يدخلنا الناقد والفنان / مجدي عثمان للعالم الإبداعي للفنان محمد حسنين عبر كتابة الذي صدر حديثا بعنوان : ( من فجوات التأريخ الفني - الفنان محمد حسنين علي- أحد ملامح جيل الستينيات) جاء تقسيم الكتاب بعيدا عن التقسيمات الفنية التي تتبع المراحل الفنية وتقسمها تبعا للتكوين الفني( تكوينات شعبية , تجريد , حروفية )
بل جاء تقسيم الكتاب برؤية منهجية ٌتمكننا من اعتبار الكتاب مقسم لثلاث أجزاء , القسم الأول تشمل الرؤية الفنية , يسرد فيها مسيرة الفنان الفنية والحياتية:
قسم فيها الناقد أجزاءه تبعا للمسيرة الفنية و المكانية للفنان بدأ من البدايات : التي كان يسجل فيها الفنان كل مايقع عليه بصرة في رسوم تحضيرية أقرب الي اقتناص اللحظة , ومن ذلك المران اليومي اكتسب طلاقة يده و امتلك منهجة الفني عبرمدونات بصرية شخصية مرورا بانطباعات الفنان علي حي الجمالية: التي إقتنص فيها كل لمحة وحركة مدونا العادات والتقاليد وراصدا المعتقد والموروث الشعبي الضارب في عمق الحي فدونها بالكتابة والرسم يلي ذلك مرحلة النوبة والسد العالي : التي يشيرفيها الناقد الي انبهار الفنان بالمعدات البنائية للسد مما جعله يرسم المعدات بلا شخوص" فأحالها إلي جمالية خاصة في ذاتها " إليمرحلة اليمن : ويصفها الناقد مجدي عثمان بأنها الفترة الأكثر ثراء في حياة حسنين علي مستوي التنوع والانتاج وأخيرا مرحلة الحروفية : موضحا خطواته التقنية وتنويعاته في تلك المرحلة الاخيرة .
القسم الثاني جزء نقدي عبارة عن بانوراما للكتابات النقدية التي كتبت عن الفنان , معنون بـ آراء الفنانين والنقاد : ولقد أهتم الكاتب بهذا القسم وأفرد له مساحة عريضة, مستعرضا كل ما كتب عن الفنان فنسمع مقولات النقاد أمثال بدر الدين ابو غازي , عز الدين نجيب , كمال الملاخ , محمد طه حسين ,الباحثة ليليان كارنوك , حسين بيكار , كمال الجويلي , مصطفي الرزاز , فرغلي عبد الحفيظ , أمين ريان , الكاتبة عبله خوري , ستيفان ستانش , أحمد نوار , ولم يكتفي باستعراض ماكتبوه بل كان مدققا ومقارنا بين آراء النقاد وكاشفا عن نقاط التلاقي والاختلاف و موضحا لآلية النقد عند كل منهم, يليه جزء تحليل ونقد لنماذج من أعمال الفنان وهو القسم الثالث
ومعنون إضاءة علي بعض اللوحات : تناول في هذا الجزء (ملحق بصور)بعض الأعمال الفنية بالنقد و التحليل شارحا تطوره الفني وأسلوبه الابداعي , تلي ذلك تحليل بعض أعمالة الحروفية موضحا ان حسنين يختلف عن باقي الفنانين في تعاطيه مع الخط كونه تعامل مع الكلمة وليس الحرف" . فجاءت النماذج المختارة متجولة بدءا من الخط ثم الاهتمام بالحرف الي لوحات الاسماء .
و يختتم الناقد الكتاب بالسيرة الذاتية للفنان , مع ملحق قيم ملون حافل بالمراحل الفنية والأساليب التقنية و الخامات المتعددة التي استخدمها الفنان من ألوان فلوماستر وألوان خشب , أقلام رصاص , باستيل طباشيري , باستيل , ألوان زيتية , ألوان مائية , ألوان جواش , أحبار , وتنويعات للطباعة من طباعة علي ورق أو طباعة خشبية.
صور الناقد روح حسنين الذاتية و عالمة الحياتي من خلال اشارات تخللت داخل نصه النقدي طولا وعرضا , مقدما عرضا شاملاً لأعمال الفنان بكل تنويعاتها واختلافاتها وممسكا بالمفاتيح الفنية لحسنين في كل مراحلة كاشفا عن جوهره الفني والتقني , ولم ينسي الناقد التعليق علي اختلاف توقيعات الفنان علي اعماله . و يخبرنا الناقد أن محمد حسنين" لا يترك لنا شيئا ً نسال عنه, وجها أو مكانا أو حدثا ً قوميا ً, إلا اسقطها علي أوراقة وقماشاته ليؤرخ حالة شعب" في كل فتراته ومترجما لروح المجتمع , وكما فعل حسنين جاء كتاب مجدي عثمان ليؤرخ لحالة حسنين الفنية بدقة وبوعي حرص فيها علي رسم صورة مكتملة تامة , لم يترك فيها مكانا لبصمات أخري .
الكتاب صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب
سلسلة ذاكرة الفنون , عدد 36 مارس 2020
|