الجمعة 26 أبريل 2024 - 10:40 صباحاً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 
 

تقاسيم


د. زينب العسال - تقاسيم
الخميس 25 يونيو 2020 05:48:25 صباحاً



 

هل هى" سيرة القسوة والغياب" أم سيرة حضور عاشق لوطن ؟

مما لا شك فيه أن الناقد حينما يتصدى لقراءة منتج أدبى أو أثر أدبى فهو بالضرورة يواجه ثنائية الواقع الموضوع فى مقابل الواقع الذاتى  الأدبى فيكونالسؤال كيف صور المبدع /الكاتب هذا الواقع ليبدو أو هو -بالفعل-عمل أدبى لا ينظر إليه الناقد أو يتعب نفسه فى التفتيش عن دافع الواقع ويهلل عندما يجدها لمطابقة لحياة الكاتب ..أو يتوهم ذلك فلا يمكن أن نتصور أن الكاتب بمعزل عن تجربته وحياته هو فى كل عمل من أعماله كما يقول جارسيا وتعلن صراحة الليندى فتبدأ كتابتها شريط مجتزا من حياتها ..هذا على سبيل المثال لا القطع.

قد يضطر الأديب إلى أن يبعد الواقع قدر الإمكان حتى يضمن للنص الأدبى الاتساع الداخلى..لكن النص الأدبى يظل فى عنده مستمرا ومعبر عن واقع انسانى يتفاعل مع كل الانساق المجتمعية. .إضافة الي اشتباكه مع كل مسابقه من نصوص فلا يخلع النص من جذوره فهو ابن هذا الواقع وليس نصا مصمما هو يرشح عبر انسان اجتماعية فكرية ثقافية جغرافية بل  تأتى من تضافر كل هذه الانساق،.لمن حذاري أن نتصور أن النص الأدبي هو وثيقة فكرية ثقافية الخ ، انه كل ذلك وأكثر انه نص أدبى فيه روح الإنسانية ونبضها.

واذا نظرنا إلى رواية "سيرة القسوة والغياب"لمحمود فهمى سنجدها ابنة شرعية للعديد من الأنساق فالنسيان الاجتماعى الذى نلحظه بداية من تلك الذكورية الطاغية ممثلة فى الأب وسطوته على الجميع فهو يمثل الغياب لكنه هو المحرك للأحداث  والمحفوظة له و يسرد لنا حكايته.والسطوة ينتج عنها تعدد الزوجات كنظام أبوي يعبر عن التمايز الذكورى، فالمرأة لا تتمتع بهذا إلا فى المجتمعات البدائية الأمومة الغابرة.

هذا النسق الذكورى المتميز تم توقيت وتمكينه عبر نظام اقتصادى لا يعترف إلا بعمل الذكر الرجل ومن ثم فهو المتحكم فى الأسرة ماليا يعطى أو يمنع ..يرفض أن يحتفل بنوع ابنته ..يستثمر جهد أبنائه فى إتمام بناء البيت ..ينبغي الأبناء على أنهم لم يعملوا فى أعمال تدر عليه بدلا من الإنفاق على تعليمهم ..هذه السطور الهاربة تنتقل من أسفل إلى أعلى والعكس فنرى السلطة الحاكمة تقف أمام حركة تمرد الأمن المركزى وهى فالوقت ذاته تلوح بالعصا لكل من يخالفها أو يتمرد على سلطتها ..هذه السلطة تنتقل إلى الجار الذى بنهر الأبناء ويعيد إلى أمهم لأنهم حاولوا أن يشاركوا فى احدى المظاهرات.

أما النسق الاجتماعى فقد عالجه  محمود فهمى حينما زاوج  بين ظهور المجتمع الذى يخلق من هوامش بشرية أتت من أماكن متفرقة من أقاليم الصعيد وبحر كى تقطن فى منطقة تقع على هامش المدينة القاهرة ..بذكاء السارد يعيد الحكاية يسير فى تلك الشوارع التى هجره سكانها الأوائل إلى مناطق أخرى كما هو حال السارد نفسه وينشأ الحنين الممزوج بالألم والمعاناة لتلك الأسر التى تحفر فى الصخر لشق لها طريقا مشتركا مع المدينة ويكون لها متنفس ويأتى ذلك عبر التعليم والذهب إلى المدرسة فالتعليقات هو الوسيلة للحراك الاجتماعى..كما هو الحال بالنسبة للأب السفر الى احدى دول الخليج ..فالمرأة لا تجد إلا التعليم وسيلة لبلوغ تلك الاحلام التبادل أجهضها الزوج.

يلمح الخطاب السرد إلى تنوع السياقات التى تجمع بين الذكر والأنثى منذ البداية ..ففى المدرسة الابتدائية ثمة الاختلاط بين الجنسين ومع فترة المراهقة يتم الانفصال ليعود التقارب بين الجنسين فى الجامعة وما ينتج عن ذلك من مشكلات..

لا يمكن أن نعمل السياق السياسى عن أحداث الرواية في تشير فى زمن بعينه لعل الأبرز هنا هو حرب 67 وهذه الصورة التى نسجتها المبدع للجيش النضر حيث بنت الهزيمة على وجوههن بالداخل وبقت أم فاروق تنتظر ابنها الغائب مؤكدة انه سيعود فى يوم ما ..ومشهد وداع عبد الناصر .. وغيرها من الوقائع

واذا كانت الرواية بالفعل تحمل أصداء للسيرة فإنها بلا جدال  تؤكد على فسيفساء المكان ممثلا فى الف مسكن ..منطقة الحرفيين النزهة  العرب مساكن عين شمس مصر الجديدة ، قصر البارون ، ميدان الجامع وصلاح الدين..حرص شديد على  استحضار الماضى والصلة بين المكان والزمان والشخصية ..الرواية تقع فى142 صفحة  إلا أنها تقدم للملتقى فترة زمنية مهمة تتصارع فيها الأحداث الخصية مع الوقائع التاريخية التى مربها الوطن..