حوار مع عمل فني أحببته ماذا تفعل لوأنك تقابلت مع إنسان إنجذبت إليه من أول وهلة وسمحت لك الظروف بتبادل الحديث معه..!؟ بالطبع إنك ستحاول التعرف عليه وقد يتطلبُ هذا منك بذل مجهود سواء بتبادل الآراء بينكما أوالتحدث في مواضيع عامة إلى أن يحدث تلاقي فكري بينكما وفي تلك اللحظة قد يتحول الحديث فيصبح نوعاً ما أكثرعمقاً ومن ثَمَ تقتربا شيئاً فشيئاً من فهم شخصية كل منكما في محاولة لإكتشاف بعض الجوانب المستترة بداخل أعماقه والتي لن يفصح عنها إلا لمن سمح له بذلك واطمأن بشكل كبير له واحياناً لا يحدث من أول محادثة بل يتطلب لحدوث ذلك مرات عديدة.. لأول مرة أنك تقف أمام عمل فني..!؟ هل ستحكم عليه من أول نظرة ؟ أم أنك ستنظر إليه نظرة متأنية محاولاً اكتشاف الجوانب الخفية والمستترة داخل العمل الفني، فهو لا يبوح لك بأسراره إلا إذا جاهدت نفسك لمعرفة أسراره وخفاياها بنظرة متأملة تجعلك تعبر حدود الزمان والمكان لتستشف ما فيه من جوانب غامضة. ذات يوم سُئِلَ مايكل أنجلو فيما روي عنه فى ختام حياته: " إلى أين تمضى هكذا سريعاً وقد غطت الثلوج شوارع المدينة ؟ " فما كان منه إلا أن أجاب بقوله: " إنني ذاهب إلى المدرسة، فلابد لي من أن أحاول تعلم شئ قبل أن يفوت الأوان..! ". Michelangelo وأعتقد أن مايكل أنجلو بخبرته كفنان له فلسفته الفنية الخاصة ويعرف أنه ليس من طبيعة التذوق الفنى والجمالى السرعة والإندفاع وإنما التأني والصبر والمثابرة في كل مرة تنظرإلى العمل الفني تكتشف سراً وجانباً آخرقد غاب عنك في المرات السابقة، وبالطبع هذه الجوانب وتلك الأسرار لا تخفى على فنان مثل مايكل أنجلو، ولكن لفظ السرعة عنده المقصود به هو نفسه لأنه كان يريد الإلمام بكل جوانب الفن وكأنه فى سباق مع الزمن لكى ينهل من الفن بقدر المستطاع. Madonna of the Steps (1490-1492) Michelangelo إن أردت دخول مسابقة ما في أي مجال من مجالات الحياة فعليك بالسرعة والإلتزام حيث أن لطبيعة المسابقات وقت محدد تبدأ ثم تنتهي إذن السرعة هنا مطلوبة، أما في مجال الفن فلابد لك أن تعود إلى العمل الفني مرة تلوالأخرى تقترب منه وتبتعد عنه، تراه وتسمعه وتشعر به فإن أحببته سيبوح لك بأسرار لم يعرفها أحد سواك. لكن هناك سؤال يطرح نفسه.. عن ماهية هذا الشئ الساحر الذي قد يأخذكَ إلى عالم آخر ملئ بالسحر والجمال.. ما هو الفن؟ الحقيقة لو أنك سألت مجموعة من الأشخاص العاديين عن" مفهوم الفن لديه؟،، أول إجابة ستسمعها.. " الفن هو التمثيل والمسرح والموسيقى والغناء.." وستجد أن أكثر من %75 من وسائل الإعلام والإتصال والسوشيال ميديا عموماً ليس لها حديث إلا عن هذه النوعيات من الفن.. ممثلين ومخرجين ومطربين سواء عن اعمالهم أو حياتهم وخططهم المستقبلية.. معظم المثقفين أيضاً يرون أن الفن يقتصر على الفنون البصرية أي التي تراها بعينيك كاللوحات التصويرية والنحت،.. ويغيب عن أذهانهم أن الفنون منها المرئية والمسموعة أيضاً.. الشعر مثلاً ذلك الفن الراقي إن حَسٌنَ لفظه وطريقة إلقاءه وسما الهدف منه. هناك البارعون فى فن التصوير بمختلف أنواعه سواء بالألوان الزيتية، الفحم، الرصاص، الأكريليك أوالباستيل وخامات أخرى متعددة مستخدمة فى فن التصوير.. وآخرون بارعون في أخذ لقطات تصويرية بالكاميرا بإمكانها أن تروي لك حكايات وتقول لك أشياء كثيرة.. ترى من خلال صورة ما يمكن أن ترويه قصة مكتملة الأركان، وهناك فناني العمارة والنحت وفن الجرافيك والحفر بشتى أنواعه.. حفرعلى الزنك، النحاس، اللينو، الحجر والخشب وأنواع أخرى من الخامات استحدثها فنانوا الجرافيك لإظهارتصميماتهم وأعمالهم الجميلة المتميزة بمطبوعات متعددة النسخ لعمل فني واحد، ولا يقتصر فن الجرافيك على التصميم والحفر ولكن يشمل أيضاً فنون الكتاب والرسوم المتحركة والفنون البصرية وفنون الدعاية والإخراج الصحفي. إن لفظ الفن يُطلق في العموم على الشئ المتقن والمميز وسنجد أننا تقريباً نُحصيه فى شتى مجالات حياتنا مثلاً.. وهناك فن إكتساب الأصدقاء، فن الحرب، فن السياسة، فن الحب، فن الصحافة والإذاعة.. فن إقامة وإعداد المعارض بشتى انواعها سواء المعارض الفنية أو غيرها من المعارض بكل ما تحتويه من معروضات تُصلح للعرض على الجمهور، إلى جانب فنون ديكور المسرح والسينما والتليفزيون وفنون الأدب كفن كتابة القصة والرواية ، وفن صناعة الأواني الخزفية والفخارية،.. إذن لفظ فن جامع شامل لأشياء حياتية كثيرة قد نستخدمها يومياُ، وكل من لديه مهارة معينة لفعل شئ واتقانه باحترافية عالية واظهار جمالياته يُسمى فنانا، ومن منطلق هذا يتضح أن لفظ فن وفنان تعني في الشمول والعموم كل شئ جميل متقن مبدع. وسوف تتساءل.. ما كل هذا الكم من الفنون التي لاحصرلها والتي بالطبع تندرج تحت مسميات المهارة البشرية..!؟ وستشعرأن الدائرة تتسع أمامك فهي مرة فنون حسية وبصرية وتارة أخرى فنون نفعية بمعنى أنها تُصنع لينتفع بها الناس ويستخدمونها في حياتهم اليومية، وفنون تطبيقية وأخرى عملية مكانية تجسيمية وثالثة رمزية فنية وجمالية كالأدب والشعر، والموسيقى والرسم. ومن هنا نستطيع القول بأن الفن يأتي فيعطي حقيقة للأشياء بقدر ما تطبع أثراً في مشاعر وخيال كل من له القدرة على تذوقه، إن الفن يحاول بل ويصر أحياناً في تقديم الخاصية الواضحة لماهية الوجود بكل ما فيه من حس وشعور ومن تفاوت لوني يتأجج حوله... وللحديث بقية ...