وأنا أتحدث إليه قبل حوالي أسبوع لم أشأ أن أبلغ فتحى عبد الله أنني كرست فصلا عنه ضمن كتاب سيصدر بعد أيام عن دار الأدهم بعنوان بين فرائض الشعر ونوافل السياسة . قلت سأدخر المفاجأة لوقتها. أبلغني فتحي أنه في تحسن مستمر فطلبت منه أن يواجه علته بجسارة ، فلازال أمامنا الكثير لنفعله ، واعتذرت له عن عدم قدرتي زيارته لأنني أيضا انتظر عملية زرع كبد ولازلت في أزمة صحية مهلكة . الذهول الذي أصاب فتحي آلمني أكثر من المرض ربما لذلك انتظرت وعده بزيارتي في بيتي بمجرد أن يتعافى .كان فتحي يتحدث معي بانطلاقه المتفائل مؤكدا أننا حتما سنستعيد تحالفنا في مواجهة الزيف والتردي والفساد الذي لحق بحياتنا الثقافية . وعدني بأن نعيد اطلاق مجلة جديدة وإعادة ملتقى قصيدة النثر الى الحياة واستعادة الزخم في مواجهة المحافظين الذين أفنوا أعمارهم في اثبات تفوق القدماء . إستعدت بحديث فتحي جانبا كبيرا من رائحة حياتنا معا . استعدت مرابع الصبا ومعاركها وصراعاتها عبر صداقة دامت مايزيد على الثلاثين عاما ، وهي صداقة مثلت حلفا لم يتدن في أية لحظة خلف مصلحة أو مطلب ولم يهادن أية سلطة أيا كانت ، بل كان دائم العمل على فضح ممارساتها . فتحي التروتسكاوي العنيد كان من أعرف المثقفين المصريين بالسياسة وكان من أكثرنا دأبا على القراءة والمتابعة وكان من أكثر المخلوقات هشاشة أمام أية موهبة يلتقيها. فتحي عبدالله لم يكن صديقا اعتياديا بل كان رمزا لنضالات خضناها معا ومع أصدقاء جيلنا في مجلة مقدمة المستقلة وفي ملتقيين شعريين كانا بمثابة أكبر تدشين عرفته قصيدة النثر وفي حركة شعراء غضب التي تأسست مع ثورة بناير وأخيرا في منتدى الشعر المصري الجديد ، فأي وعد بين كل هذا يمكنني أن أنتظر تحقيقه معك يافتحي ؟!