السبت 20 أبريل 2024 - 01:20 مساءً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 

الرئيسية ابداع "فات الميعاد"..قصه قصيره للاديب عبد الحميد بسيوني الإسماعيلية

 

 
 

"فات الميعاد"..قصه قصيره للاديب عبد الحميد بسيوني الإسماعيلية

  الثلاثاء 15 فبراير 2022 03:20 مساءً   




لم تكن تخيفه  السيارات المسرعه فوق أسفلت الطريق السريع الذي ربما يمشي فيه  لأول مرة.، ولا قرص الشمس  الذي بدأ يبصبص ناحيته  لان الجو  لم يكن صيفا بعد، كان وهو يعدو  بخطوات سريعه نحو هدفه، كل ماكان  يخشاه هو إلا تكفى الخمسة قروش  التي كونها بصعوبه خلال الشهور الفائته ثمن  الشبشب الذي يحلم ان تلبسه امه بدلا من  تجوالها حافيه شوارع وحواراي قريته والقرى المجاوره وهي تحمل مشنة الجميز مصدر رزقهم الوحيد بعد موت الوالد، يضع يده في سيالة جلبابه ويتحسس الورقه ام خمسة قروش في بشر،  كان يقبض على حلمه، يتمنى ان يعثر  على دكان  يبيع الشباشب في المدينه المركز الذي يبعد عن قريته عشرة كيلو مترات قرر ان يذهب اليه مشيا  على قدميه حتى يوفر ثمن الركوب، خرج مبكرا منذ الصباح، اخذ جانب الترعة الكبيره  التي يسمونها المنصورية واخذ يجد في السير، طويلا كان  الطريق، السيارات تمرق مسرعة الي يساره تحدث وشيشا  مثل عفاريت تبزغ له في الظلمة، الأشجار عن يمينه عالية وكثيفه يطوحها الهواء ويسقط منها الندى، سار كثيرا حتى وجد أمامه يافطه  زرقاء عريضه  يخترقها سهم ابيض مكتوب الي جانبه بخط واضح الي مدينة أجا.، فأخذ يمينه  واخذ يهدء من مشيته، شعر بجوع حاد وألم في ساقية وبطنه، فوجئ بفييلا فخمة على يساره في مواجهة الترعه، فيلا انيقه محاطه  بسور من الطوب الأحمر الداكن  تحيطها حديقه مربعه تشع بالورود الحمراء الزاهيه، بعدها سار أمام المستشفى الأميري  ومقهى كبير يشغل كراسيه عدد من الفلاحين، ثم المركز، المبنى المهيب الذي يضم المامور وضباط وعساكر الأمن، بعده بقليل هجمت عليه الرائحه، تخللت خياشيمه  رائحة الطعميه ورجل عجوز امامة فاترينه زجاجيه يقلب اقراصها الصغيره  في طاسة الزيت، قرصه الجوع فلم يتمكن من الصمود، وبدون تفكير تخطي الشا رع  وأخرج الورقه،، هات بقرش ياعم،

 

أخذ الرجل الورقة ام خمسة قروش واعطاه أربعة قروش فضيه باهته، وضعها في سيالته  بعد أن وضع له الرجل عدة أقراص طعمية ساخنه  يخرج منها البخار  في رغيف ابيض جميل، عاد الي جسر الترعة وجلس أمام الماء، اخذ يلتهم الرغيف في تلذذ، انتهى،  لمح بعد فاترينة الرجل مكتبة كبيره  الي جوارها دكان صغير  يفرش أمامه صاحبه  منضدة واسعه يرص فوقها أدوات المنزل، ولمح الشبشب، زاهيا يناديه  فذهب اليه، قلبه بين يديه وتأكدانه مقاس أمه :بكام ياعم

خمسة قروش

 

أسقط في يده.، هوي قلبه بين ضلوعة، اخذ يستجدي الرجل ان يجعلهم  أربعة قروش فقط؛ هما اللي معايا ياعم رد البائع بفظاظه؛ اللي ممعهوش ميلزموش.  هتمشي ولا اندهلك العسكري من المركز.

خاف  أخذته رعشه، تكونت في عينية دموع تحجرت الدموع في مقلتيه، في مشوار العودة خائبا العشرة كيلو مترات مرة أخرى اغشت الدموع عينية وكادت السيارات تخبطه. كون الألم بداخلة جدارا سيظل يكبر داخلة  ليغير حياته كاملة،

عندما وصل الدار، وجد أمة تضع المشنه وسط الدار؛ كنت فين طول النهار يا ضنايا  اكلت ولا لسه

ثمة بركان بداخله، لن يهمد طوال العمر  فافترش الحصيرة ونام،

 الجدار ساعده  في عدم الاهتمام بهمس زملاء مدرسة الز راعة فيما بعد عندما يلقونه.  بابن شهيره بائعة الجميز ولم يرعوي أيضا زملاء طلبة كلية حقوق المنصورة التي انتسب إليها  لكنة ظل متفوقا يحقق أمنية أمة  التي حولت عرقها وشقائها الي دمه الذي يسير في عروقه بعد أن فشل في صغره ان يحمي قدميها من التأكل وسط تراب البلد وكلابها المسعوره، هو الأن محامي معروف، تمكن من امتلاك شقه على نيل المنصوره وزوجه وأولاد صحا ذات صباح على ضجتهم وهم يطلبون منه نقودا كي يشتروا لامهم هدية عيد الام، الاغنيات  التي كانت تطنطن  طوال ايام متتالية في الرأديو والتلفزيون، ايقظت المشهد الذي كان قد نام طويلا وسط مشاغله  وثقل العالم الذي كبس على أنفاسه كل هذه السنوات، لكن لماذا هذه السنه بالذات. لا يعلم بالضبط. مرت الأعوام السابقة وجلب امه معه إلى شقة المنصوره، بعد شهور قليلة  أصرت على العودة إلى البلد؛  عايزه اموت في داري،

كان يزورها  احيانا لما يتمكن من خطف لحظات من مشاغلة المتراكمة، لكنه لم يزرها منذ مده حين غرق في  مشاكل الاولاد ومطالب الزوجه.، لماذا انبثق الألم هذه المرة قويا، شيء ما يسري في دمه. في احشائه. يزن في رأسه دون سبب واضح.  فارتدي ملابسه  وهم بالذهاب الي المكتب لإنهاء بعض الأعمال المتأخره، لكنه عندما ادار سيا رته. سمع الصوت المباغت؛ ست الحبايب يا حبيبه

كان راديو السياره مفتوحا، الصوت يصب في عروقه زيتا مغليا. يحرق خلاياه، لدهشته الفي نفسه  يذهب إلى شارع السكه الجديده حيث َمحلات بيع الاحذيه كان قد اشتري لزوجته  من محل معروف به  حذاء جيدا ، استقبلة صاحب المحل بترحاب زائد. الا انه  اخذ يدور بعينيه  متاملا الاحذيه الحريمي محاولا تذكر مقاس أمة انتقي واحدا اسود اللون من الجلد الطبيعي  بدون كعب  قال للبائع؛ من فضلك لفه لفة هدايا،

فلفه.الرجل بورق لامع.، وعندما ركب السياره وجد نفسه مندفعا ناحية طريق البلد، نصف ساعة أو أكثر قليلا ، كانت الشمس على وشك الغروب والقرية تنهي يومها المرير، هو لن يذهب إلى الدار  حيث انها لم تعد  موجوده، اشتم رائحة الغيطان وتفادي الفلاحين العائدين في كسل ، كذلك تفادي روث البهائم المتناثر في الشارع بعد أن ركن سيارته في مدخل البلد، اخترق كالمنوم  حقل البرسيم حتى يختصر الطريق إلى مقابرهم  لمح شجرة النبق العجو زه  أمام  قبر اَمة  وجد باب المقبره مغلقا بسلك رفيع اسود أزاحه ودخل في هدوء، كان يحمل الصندوق المزكرش بيده  اليمني  واليسري.وضع يده على حافة القبر؛ السلام عليك ياأمي     جبتلك هدية  عيد الام ووضع الصندوق على الحافه،

كانت الدمعة المتحجرة  القديمه قد بدأت  تذوب داخل عينية وتساقط، جففها بهدوء، وبهدوء خرج.

أغلق باب المقبرة كما كان  ثم ذهب إلى سيارته

 

أخبار اخرى فى القسم