الجمعة 03 مايو 2024 - 11:46 مساءً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 
 

تقاسيم ..الدور المسروق


د. زينب العسال - تقاسيم
الأربعاء 18 ديسمبر 2019 03:34:40 صباحاً



هل ضعفت الذاكرة فنسينت أحب الأماكن إلى نفسى وانا طفلة لم تبلغ السنوات الخمس

كان السؤال الذى وجهته لى الصديقة المثقفة الإعلامية داليا العلايلى. .تأثير  نشأتك فى العتبة الحى الشعبى..

والحقيقة أن العتبة لم تكن هكذا . كما نراها الان ..مر على العتبة التى عرفتها هل مسموح لى ان اكذب كذبة بيضاء..واختصر كم سنة من عمرى الذى كنت بدون اى حرج أعلن عن ميلادى دون الحذف أو خنصرة كم سنة من العمر ..فى منتصف الخمسينيات اتركك. .احسبها بقى

كانت العتبة الخضراء نتبع العتبة بهذا اللون المحبب للمصريين الخضار هو ما يتناسب مع أمة عرفت منذ فجر التاريخ الزراعة ..ها نحن نصف الألوان بما يزرع المصرى نقول صفر حمص وآخر زرعى أو أخضر زيتونى ابيض زى الفل..أزرق نيلى لون جلابيب واللون البصلى،واللون العنابي من العنب الأحمر.

 كان  ميدان العتبة أكبر ميادين القاهرة فيه البريد الرئيسى والمطافى..تذكر فيلم العتبة الخضراء والكاميرا تتنقل بين الترام والتوروللى الذى ينتهى عن الجيزة يحيط الميدان محلات لا يوجد باعة جائل  أو فرش بضائع يخرب بيت المحلات التى فى الغالب تبيع المنتجات نفسها ..لم تكن العتبة مزدحمة أو تركت نهبا للضوضاء.

العتبة التى عرفتها وانا صغيرة كانت كبيرة جدا جدا طبعا كان يسكن الشوارع التى تتفرع من الميدان أو تنتهى  بها طبقة وسطى تتكون من تجار وموظفين ويزورها كل من يحتاج المنتجات لا توجد إلا فى العتبة مثل محلات الغندور للمنتجات الصينى  والبلور البلجيكى الاصلى ودرب البرابرة ومحل لبيك بوابير الجاز ماركة برومسيس  بعد سنوات طويلة ساع ف من هو برومسيس او برومثيس سارق النارهل تعلم عزيزى القارئ أن وابور الجاز السكاتى كان ملك متوج فى بيوتنا  ..كانت المرأة تفتخر أن وابورها أو بلهجة أخرى بإجورها يلمع وان لمعه إضافة لمعان الذهب الذى يغازل اشعة الشمس ..واعلم أن نحاس الوابور الأصفر يدخل فى صناعة الذهب ..يا خسارة! كان عندنا ثلاثة بوابير  ثروة...هذه المعالم هى ما أبقت الذاكرة

كانت غالبية الشوارع مبلطة بالأحجار ..تصر الصغيرة على الخروج إلى الشارع وفى قدمها القباب تسمع وقع قدمها على البلاط ويغنى على "الرنة"لاء حاسب مش رنة الخلخال ! الله يستركوهى راجعة تلك بسرعة يدها من يد بنت عمها وتتجه إلى الطابق المسروق  مغارة ولا مغارة على بابا بس الباب مفتوح يعنى ما فيش افتح يا سمسم ولا فول ولا شعير إثر صغيرة ويفتح الباب.. الظلمة تلف  المكان تتعود العين على ضلمة شفيفة.

ايه الجواهر دي ..جواهر أسر سكان البيت أسرة عمى وأسرة عمتى واسرتنا  السكر وبواقى النقل فستق وبندق  وعين الجمل واقماع السكر الملفوف بالورقة الأحمر واسناننا بصمات تدل علينا ..وسجق شرشت نأكله ونور البلح والزيتون الأسود ..

كنت أحب التين المعلق فى الحبل وشدى يا زينب لا ءمش هينفع قولى لبنت عمتك سوسو

.نأكل التين وقمر الدين والقراصيا. ونخشي عقاب أمهاتنا هن يعلمن سرنا ..لكن يختفي  كامل فى الماء عندما نعلم سيدات البيت سوف يصنعن من حلويات المولد عرائس المولد والتى تستند بعد هجومنا الضارى على نصفها المغطى بالكروشية على صفة الشباك الوحيد فى هذا الدور المسروق الذى لا يسكنه أحد ..إلا هذه المواد الغذائية التى تسلم من هجومنا طالما أنها ليست من عائلة الحلويات.

ليست من عائلة الحلويات المننتظر أن يعرف الكبار المفاجأة فلا وجود لحلويات مولد النبى..وإقناع السكر نالها خربشات أسنانها فتستبعد فورا..

نظل اليوم فى حالة زوغان نلعب عند عمى أو نرتقي سطح البيت ..نحاول أن نعرف مصيرنا..هل سيصفحون عنا. تسرع امى إلينا منادية علينا تعالوا يا مقاصيف الرقبة ..لهجة امى المطمئنة تشجعنا على زيارة الدور المسروق مرات ومرات..تمر السنوات ويهدم بيت جدى فيذهب الدور المسروق ونتفرق في  بيوت أخرى لا يوجد بها الدور المسروق ..فقد ذهبت ايامها

الدور المسروق مرات ومرات ..تمر السنوات ..ويهدف بيت جدى فيذهب الدور المسروق لصالح دور سكنى أجره الشيئ الفلاني! ونتفرق نحن  فنسكن بيوتا لا يوجد بها الدور المسوق فقد ذهبت أيامه.