الأربعاء 15 مايو 2024 - 04:53 صباحاً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 
 

نجوى شعبان يشع وجودها تألقا ومرحا وبهجة


د. زينب العسال - تقاسيم
الأحد 08 سبتمبر 2019 03:03:47 صباحاً



نجوى شعبان بملامحها المصرية الشعر الكانيش..وشعرها الأسود. .ظلت البنت المصرية حلوة الروح والقسمات،  أقتربنا كثيرا أثناء حضورنا مؤتمر أدباء مصر فى الأقاليم الذى أقيم فى دمياط "بلدها" كانت تروى الحكايات عن دمياط القديمة ورأس  البر ،أذكر أثناء إعداد رسالة الدكتوراة طلبت إرسال ما كتب عنها . أرسلت عدة مقالات لنقد وأدباء احتفوا برواية الغر و نوة الكرم.اهدتنى نسخة من الرواية قرأتها واستمتعت بها ..كتبت عن منطقة لم يتناولها أحد  ..مرحلة مفصلية فى تاريخ مصر تصدت باقتدار واحتشدت بقراءة التاريخ واستلهام وقائع وأحداث روايتها الفاتنة نوة الكرم..أدركت أن نجوي شعبان تستحق عن جدارة جائزة الدولة التشجيعية.

وفي مناقشة معها تعلن نجوي شعبان بان شخصياتها لم يكونوا ناصعي البياض او حالكي السواد ،قد ينطبق هذا علي كل الشخصيات ماعدا "امونيت"فهي شديدة  البياض من غيرسوء و من الشخصيات االاسطورية، و الطهر الخالص الصافى والجمال الروحى النادر، أنها تستشرق المستقبل تتنبأ بالغيب.اقامت فى جزيرة روس بضع سنوات وعرفت ما سيصل إليه الغرب وما سيأول  إليه على المدى البعيد..ثمة أشارات دالة كاشفة عن المرأة التى جمعت بين الديانة المسيحية والاسم الفرعوني  أموينيت التى تمتلك هذا الصفاء الروحى ما يجعلها تطبب المرضى باناملها. وتضع طاقة نورانية تجعلها تقترب من مرتبة القداسة .ومن ثم أطلقت عليها نجوى شعبان عدة ألقاب تجعل منها العارفة باسرار العلوم واللغات والمعارف الطبية وخفايا النفس البشرية وتناقضاتها، ، هى الحافظة للتراث الحضارى المصرى.،أمنين العارفة ، النائحة، الشافية، الهائمة، المحبة،  الراهبة ، تبعث الملابسات البلسم الشافى والنور الذى ينبعث ويشع من تلك الأزمنة.  تقدم نجوى النفس البشرية فى تجلياتها المختلفة .فالشخصيات تصطدم بالضرورة بواقعها المأزوم، ثمة دورات كثيرة للصراع داخل الرواية ، سواء على المستوى الداخلى أو الخارجي يؤكد هذا المعنى. .

هي دليل المرأة المصرية التى تمثل عزيمة الشعب المصرى عبر التاريخ الذى تغلب على تلك القوى الباطنة بذكاء وصبر، هى رمز المرأة المعطاء ، إنها الأم الباحثة عن سعادة اخويها ، غياث الدين ، وليس الدين، الرافضة لتلك الممارسات التى قهرت امرأة، تفلح فى كسر هذا القهر، لكنها تخفق فى قمع الأنثى داخلها التى ينفجر شبقها الجنسى فى مرحلة متقدمة من عمرها.

تتعدد الرؤى والمصائر بتعدد الأبطال ، وهذا أدى إلى تقديم المجتمع الدمياطى فى تلك الحقبة التاريخية ، وإتاحته يمتع كل أصوات وبخاصة صوت المراة، بل جعلها قادرة على التمرد ونيابة السلطة الغاشمة .

تحدى ذلك التوسع الاستعمار العثمانى الاسلامى ظاهره ، والذى يحاول جاهدا محو الهوية فاعل تحقيق هذا الهدف الاستعماري بكل ما تملكه من أساليب التحدى كالبحر الدؤوب عن اللغة القبطية فى اقتضى الثعيد، وتسجيلها ، وهذا ما عني بتأكيد الكاتبة، فخرجت على كتابة الرواية بالتاريخ الميلادى  والهجري.

في  تتبع السرد تنقل المرأة من دمياط إلى خارج الحدود دون إذن من ولى أمرها ، فأشار أمنيا إلى جزيرة رودس، وسافر ليل للبحث عن نور الدين، أما سبانية  تلك الفتاة البقية التى تعذب بسبب شرقية جسدها الذى ينتهك بالعودة والذى يشق كل من يقترب منه المطراوي ، وزوجها الخزاف- سنانية تتعاطف معها الكاتبة ،لكن الكاتبة تصدمنا بنهايتها الفاجعة كاشفة بذاك عن هذا الصلف الذكوري المأخوذ عن وأد البنت فى الجاهلية. !

فى نور الكرم يخضع الحكي لمنطق تاريخي يراعى الترتيب وفق الأحداث التاريخية بينما لا يلتزم المبنى الحكائى بهذا الترتيب، حيث يتداخل فيه زمن الحديث عن القرصنة وأنواعها، وتلاميذه معه دخول وهوا وتأملات وزاد من تشابك خطوط السرد الروائي ، إضافة إلى العشرات من الشخصيات الثانوية التى زادت التشاؤم ، فكان على المتلقى فض هذا الاشتباك ، فسار السرد فى خطوط متوازية البداية ، ثم تشابك هذه الخطوط ، وحاولت الكاتبة فك بعض الاشتباك من خلال فضاء كتابى خطى مغاير ، ولكن يبقى التداخل سمة أسلوبية فى كتابات نجوى شعبان ، هذه الرواية كما تعلن كاتبتها عادة تسأل التاريخ عن مصير الحضارة العربية الإسلامية .

نجوى الشغوفة  بالتاريخ والحضارة  العربية الإسلامية لا تنسى أننا أبناء حضارة عريقة تلقت عبر آلاف السنين ..ترى هل ستصمد أمام الهجمات الشرسة من قبل أعدائه؟.

تترك شعبان سؤالها ماذا نحن فاعلون؟