزة بالتشجعية 2019

  الأحد 02 فبراير 2020 10:59 مساءً   




مدرس للغة الإنجليزية، مولود بمدينة زراعية "دمنهور"، تغرّب منذ أكثر من اثنتى عشر عامًا في بلاد الصهد " الكويت"، ليعود لنا مقتحمًا فنًا روائيًا محل جدل، القصة القصيرة جدًا كانت ملهمته، فكتب منها ما يقارب المائة، وضمها بكتاب تحت عنوان "لا أحد هناك"، استبشرت به الهيئة المصرية العامة للكتاب خيرًا، فنشرته بإحدى إصداراتها، فإذ به يحقق المفاجأة الكبرى، ويفوز بجائزة الدولة التشجيعية لعام2109 م. "محمد الحدينى" صاحب أربع مجموعات قصصية وديوان شعرى وحيد، لكن منجزه في فن القصة القصيرة جدًا لا يبارى، زخات سردية بخيلة في عدد كلماتها لكنها شديدة الكرم في المعانى العميقة والرسائل الخفية التي تصل للمتلقى، وكأنها رباعية شعرية ذات أثر يدوم ويبقى، أوكلمات مأثورة ستخلد بالذهن من فرط عذوبتها وفلسفتها التي تصل للقلوب والعقول معًا [ أنتقى مقبرة جديدة كل مساء..أقف عندها: لأقرأ لساكنيها حكايات مبهجة بطلها حفار القبور ] مائة قصة قصيرة مكتوبة بلغة من التشاؤم، لكنه ليس ذلك التشاؤم الذى يجعلك تبغض حياتك آملًا في الفرار منها، بل تشاؤم يدعو إلى فرض حالة من التساؤلات الوجودية التي تنتابنا بين الفينة والأخرى، ونحن نقرأ تلك القصص القصيرة جدًا تباعًا يحدونا الأمل في أن نجد إجابة شافية لها، لكن الكاتب لا يشفى غليلنا، ولا يريح صدورنا، بل يزيد من مساحة التساؤلات التي لا نجد لها إجابة! [ أخرج من بيتى خلسة بمجرد توقف القصف..أذهب إلى المتحف المهجور..أفتح تابوتًا لمومياء غائبة..أتمدد داخله..أنام مبتسمًا، فبعد قليل سيزوروننى الأحياء.] وأحد مهام المبدع التي يغفلها الكثيرون هو قدرته على إثارة عقل القارئ لا مشاعره فقط، وأشهد أن " الحدينى" قد برع في ذلك أيما براعة. فإذا كان الاقتصاد اللغوى الذى تفرضه شروط فن القصة القصيرة جدًا على معتنقيها قد تعجز البعض عن إيصال فكرته بإيجاز، فإن المجموعة القصصية "لا أحد هناك" قد تجاوزت تلك المعضلة بدرجة كبيرة، مؤمنة أن ما لا يقال أحيانًا أخطر مما يقال، وأن ما يستنبطه المتلقى من خفايا وخبايا جمل قليلة قد يكون عظيم الأثر والتأثير.[ في المتحف الوطنى، أعطيت أحدهم الكاميرا، وطلبت منه أن يلتقط لى صورة.. وبينما كنت واقفًا، بادرنى تمثال يجاورنى هامسًا بسخرية: ظننتك حقيقيًا!!] ولست مع النظرية القائلة بأن فن القصة القصيرة جدًا هو إعلان صريح بموت القارئ، استنادًا على فكرة عدم قدرته على تفكيك بنية النص والمشاركة الفعالة مع الكاتب في إعادة البناء والفهم، فالحدينى استطاع برشاقة كلماته وبعمق أفكاره أن يثير عاصفة من الأسئلة لدى القارئ جعلته في حالة تناص مع المؤلف في بعض أفكاره. [ ضاق سكان المدينة ذرعًا بذلك الشريد.. الكاميرات المثبتة في كل مكان ترصده يوميًا.. لم يكن يسرق أو يتآمر.. فقط كان، والناس نيام، يرسم بالطبشور على جدران المباني أبوابًا ونوافذ. ] عالم الماورائيات فتح أبوابه لعقل الكاتب فنقل إلينا بعض نفحاته، وغرائب البدايات والنهايات كانت لوحته التي خطها بقلمه القصصى البديع، وأجواء من أكوان موازية شعرنا أننا انتقلنا اليها بسرده السريع الأخاذ، وحكايات تعلق بالذاكرة من فرط عذوبتها أو حتى قسوتها! [ في الجريدة اليومية نشرت إعلانًا لبيع منزلى.. جاءنى زبون طالبًا المعاينة.. كان ردى: "لا أملك مفتاحه". ] " لا أحد هناك" بالفعل يا "حدينى"، كلنا هنا، نعيش أحلامنا وأيامنا وأفراحنا، أتراحنا هزائمنا وانكساراتنا، حياتنا الملبدة بالغيوم والعواصف، جئت إلينا فأحلتها إلى سحر وغموض، وأسئلة أبدية بلا أجوبة!

 

أخبار اخرى فى القسم