الخميس 18 أبريل 2024 - 09:03 مساءً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 

الرئيسية ابداع محمد ناجي المنشاوي يكتب:سعيد اللاوندي المفكر الذي لايموت

 

 
 

محمد ناجي المنشاوي يكتب:سعيد اللاوندي المفكر الذي لايموت

  السبت 10 أكتوبر 2020 03:54 مساءً   




في حياتنا الثقافية  الكثيرون  الذين مُنِحُوا صك المثقف لأسباب متعددة ليس من بينها على وجه الإطلاق كون صاحبها مثقفا حقا  وإنما هو   من  ذوي  الحظوة   التي فتحت له  شلة ما الباب واسعا إليها  وليكمل بعد ذلك  مشوار  الترقي  بما يمتلك  من مواهب  التسلق والتملق      وأسرار صناعة الفساد.  وفي ذات الوقت لدينا قلة قليلة من المثقفين من العيار الثقيل من أصحاب الأقلام الشريفة والنبيلة والمناضلة والصامدة علي الخطوط الأولي من جبهات المواجهة و على رأسهم  المفكر العربي ا لعربي الكبير  الدكتور سعيد  اللاوندي الذي رحل عن دنيانا الفانية في   ١٠/١١ من عام ٢٠١٩ تاركا للمكتبة العربية قرابة أربعين كتابا ومئات  المقالات والأحاديث التليفزيونية، مشاركا ومعلقا ومحللا للأحداث  السياسية    وتميز بقوة التحليل وعمقه والقدرة الفائقة على التنبؤ بالأحداث والوقائع إذ كان أستاذا  لمادة العلاقات الدولية  ومحاضرا في الجامعات المصرية كما كان يعمل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عاش في باريس سنوات طويلة خبر فيها المجتمع الفرنسي الذي غاص في أعماقه وتأمل دروبه ومسالكه وشعبه  وهضم الثقافة الفرنسية هضما وتشبع منهأ ولكنه لم يتفرنس  ولم يتفرنج رغم مجالسته لكبار الفلاسفة والمفكرين الفرنسييين، كان  اللاوندي متسقا مع ذاته وقضايا أمته المصيرية ومؤمنا بثقافته العربية مسكونا بمصر ومتيما بالعروبة والحضارة الإسلامية،وصاحب ولم  يركن إلى جيتوية ضيقة ولا نزعة شيفونية متعالية وهو ابن القرية المصرية عاش صباه وريعان شبابه بين شوارع القرية وحاراتها وأزقتها وجلس على مصاطبها، ونعم باللعب علي شواطئ ترعتها واستمتع بألحان سواقيها في الليل وأغاني الفلاحين في الحقول ومواسم الحصاد  عرف عادات القرية وتقاليدها فلم ينفصل عنها ولم يتمرد عليها ككثير من المثقفين  .دامت زياراته وتواصله مع قريته (عزبة المهندس/شربين /المنصورة) ولا أقول (الدقهلية) احتراما لأستاذي   الراحل الدكتور سعيد اللاوندي فقد ظل يحلم بتغيير اسم محافظة الدقهلية إلى اسم المنصورة التي كان شديد الولع بها وفي عام 2017  أصدر اللاوندي كتابه الخطير (تهافت المثقفين) ليدق به نواقيس الخطر ويطلق من خلاله صفارات الإنذار للمثقفين  المصريين والعرب على السواء  بعد أن تبين له البؤس الذي عض مثقفينا بنابه  فنعى حال الثقافة المصرية وطرح سؤاله المهم في جرأة شديدة ولم يبال بأولئك الذين ملأوا مصر ضجيجا بثقافة واهمة لاتحقق بحال من الأحوال أشواق الجماهير العريضة  إنه سؤال اللحظة الراهنة والفاصلة والحرجة في تاريخ الثقافة المصرية والعربية فسأل قائلا  : لماذا لم يعد يظهر في مصر المحروسة رواد ومفكرون  بحجم  قامات  الطهطاوي ومحمد عبده  والعقاد وطه حسين  ولماذا أقفرت أرض الكنانة وتركتنا نبكي على اللبن المسكوب؟ ويرى اللاوندي محددا دور المثقف الحق  :  ( أن مثقف  اليوم رغم  ضآلة  حجمه  وتأتيره فقد فقد دوره التنويري  أو التحذيري  والتحم عن عمد بالنخبة  الحاكمة  واقتصر  دوره  على التبرير  أو الدفاع  ونسي أو لعله تناسى  أن مهمته (هي إزعاج  الجميع  وليس طمأنتهم والربت  على أكتافهم  )  ويكشف اللاوندي عن تقرير حديث  لمنظمة اليونسكو يشير إلى خيبتنا.العربية يقرر أن ماتطبعه دور النشر العربية مجتمعة لايصل إلى نصف ماتنشره إسرائيل ويقول التقرير إن كل 300 ألف عربي يقرءون كتابا واحدا في العام،، وينعي اللاوندي الدور المخجل الذي تدير بها وزارة الثقافة الثقافة المصرية ووزيرها (يقصد فاروق حسني) والذي لازالت وزارة الثقافة بوزيرتها الحالية تنتهج نفس الإدارة فيقول اللاوندي رحمه الله (المؤلم أن الحصاد النهائي لعقدين ونيف من الزمان كان ولايزال له طعم  الحنظل في الفم فالريادة الثقافية المصرية قد تم الإجهاز عليها مع سبق الإصرار والترصد والحس العروبي الذي كانت تجسده مصر في ثقافتها العربية والإسلامية ضاق وغاب ولم يعد منه إلا أطلال وحطام وانغلقت مصر على ذاتها)  ويقول أيضا (أن الأخطر من كل ذلك أن المثقفين المصريين نجحت وزارة ثقافتهم في تدجينهم.  .  .   .وبدا خطابهم الثقافي مملا ومكررا وعدميا.لأنه من الألف  إلى الياء خطاب للإشادة وكان طبيعيا أن نجد أنفسنا أمام  مثقفين « كالخصيان»  تنكروا لرسالتهم  الثورية والتنويرية) ويبلغ غضب المفكر النبيل سعيد اللاوندي ذروته حين يقول في شجاعة نادرة (أن النفر من هؤلاء المثقفين الذين وقعوا ذات يوم وثيقة نشرتها الصحف في أعقاب جريمة محرقة مسرح بني سويف يطالبون ببقاء الوزير (فاروق حسني) في موقعه أقول أن هؤلاء يمثلون اليوم وغدا وبعد غد  رمز الاستكانة والخنوع بل رمز الخيانة لأنهم خانوا الثقافة وضربوا بدور المثقف عرض الحائط  ) هكذا كشف اللاوندي  بوضوح ودون مواربة أو مهادنة عن الوجه القبيح للمثقفين المصريين الذين كانوا يلتفون حول وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني وهؤلاء النفر منهم الذين مازالوا يقبعون في مقاعدهم بوزارة الثقافة حتى اللحظة الراهنة لأنهم يعيشون حيث توجد (السبوبة والاسترزاق)  ويصف اللاوندب مثقفي هذا الزمان بأنهم وبسبب تدجينهم الوزاري المتواصل والمستمر أصبحوا أشباه  في  الثقافة الوطنية والوعي  وهم في كل الأحوال  آثمون) وللمفكر سعيد اللاوندي موقف رائع نحو حوار الحضارات أقصد  (الحوار العربي /الأوربي) فيرى أن الحوار مع الآخر يجب أن يسبقه حوار مع الأنا  ويصف اللاوندي الحوار مع الأنا أشبه بالعنقاء التي نسمع عنها ولانراها ويخلص اللاوندي إلى رأي فاصل لمفكر عاش في قلب وعمق الثقافة الأوربية والتي تمثل فرنسا كعبتها  فيقرر أن حوار الحضارات قد ولد ميتا بسبب منطق الصدام الذي تسعي إلى فرضه القوى الكبرى وبسبب إصرارها على نفي الآخر والتعامل معه (بدونية) ثم بسبب غياب الحوار مع الذات،  إن مشروع الدكتورالمفكر سعيد اللاوندي  مشروع فكري وطني ضخم يحتاج إلي قراءات متعددة لصالح الوطن وقبل كل ذلك أن تقوم مؤسسات الدولة بإعادة طبع كتبه الكثيرة التي حسب معلوماتي قد طبعها جميعا أومعظمها على نفقته الخاصة  .

 

أخبار اخرى فى القسم