لم يتّبِعْ أثرا ولم يُنصتْ له
كلّ الخرائط خُطوةٌ في دربهِ
يأتي إليه الماءُ يُوقدُ جمرَهُ
وبصبحِه نهرٌ يموتُ بعشبِهِ
أوحى إليه الوردُ بعضَ نبوءةٍ
إنّ النّبوءةَ كالمدى في قلبِه
هو آخرُ الآفاقِ دهشةُ غيمِه
يحبو الزّمانُ على براءةِ خِصبِه
هو نغمةُ النّجماتِ حينَ يُضيئُها
من يرتوي كالآفلينَ بجبِّه
يأتي من الأوطانِ يجرحُه الصّدى
كم جرّحَ التّرحالُ صمتَ ذئابِه
وطنٌ تشيخُ الشّمسُ في صحرائِه
قد قِيلَ إنّ الضّوءَ عزفُ ترابه
وطنٌ يشيّدُه النّشيدُ بعشقِه
وطنٌ يصيرُ الليلُ شمعَ ضبابِه
فيه الثكالى يزرعونَ دموعهم
فيه الأراملُ يُمتحنَّ بذنبِه
فيه القصائدُ كالبقاءِ ضفافُها
في المستحيلِ على غمامةِ حبّهِ
فيه الحناجرُ كحّلتْ كلماتِها
مبحوحةً ترجو البياضَ ببابِه
فالصوتُ شُبّاكُ الحروفِ وريحُها
نهرٌ يؤَوّلُهُ التُرابُ بريبه
لم يتَّبِعْ جرحا ولم يسجدْ له
كلّ الجراحِ ستستكينُ بقلبه
خضراءُ تعرِفُ كمْ نفيضُ بِشعرها
والشّعرُ مأوى نستعيرُ بركْبِه
خضراءُ ماءُ القادمينَ بـضوئِها
معنًى ينوءُ الحالمونَ بعذبه
