الثلاثاء 14 مايو 2024 - 07:07 مساءً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 
 

أدب الحرب أدب ﺇنسانى؟!


د. السيد نجم
الأربعاء 25 مارس 2020 02:04:16 صباحاً



قال "سيجموند فرويد" عن "الحرب" من خلال فكرة "الصراع":

"إن الحق والعنف يبدوان لنا اليوم كنقيضين، وعلى ذلك يمكن أن يبين لنا بسهولة، أن الواحدة منهما نشأت عن الأخرى".. "إن المبدأ العام، أن صراعات المصالح بين الناس تسوى باستخدام العنف.. هذا صحيح بالمملكة الحيوانية بأسرها، وهى المملكة التي لا يملك الناس استبعاد أنفسهم منها".. "في قطيع بشرى صغير، كانت القوة العضلية الأكثر تفوقا، هي التي تقرر من يملك الأشياء، وإرادة من هي التي تسود".. "من اللحظة التي أدخلت فيها الأسلحة (أي الأدوات) بدأ التفوق يحل محل القوة العضلية. ومع ذلك بقى الغرض النهائي من القتال كما هو، اجبار طرف طرفا آخر على الإجبار على التخلي عن طلبه.. أو وقف مسيرته بفعل الدمار الذي يلحق به، وبفعل شل قوته. وهذا الغرض يتحقق بالكامل إذا أباد عنف المنتصر خصمه، أي قتله. وكانت لهذا ميزتان، أولهما أن الخصم أصبح غير قادر على تجديد تصديه، لإرادة المنتصر.. وثانيهما أن قتل العدو يشبع ميلا غريزيا".

.."إن الحروب لن تمنع إلا إذا اتحدت السلطة الإنسانية، في إقامة سلطة مركزية يسلم إليها حق إصدار الحكم على كل الصراعات بين المصالح.. أي خلق سلطة عليا وتزويدها بالقوة".  

 

منذ الأيام البعيدة حرص الإنسان على تسجيل ﺇنفعالاته وأفكاره على جدران الكهوف, و التراث  الشفهي للشعوب أصدق من سجل تلك الوقفات الهامة فى التاريخ الحربي للشعوب. ولولا الحاجة الفطرية، التى يستشعرها الإنسان العادى فى حياته اليومية ما بقيت على مدار الأيام .

لسنا فى إطار التراث المصري أو حتى العربي.. إننا نشير إلى الإنسان في كل مكان. الحقيقة عرفناها فى الحكايات الأفريقية وأساطيرها.. لعلها أكثر وضوحا فى الطوطم الهندي الأحمر. ما أروعها تلك الحكايات التى مازجت ما بين الطبيعة وعناصرها وكلها تحت سطوة الهندي الأحمر وسلطانه. كم كانت الطقوس الحربية مثيرة وشائقة.

أدب الحرب..

يأتي "أدب الحرب" للتعبير عن هول التجربة ذاتها: يكفى القول بأن النفس البشرية جبلت على حب الحياة, بينما يخوض الأفراد التجربة الحربية مدفوعا بأمر الجماعة (المجتمع) وبناء على رغبتهم, وقد يباركون موته. فالتجربة الحربية ليست ذاتية بالكامل, وتحمل بين طياتها التناقض, فالمقاتل يسعى ﻹثبات الوجود وتحقيق الأهداف السامية, بينما الواقع المعاش فظ وقاس.

لكل ما سبق نحن في حاجة إلى "أدب الحرب"..

فالصراع باق.. والأفراد الموهوبون لتسجيل التجربة (المبدعون) فرصتنا كي تقف مؤشرات الزمن عند تلك اللحظات أو الأزمنة الخاصة لتصبح عونا ودعما لنا مستقبلا.

فضلا عن أهمية تلك الأعمال فى تغطية الجانب النفسي والتربوي الضروري للأجيال الجديدة , حتى تصمد أمام تحدياتها الآتية يوما ما.

على النقيض.. قد يصبح بني البشر يوما ما قادرون على كبح جماح غوائل أنفسهم, ويصبح للصراع شكلا بديلا عن "الحروب", إذا كانت الأعمال المرصودة عن التجربة الحربية أكثر إنسانية, وتسعى كي تصل رسالة الكاتب/ المفكر الحقيقي  الغرض الحقيقي من وراء رصد تلك التجربة القاسية, وأنها تجربة إنسانية يجب تأملها والوقوف أمامها أو ضدها.

إن "أدب الحرب" الحقيقي هو أدب إنساني, يرفع من قيمته وشأنه, ويزكى القيم العليا فى النفوس.. ﺇنه أدب الدفاع عن الحياة, والمتأمل قد يجد أن أجود الأعمال الحربية (الإبداعية) هي التى دافعت عن الحياة , ولم تزكى القتل من أجل القتل.

أعلى النموذج

أعلى النموذج

إن الفن والأدب هوالملجأ الذي احتمى به الناس، كتّاباً وقراء، طوال تاريخ البشرية. وان الحرب ولدت من رحمها فنون وآداب جديدة، منها الملاحم والأساطير وغلبة الفنون الشعبية.. مع ذلك تتنوع الآراء وتختلف حول جدوى أدب الحرب.

يرى البعض أن الكاتب ينجح حين يمتلك قدرة الخروج عن الذات. إنسان ما قبلالحرب وصوره هي عوالم قابلة للشعر. وما عملته الحرب من تشرذم وتفتتوضع الإنسان أمام أسئلة وجودية كبيرة: من هو؟ وكيف عاش حياته؟ ما صلته بتكوينهالاجتماعي؟ ما يعتبر محفزا للكتابة.

  .. يرى البعض أنهما يزال الوقت مبكراً لولادة أدب بقامة هول الحرب كتجربة إنسانية معقدة.

.. فيما يرى البعض، أن التعبير عن التجربة الحربية، في حاجة إلى مزيد من مناخ الديمقراطية.

.. فيما يذهب البعض بضرورة مشاركة الكاتب/الشاعر والروائي والفنان عموما لحومة الحرب.

..  فيما يرى البعض أنه عندما تندلع الحرب،لا جدوى من القلم.

خاتمة..

لا حيلة أمامنا إلا القول بأن "الحرب/الصراع" هو قدر الإنسان على الأرض، ولأن النفس البشرية جبلت على حب الحياة، وأن الناس تريد بطلا، إذن لن يكون إلا الفن والأدب وسيلة للخلاص فهو ذاكرة الشعوب، وباعث على ترسيخ القيم السماوية والعليا من أجل الحفاظ على العرض والشرف والأرض.

 

Ab_megm2014@yahoo.com