الجمعة 26 أبريل 2024 - 10:55 مساءً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 

الرئيسية الرئيسية المسافر د. بهاء عبد المجيد يكتب ل افريكانو " شبرا اللي كانت"

 

  إعادة اخر ما كتب
 

المسافر د. بهاء عبد المجيد يكتب ل افريكانو " شبرا اللي كانت"

  الأربعاء 16 ديسمبر 2020 11:00 مساءً   




بقلم د. بهاء عبد المجيد روائى استاذ الادب الانجليزى بجامعة عين شمس شبرا التى تربيت فيها اختلفت تقريبا عن الموجودة الان ليس فقط فى الجعرافيا و تغير شكل المكان و لكن ايضا فى السلوك الاجتماعى و ثقافة السكان . تقع شبرا فى شمال القاهرة و ممتدة على شاطىء النيل و هذا ما اعطها فرصة للتمركز السكانى كما انها تقترب من الطريق الزراعى القادم من الاسكندرية و بالتالى جعلها استراحة اولى للقادم و الغادى كما انها تقترب من سككك حديد مصر و تعتبر فى و سط القاهرة خيث تقع بين القاهرة الخديوية و القاهرة الريفية واثناء حكم محمد على باشا أصبحت منتزه الامراء و الاثرياء حيث بنوا قصورهم و بيوتهم بجوار النيل فى شبرا الخيمة و المظلات . ونظرا لثراء سكان شبرا من الطبقة الحاكمة انتشر التعليم فى شبرا و ايضا نتيجة انتشار المدارس الاجنبية و الارسالية و التبشيرية الكثيرة التى جاءت مع الفرنسيين و لالانجليز و الامن و الجريك فى ارجاء شبرا و بالتالى خلق و عى اجتماعى و فكرى فى المنطقة .أصبحت شبرا جاذبة للوجود الاجنبى فعاش فيها المغتربين من اجانب و مصريين جنبا الى جنب فى تناغم و خاصة فى الستينات و السبعينات و لكن بقدوم الثمانيات و ظهور المد الطائفى المتعلق بالتطرف الدينى (الثالوثى ) اسلامى مسيحى يهودى بدأ التفتت و الصراع المجتمعى فى الظهور مما أدى الى الصراع العرقى و الاثينى و النعرات الطائفية و أحيانا العنف الطائفى و لعل كتابات فرج فودة عن الطائفية و جذورها و التى أدت الى إغتياله فى النهاية بسبب تحمسه لاظهار الجانب العنيف للواقع الطائفى فإهدرت الجماعة الاسلامية دمه بفتوى من عمر عبد الرحمن لانه مرتد و تم اغتياله فى عيد الاضحى عام 1992. كانت شبرا رمز للتسامح الطائفى رغم المناغصات الطائفية التى يمر بها المجتمع المصرى فى الثلاث عقود الاخيرة و لم تشهد شبرا طوال وجودها الا القليل من المشدات الكلامية او الحوادث الفردية فهى تختلف عن الزاوية الحمراء او عين شمس و ما حدث فى كنيسة القديسين او الانبا بولس او التفجيرات التى حدثت فى طنطا و الاسكندرية مؤخرا تنبأ بأن المجتمع الاسلامى المسيحى فى طريق منعرج نحو العنف و عدم التسامح . الوعى المجتمع لديه دور فى رصد ما يحدث من تغيرات داخل المجتمع و لعل القراءة المتفحصة للادب و الدراما من الممكن ان يساعد و ايضا الرصد المجتمعى فى الكشف عن تغيرات فى الافق سواء نحو الانسداد او الانفتاح .فرصد العلاقة مع الاخر سواء اجنبى -غربى أو مصرى مسيحى قبطى كان مادة خصبة فى الادب بدأ من نجيب محفوظ فى الثلاثية او فتحى غانم فى فتاة من شبرا أو نعيم صبرى فى روايته شبرا او سيد الوكيل شارع بوسادة أو روايتى سانت تريزا 2001و التى صدرت عن دار شرقيا ثم دار أكتب عام 2015 طبعة ثالثة بعد طبعة ثانية من الدار 2008. . أهتم نجيب محفوظ منذ بدايته بتمثيل شبرا كفراغ روائى فقدمها فى روايته المأسوية بداية و نهاية حيث رصد صعود وسقوط عائلة مصرية بعد فقد عائلها و كيف تدهورت حالتها و كيف انتهت بموت نفيسة ضحية فقرها ورغبتها و دمامتها .أما فى فتاة من شبرا حاول فتحى غانم أن يصور حياة الاجنبيات فى مصر من خلال فتاة ايطالية و تصوير حياتها فى فترة الملك و من خلالها عكس الواقع الاجتماعى الموجود فى شبرا .و كتب الدكتور محمد عفيفى كتابا صدر مؤخرا من الهيئة العامة كتابا يتحدث فيه عن شبرا يسمى شبرا اسكندرية صغيرة فى القاهرة وفيه يوضح تاريخ شبرا من منطلق اجتماعى و شخصى . ظلت شبرا فى ضمير المصريين رمزا للتسامح الدينى و نموذج يحتذى به و قارب النجاة وقت الازمات و ذلك عند أرتفاع نبرة الطائفية أو تقسيم المجتمع المصرى على أساس من العرقية أو الاختلاف الدينى لدرجة انه عندما حاول البعض اشعال الفتنة الطائفية كانت دائما شبرا رمزا للوحدة الوطنية وسدا منيعا ضد أى محاولة للتفريق بين قطبى الامة . حاول نجيب محفوظ فى ثلاثيته الخالدة بين القصريين قصر الشوق و السكرية ان يقدم هذا النموذج الانسانى الفريد بين أقباط مصر و مسلميها ووحدتهم أمام الاستعمار الانجليزى و محاولة التخلص من الهيمنة الغربية فكان رمز الهلال مع الصليب فى درء أى تدخل أجنبى فى شئون مصرو الشرارة التى ألهمت أحرار مصر لقيمة الوحدة الوطنية و عدم استخدام موضوع الطائفية كفتيل يلهب وحدة الامة المصرية و منعها من الحصول على استقلالها وحريتها. شبرا كانت و لا تزال ملهمة لكثير من الادباء و الفنانين فهذا يوسف وهبى عاش فى شبرا و مديحة يسرى و داليدا التى ولدت فى شارع الخماروية و محرم وفؤاد و على الكسار و يوسف السباعى الذى درس فى مدرسة التوفيقية و ايضا يوسف وهبى و سيمون و أيضا صلاح جاهين الذى كان جده أحمد حلمى الذى سمى الشارع بأسمه و كثير من العلماء تخرجوا من مدارسها العديدة مثل مدرسة التوفيقة و العهد الجديد و ناصر الثانوية و الامل الخاصة و مدرسة الراعى الصالح للفنيات و ماريا اوزليا و غيرها من المدارس العديدة و مدرسة أحمد عرابى الابتدائية و مدرسة سعد أبن أبى وقاص و مدرسة النيل و روض الفرج و شبرا الثانوية بنات وهى من المدارس التى أهتمت بتربية الفتيات هذا ألى جانب المؤسسات الثفافية من مراكز ثقافية و مدارس ليلية لتعليم اللغات و الموسيقى و التمثيل و ملاجىء أيتام . و لكن الاشياء تتغير فتحولت شبرا البسيطة بفعل العولمة الى شوارع مزدحمة ببشر من كل الاماكن و باتت الفترينات مكتزة ببضائع مستوردة من كل ارجاء المعمورة وخاصة فى شارع خلوصى و شارع شبرا و بات مكادونلدز و كنتاكى و غيرهم من المطاع الغربية منتشر هناك و هدمت دور السينما مثل شبرا بلاس و التحرير و النزهة و غيرها و حل محلها عمارات مرتفعة المبانى . المساجد و الكنائس و المعابد اليهودية كانت جنبا الى جنب فى حى شبرا رمزا ثم اصبحت فقط المساجد و الكنائس كان الكل يعيش فى سلام و طمأنينة و لم يكن سؤال ما هى ديانتك يخطر ببال أهالى شبرا كانوا و حدة واحدة و لحمة واحدة . و يكفى شبرا أنها عدد جوامعها يتساوى إلى حد ما مع عدد كنائسها و هذا نادر فى حى من أحياء مصر كلها .فهناك مسجد الخزندار مسجد نصر الاسلام مسجد الملكة انجا هانم مسجد سيدى البدران مسجد نور الاسلام .. و من الكنائس كنيسة سانت تريزا و كنيسة العذراء كنيسة مارا مرقص و غيرهم. و من الطبيعى أن يتبارك المسلمين بالقديسسين و الكنائس كنوع من التبارك الفطرى و الشعبى فكثير من المسلمين يزورون سانت تريزا وكذلك المسيحيين يتباركوا بالسيدة زينب هذا الى جانب التزاور فى الاعياد و المناسبات و تبادل الاطعمة و الهدايا دليلا على المحبة و التأخى .أما ما يحدث هذه الايام من حرق و تفجير للكنائس لا يمت بالخلق التسامحى للشعب المصرى و لا بعاداته فى قبول الاخر مهما اختلف عنه فى الدين أو العرق او الهوايات الانسانية . فالتطرف وأحادية النظر إلى العقيدة هو نتيجة فرض ثقافة خارجة عن الوعى الجمعى المصرى هو نتيجة ثقافة بداوة غير مثقفة فظة فى وعيها غير حكيم فى تعاملها مع حساسية الاديان . فالدين يؤمن اهل الذمة و يحافظ على حقوقهم و لا يضهدهم والدليل على ذلك هو توصية سيدنا عمر الخطاب لابن العاص بعدم الصلاة فى كنائس حتى لا تصبح عادة للمسلمين .ثم أن هناك تقصير من جهة المؤسسات التعليمية لان عدم تدريس مادة حقوق الانسان بطريقة سليمة من عقول نابهة بما تحتوى من مواد تدعو للمشاركة و التعاون و القبول للاخر لدرجة أن بعض المدارس لا تدرس الدين المسيحى و لا تقبل طلبة مسيحيين و تأكد على وحدة الدين الواحد و لاتؤمن بجميع كتبه ورسله و تفرق بين الرسل و الانبياء .و اصبح بعض الاطفال و لا الكبار لا يراعون الاختلاف الدينى و اصبح الكثير منهم لا يحب الاختلاط و لا التعامل مع المسيحيين ووصل الحد ان بعض الشيوخ فى الفضائيات و من مهم من خريجى الازهر يكفرون المسيحيين بل منهم من يكفر المسلميين من نفس فى المجتمع ليس على اسس دينية بل اسس انسانية . ملتهم نهيك عن تعامل المسلمين مع الشيعة او البهائيين أو اليزديين . و أيضا هناك عزوف من الجانب المسيحى من الاختلاط مع المسلمين و يعيشون فى جيتو بعديين عن تقديم الوعى الحقيقى للخلق و الدين المسيحى فهم لهم دور فى درء العنف و الطائقية بأختلاطهم أكثر كونى كاتب و من سكان شبرا أصبحت شبرا فراغ روائى كبير لكتابتى ورواياتى و قد استلهمت منها موضوع روايتى سانت تريزا التى ترجمت فى دار نشر الجامعة الامريكية و كتبت فى بداية الالفية الثانية و صدرت من دار نشر شرقيات بالقاهرة وهى تدور حول ثلاث اسر مسلمة و مسيحية و يهودية و كيف كانت تعيش فى الخمسنيات فى وئام بدون مناغصات عرقية و كان السلام و المحبة هما المشاعر السائدة. الرواية تدور فى جو من التوازنات العرقية و التمثيل السردى المناسب لكل اسرة ذات دين مختلف بهدف أعطاء الفرصة للجميع بالاعتراف بوجوده و هى ترصد التغيرات المجتمية التىحدثت فى الثلاثين سنة الآخيرة فى مصر من نمو تيار الاسلام السياسى بمباركة من السادات من تضيق الخناق على الاجانب و الاقليات فى عهد عبد الناصر خوفا من الاجانب و عودتهم وخاصة بعد تأميم قناة السويس وحرب سبعة وستين و الهزيمة الشنيعة التى لاقها الجيش المصرى ثم توغل الجماعة الاسلامية فى الجامعات وتوظيفها للعنف المقنن و أحيانا العشوائى و الذى أدى لآغتيال السادات على يد خالد الاسلامبولى بالمشاركة مع عبود وطارق الزمر .. ثم المراجعات الاسلامية وعودة الاخوان ووصولهم لسدة الحكم بعد 25 يناير و استخدام ملف الطائفية فى مصر من قبل الغرب للضغط على مصر .. ثم أمتداد الفكر التكفيرى و الداعشى فى الوطن العربى بمؤمرات سياسية غير مفهومة التوجه او المحرك . لقد بات المجتمع المصرى على حافة الهاوية بسب نزع فتيل الطائفية الذى أصبح خطرا يهدد وحدة البلاد و سلامة ارضيها و هناك خطر ان أمتدت حوادث القتل ان يطبق على مصر قانون التميز و الاضاد ومن ثم المطالبة بانشاء وطن للمسيحيين أو تقسيم القطر المصرى وهذا ما يريده بعض من مشعلى الفتن وتجار الحروب فى العالم و هم لا يدركون ان المسلم و المسيحى شركاء فى الارض و ان أختلف الدين . وهذا ما لا يرضاه حكماء هذا البلد أذن يجب ان نتعامل مع ملف الطائفية من جذوره و نعمل على فهم طبيعته و ايجاد حلول وهذه الحلول يجب الا تكون عاطفية و لكنها تستند الى العلم وحقوق الانسان بحيث يعيش كل أفراد المجتمع دون تميز و أن يناقش حقوق المصريين مسلم مسيحى دون تحيز أو أختلاف أن أردنا واقعا ديمقراطيا . الكتابات التى تناولت حى شبرا كثيرة و هناك أحساس بالحنين لمصر التى كانت فيه بلدا ليبراليا يحقق المساوة و الحقوق لكل قاطنيه و كانت مصر بحق بوتقة الحضارات و الاديان و مهبط الوحى و أرض الانبياء لان الجين المصرى كان مفطورا على قبول الاختلاف و الاخر و ان الارض تتسع للجميع وأنها سلة غلال العالم و مركز السلام العالمى كما ذلك بابا الفاتيكان فى زيرته الاخيرة لمصر ان مصر انقذت العالم من المجاعة فى عهد سيدنا يوسف عليه السلام وقادرة على أهداء العالم السلام الان كما كانت تفعل دائما.

 

أخبار اخرى فى القسم