الأربعاء 15 مايو 2024 - 08:06 صباحاً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 
 

الهوية الثقافية وعقدة الخواجه



الأحد 14 أبريل 2019 12:47:31 صباحاً



رغم التحديات التي تواجه الثقافة العربية علي المستوي القطري والعالمي لاتزال هي قوام الامة ورمزها كإرث حضاري ينتقل من جيل الى جيل ، ويعيد خلق وأنتاج القيم الثقافية والديمقراطية الحضارية التي يتحدد على أساسها الوعي والموقف الملتزم، سياسياً وفكرياً وأخلاقياً. وما من شك أن الجبهة الثقافية هي الأهم في حياة الشعوب من أجل بلورة وصياغة ملامح المستقبل المنظور، ويمر العالم اليوم بتغير من حولنا لصالح نظام تقوده دول عظمي ما زالت تملك وحدها حق التدخل في شئون باقي الدول.. وهو عالم يريد ان يعيد صياغة ثقافتنا لصالح تقدمه وسيطرته في ظل العولمة والكونية والخصخصة.

ومن أهم المخاطر التي تهدد ثقافتنا العربية غزارة التأثيرات الثقافية الخارجية الوافدة من الغرب  التي تملك قوة هائلة على نشر ثقافتها الخاصة التي تتمثل في اساليب الحياة اليومية بكل عاداتها وتقاليدها وسلوكياتها لتحقيق اهداف سياسية واقتصادية واجتماعية،و يعتبر موضوع العولمة وتأثيراتها على الهوية أحد الموضوعات المهمة التي بدأ الباحثون منذ منتصف القرن الماضي الاهتمام بها نظرا لحداثة مفهوم العولمة نسبيا، وكذا التأثيرات العميقة التي تتركها هذه الظاهرة بمختلف تجلياتها على الهوية الثقافية العربية علي وجه الخصوص بأعتبار مجتمعاتنا مستقبلة للثقافات الوافدة انطلاقا من نظرية الانبهار بما يسمي"عقدة الخواجة"  ، وهو ما جعل المجتمعات في مختلف أرجاء العالم تتجاوب مع العولمة بطرق مختلفة حيث رأى فيها البعض عاملا سلبيا ومؤثرا على الهوية عن طريق تذويب الملامح الثقافية والدينية لهذه المجتمعات وقولبتها وفق نظام غربي محض ، بينما رأى فيها البعض الآخر أنها عامل مساهم في التقدم و التطور بعيدا عن التقاليد البالية و العادات التي لا معنى من بقائها في الوقت الراهن، الذي يتسم بالتحديات الجسيمة تشمل جميع مناحي الحياة الاقتصادية منها والسياسية والثقافية التقنية والمعلوماتية...

   ويعد البعد الثقافي للعولمة من أخطر أبعادها، فهي تعني إشاعة قيم ومبادئ ومعايير ثقافة واحدة وإحلالها محل الثقافات الأخرى، مما يعني تلاشي القيم والثقافات القومية وإحلال القيم الثقافية للبلاد الأكثر تقدما محلها، وخاصة أمريكا وأوروبا، الأمر الذي قد ينعكس سلبا على الهوية الثقافية للشباب العربي.وفي هذا الاطار  تلعب ثورة الاتصالات دورا أساسيا في إحداث هذا التأثير الثقافي، فبدلا من الحدود الثقافية الوطنية والقومية تطرح إيديولوجيا العولمة حدودا أخرى غير مرئية ترسمها الشبكة العنكبوتية والقنوات الفضائية بفرض الهينة على الأذواق والفكر والسلوك، فأكثر ما يلفت الانتباه في ظواهر العولمة في المجال الثقافي هو المدى الذي بلغته الثقافة الوافدة من الانتشار والسيطرة على أذواق المتلقين،و يري العلماء أن الحفاظ على الهوية الثقافية والحضارية أصبح التحدي المطروح علي الثقافة العربية  بشدة في عصر السماوات المفتوحة التي تكتظ بالأقمار الصناعية بما تنطوي عليه من تأثيرات مختلفة تشكل الفكر والوجدان للشباب على حد السواء.

والاحساس بالخطر يستلزم البحث عن الهوية و الانتماء حتى لا نتعرض للصراع. ويمكن تلخيص مخاطر ما يحصل اليوم على الصعيد الثقافي العالمي بالنسبة للثقافة العربية بشكل خاص بأربعة مخاطر يتصدرها خطر التهميش، اي استبعاد الثقافات الوطنية من دائرة المشاركة العالمية، وذلك من خلال تحويلها الى ثقافات محلية شعبية او عامية،الخطر الاخر  هو نزع الصفة الحيوية عنها، وذلك بتحويلها الى ثقافة تقليدية مقابل الثقافة العصرية. وتقليدية تعني ان الزمن قد تجاوزها في القيم التي تدعو لها والنظم التي تشير اليها والسلوكات التي تنظمها وتضبطها والمعارف التي تنتجها....

 لا بد ان يبدأ الوعي الثقافي من التركيز على المشكلات الحاضرة لفهمها على حقيقتها، مع ضرورة اشراك جميع المثقفين في محاولات تحديث وتنمية المجتمع. ويقتضي النجاح في مثل هذه الاستراتيجية تكوين مركز فعال للانتاج العلمي والفكري في العالم العربي العمل على اعادة بناء وحدة الثقافة العربية سواء في ما يتعلق بوحدته التاريخية المكونة لرؤية واحدة ومشتركة للهوية العربية، او في ما يتعلق بالوحدة الجغرافية والمادية وتنظيم وسائل الانتاج النظري المشترك وتداول المعلومات والافكار والمنتجات الادبية والفنية على اتساع الارض العربية. كما يقتضي تدعيم النشاط الابداعي العلمي والادبي