السبت 20 أبريل 2024 - 07:19 صباحاً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 

الرئيسية قضايا حاتم الجوهري يفند دعاوى الاستلاب للصهيونية عند مراد وهبة

 

 
 

حاتم الجوهري يفند دعاوى الاستلاب للصهيونية عند مراد وهبة

  الأحد 23 أغسطس 2020 04:33 مساءً    الكاتب : زينب عيسي




في دراسة صدرت مؤخرا عن مجلة ميريت في شهر أبريل، بعنوان: الاستلاب للصهيونية والآخر في خطاب مراد وهبة (مقاربة نقدية)، يفند د.حاتم الجوهري المرجعيات الفلسفية التي يستند إليها د.مراد وهبة في خطابه الذي قدمه دعما لصفقة القرن، ومشروعها للاستحواذ على مدينة القدس والمقدسات العربية الإسلامية بها بما فيها "المسجد الأقصى".

تكمن أهمية – كما يقول الجوهري في مقدمتها- في أنها تناول الموضوع من جهة أنها ترى أنه ليس ظاهرة أو خطابًا فرديًّا ساقته الصدفة، بل تراه جزءًا من "نمط سياسي" يجرى اختبار رد فعله في المجال العام من قبل البعض؛ لاستكشاف إمكانية اعتماده وتطبيقه وطرحه على الإدارة السياسية المصرية والجماهير العربية، ليكون بديلًا سياسيًّا مقترحًا ليبرر الهزيمة والخضوع للآخر الصهيوني.

من ثم وقفت الدراسة على تصريحات مراد وهبة ورجعت للمصادر الأخرى عنده، التي تمثلت في مقالاته الصحفية وكتبه المؤلفة وحواراته المنشورة، وقارنت ملابسات ظهور تلك التصريحات بمثيلتها التي ظهرت منذ فترة قريبة عند د. يوسف زيدان (الذي تناوله الجوهري أيضا في دراسة صدرت هذا الشهر)، وكذلك د.سعد الدين إبراهيم -الأكاديمي المعروف أيضًا- وغيرهما. وافترضت الدراسة أن تلك التصريحات في جملتها وسياقها تمثل "نمطًا" سياسيًّا جديدًا، أسمته خطاب "الاستلاب" للآخر الغربي بتمثلاته المتعددة، متبعة منهج "التحليل النقدي الثقافي" -من ضمن مناهج عدة قاربتها- لاستكشاف النسق المضمر وراء هذا النمط؛ لتربط ظهور خطاب "الاستلاب" بظهور صفقة القرن وضغوطها على الإدارة السياسية المصرية الجديدة، من ثم كان خطاب "الاستلاب" نمطًا سياسيًّا تحت الاختبار لجس نبض الجماهير لقبول بنود الصفقة أو تمريرها مرحليًّا، خاصة فيما يخص القدس والتطبيع، باعتبار أن خطاب الاستلاب سيكون نمطًا سياسيًّا رخيص التكلفة السياسية في وقت حرج للغاية لمصر، تتعرض فيه لضغوط من الجنوب بملف سد النهضة، ومن الغرب أيضًا بملف ليبيا وتسخينه.

هذا وتضع الدراسة تعريفًا لخطاب الاستلاب ومقاربته بمعناه الذي هو: حالة رفض "مستودع هوية" الذات العربية بطبقاته التاريخية المتعددة المتراكمة والدعوة للانسلاخ عنه، واعتبار الذات العربية ذاتًا عاجزة فاقدة للأهلية الذاتية غير قادرة على توليد لحظة تحديث مفصلية نابعة من سياقها الخاص، من ثم يدعو هذا الخطاب لضرورة إلحاق الذات العربية بالآخر الغربي العلماني بوصفه الوسيلة الوحيدة والمطلقة ومقدسة للتغيير والعبور للمستقبل، متخذًا هذا الخطاب من مصطلح الأصولية وفرق الدين السياسي تمثلًا وحيدًا، وتكأة تبرر حكمه المطلق بفساد الذات العربية كلية. ويمكن كذلك تعريف خطاب الاستلاب والوعي بتطوره وظهوره عند د.مراد وهبة بمقارنته بما قبله أو بما قبل ظهور صفقة القرن، حيث أنه قبل هذه المرحلة كان خطاب د.مراد وهبة العام يتحدث عن موقف سلبي من الأصولية في العموم والانتصار للحظة العلمانية الأوربية في الخصوص، وكان مع فكرة السلام والمفاوضات والتطبيع مع الصهيونية انطلاقا مما سبق، لكنه لم يستخدم ويطور هذا الخطاب الواضح القائم على إلحاق الذات العربية بالآخر والاستلاب التام له، والقول بفساد الذات العربية وقصورها والدعوة للانسلاخ عنها صراحة، إلا مؤخرا وفي سياق ظهور صفقة القرن، ومن خلال وتقديم الظهير المعرفي والتبيرير النظري لها أمام الناس والرأي العام، ومن ثم فإن خطاب إلحاق الذات العربية بالآخر الصهيوني والقول بعجزها الوجودي كحكم مطلق، والدعوة للاستلاب للآخر تماما والانسلاخ عنها صراحة لم يظهر إلا مع صفقة القرن وبنودها (ظهر في البداية عند وسف زيدان مع الظهور المبكر لصفقة القرن في حملة دوانالد ترامب الانتخابية أواخر عام 2015).

كما ترصد الدراسة البناء النظري الذي يستخدمه مراد وهبة لتبرير خطاب الاستلاب، وقدمت له النقد مستندة للمراجع والأنساق الغربية ذاتها التي تجاوزت مرحلة تقديس العلمانية وأسطرتها، كما نقدت التمثل النظري الرئيس الذي يطرحه مراد وهبة للذات العربية و"التنخيب الزائف" و"خلق التناقضات" وإدارتها، ما بين خياري: الأصولية أو العلمانية، مبينة وجود تمثلات جديدة خرجت تحديدًا مع مشروع الثورات العربية التي انطلقت في القرن الحادي والعشرين، والتي تسعى لتقديم خطاب جديد ينطلق من لحظته التاريخية المفصلية، ويتجاوز تناقضات اليمين واليسار العربيين.

وجاءت الدراسة في ثلاثة مباحث، هي أولًا: المدخل المعرفي والسياق التاريخي لخطاب الاستلاب، ويتكون من: الموقف من الغرب والمسألة الأوربية حتى القرن الماضي، صفقة القرن الجديد وظهور خطاب تيار الاستلاب المباشر، الإطار الفلسفي من مناهج الاستشراق إلى كليات الاستلاب والإلحاق، مقاربة "الأصولي والعلماني" عند مراد وهبة وعجز كُلياتها عن استشراف التحول. ثانيًا: مراد وهبة ومتلازمة الاستلاب للآخر / الانسلاخ عن الذات؛ ويتكون من: الاستلاب وضرورة الاستعمار/ الآخر/ المنقذ/ السيد/ الأعلى، مقاربته لإسرائيل كمستعمر وحل العلمانية ومشكلة الصراع ، الدعوة لاستبدال هوية الذات العربية باعتبارها قاصرة/ عاجزة، حتمية مصير الذات العربية القاصرة بين الاستبداد والاستعمار. ثالثًا: في المسار المقارن والسياسي لمراد وهبة وتيار الاستلاب؛ ويتكون من: العداء لمفصلية "آنية الذات العربية" بين الأصولي والعلماني، أزمة الأصولية والعلمانية و"إزاحة الذات" بين التاريخ أو الجغرافيا، تهميش ثورة الذات العربية لصالح نظرية الذات الأعلى والاستلاب ، في نمط "خلق التناقضات" والتوظيف السياسي لمراد وهبة وتيار "الاستلاب".

وفي ختام الدراسة يقول الجوهري يطرح خطاب مراد وهبة في ثناياه سؤالا ملحا ومعضلا وإشكاليا للغاية، وهو مربط الفرس أمام العلمانيين العرب ليبراليون كانوا أو ماركسيون؛ وهو ماذا إذا جاءت لحظة تغيير مفصلية في السياق العربي أو أي سياق إنساني آخر، لكنها تتجاوز كل مفاهيم صراعهم التاريخي مع اليمين (العربي) ومركزية النموذج الأوربي! ماذا إذا كان طريق الذات العربية للمستقبل يتجاوز لحظة المسألة الأوربية ومفصليتها ومساراتها التي تحولت إلى مقدس جديد/ أسطوري عندهم، ويسعى هذا الطريق إلى شق مسار خاص به وينحت من المفاهيم الجديدة ما يناسب ظرفيته وآنيته! هل سيتحول التيار العلماني العربي إلى فكرة الاستلاب -ومتلازماته النفسية- والتأكيد عليها ومحاولة لي عنق الوقائع والسياق ليلبسها قسرا الثوب الأوربي الجاهز؟ أم سيكون بعض رجاله من الشجاعة والوعي لاستيعاب حقيقة أن النماذج البشرية ليست مقدسة وأنها بنت ظرفيتها، وأن كل حاضنة بشرية وفق مستودع هويتها الخاص سنتتج النموذج الخاص بها، وأنه ليس من حق أحد أن يوقف التاريخ عنده!

 

أخبار اخرى فى القسم