|
أحدث الأخبار |
|
|
|
|
الأكثر قراءة |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
الرئيسية
تقارير
فهد المصبح يكتب عن :تجربة محمد المزيني الروائية بين التمرد والفرد
|
|
|
فهد المصبح يكتب عن :تجربة محمد المزيني الروائية بين التمرد والفرد |
الثلاثاء 17 أكتوبر 2023 01:15 مساءً
|
|
|
بروح مفعمة بالإصرار والنظرة الاستشرافية، كتب المزيني رواياته في وقت قياسي، لم يؤثر على لغة السرد الذي أحبه، وصار لعبته المفضلة، عازما أن يكون في الموعد، وسط بحر متلاطم من السراد الحكائين الذين يغلب على أعمالهم الركاكة، رغم أن بينهم متميزون يوصفون بكتاب الظل، فأراد أن يبز منافسيه بتميز لم يجلبه من علاقات شللية أو اتكاءات مباشرة على ثيمة محذورات القص الروائي بمثلثه الشهير الدين والجنس والسياسة.
فما كان منه إلا أن أعلن تمرده على شخوصه، فارضا سطوته عليهم بقسوة الراوي العليم المخاتل، فلا يعاملهم كدمى تحركها الأيادي، بل أرواح فاعلة وكيانات تنبض بروح الشغب الذي أفنى جل وقته في اقتناصه ورصده بحرفية بالغة، ولغة بعيدة عن التكلف والابتذال كما في يعقوب عرق بلدي وتالا وأم صنات على سبيل المثال لا الحصر، شخصيات أظن أن المزيني محمد وفق فيها وعالجها بخيط سرد لا ينفلت منه لحظة واحدة، وإن بدت رواياته ليست في مستوى واحد، وهذا يحدث مع كبار الروائيين، فليس ما في مفارق العتمة مضاه لضرب الرمل.
أنا هنا أتكلم عن إنسان أراد أن يكتب بحرية منضبطة، تنأى به عن الاسفاف والخوض في المستهلكات.
فطرح مشروعه السردي بجرأة ووضوح، وهو يدرك أنه بشر يصيب ويخطئ، لكنه لا يتسامح على من يتجرأ على فن السرد ويقحم فيه أعمالا مشبوهة بالسرقة الأدبية، أو القص واللصق كما يحلو له أن يسميه.
علاقتي بالروائي محمد المزيني قوية، وأخشى أن تكون شهادتي فيه مجروحة، فقد استفدت من تجربته، وإن اختلفت معه في أمور أخرى.
رحلة طويلة لأعمال روائية جميلة، كتبها سردا بنفس روائي طويل، وبلغة محرضة على التساؤلات، وهو ما تميز به، فجاءت إحدى ثمارها أن جسدت في عمل درامي، لم يكن طويلا بالقدر المطلوب ليحوي مفاوز ثلاثية ضرب الرمل، والتي لم يعجبني فيها اسم البطل في شخصه ولا مشخصه، مع جل تقدير للفنان خالد عبد الرحمن،
ولم يكن فرح المزيني بهذا الإنجاز عارما يخالطه الغرور، بقدر ما هو تحقق تفوقه الروائي على آخرين قد يغارون منه إلى درجة الحسد.
فنحن هنا أمام كاتب ثر النتاج أهمله النقاد المحليين عن قصد لأن تناول أعماله، هو نسف لكثير من أعمال محلية أخرى وإن متت إلى السرد بصلة إلا أنها مدعومة من قبل اخرين يهوون التطبيل لفئة لا يريدون ان يتجاوزهم أحد في مشهدنا الروائي.
ما يميز المزيني أيضا تواجده وحضوره، فهو عندما يكتب يترك كل شيء وراء ظهر، فيأتي عمله رصينا مفعما بأحداث جميلة، وذلك لأن الفكرة لا تمكث في رأسه طويلا فهو سريع القرار في وأدها أو إحياءها، لذلك قد تجده يكتب أكثر من عمل في وقت واحد، حرصا على الفكرة أن تبهت واللغة أن تتلاشى وهذه الميزة متوفرة بجلاء عند المشاهير أذكر منهم على سبيل الحصر القصيبي رحمه الله.
أعمال المزيني كثيرة وعناوينه متفاوتة بين الطول والقصر، فمثلا تجد مفارق العتمة = أكليل الخلاص = عرق بلدي = ضرب الرمل = عناوين روايات قوية ضاربة ومتلائمة في المتن وعدد الصفحات.
وعلى العكس تجد مثلا = الطقاقة بخيتة = و =نكهة أنثى محرمة = لا تتواءمان كعنوان مع العمل في سطوره، فالطقاقة بخيتة كان يكفي أن يحذف كلمة الطقاقة، لأنها غير مفهومة على نطاق الوطن العربي، وتسمى عند المصريين العالمة، وهي التي تحيي أفراح الزواج، ويقتصر العنوان على بخيتة فقط.
أما عنوان رواية = نكهة أنثى محرمة = فهو أكبر بكثير من الرواية التي جاءت كأقصر عمل أنجزه كاتبنا إلى حد الآن.
علما أن الكاتب تسنى له أن يطبع أعماله مرة أخرى في الداخل، فيا ليته استدرك هذا الهفوات الطفيفة في الطبعة الثانية.
رواية = ياقوت أحمر = من أحدث رواياته بعنوان جميل، وعلى ذكر اللون أراه يوحي إلى عمق هائل في مغزى العمل، قد يغيب بعضه عن الكاتب نفسه.
لذلك أجدني في ياقوت أحمر غير متحمس لإكمالها بعد أن أكتشف من سطورها الأولى الخوض في عوالم أخرى، وماورائيات قد تكون عند فئة من المتلقين الخير في تجنبها، وخاصة ما يتعلق بالجن والمردة والشياطين.
وختاما قد أكون استفضت في الحديث عن المزيني، ونعته بالسارد المتمرد، وإني أتراجع عن ذلك، لأنه يستحق لقب السارد المتفرد، على الأقل في محيطه المحلي، |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|