السبت 20 أبريل 2024 - 09:20 صباحاً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 
 

فولوا وجوهكم نحوها


محمد ناجي المنشاوي
الخميس 10 سبتمبر 2020 01:47:31 صباحاً



الوعي المصري بأفريقيا قديم ومتوغل في القدم وربما يعود إلى الأسرة الخامسة، فلقد أدرك أجدادنا من القدماء المصريين أهمية جنوب الوادي باعتباره يمثل البعد الاستراتيجي الأهم لمصر ولاسيما نهر النيل وتراوحت العلاقات بين مصر وهذا البعد الأفريقي بين رحلات تجارية تارة ورحلات استكشافية تارة أخرى ولم يخل تاريخ مصر القديم من صدامات وحملات عسكرية، فهناك رحلة حتشبسوت الشهيرة وغيرها من رحلات لآخرين، وكان الهاجس الأكبر عند الفراعنة هو تأمين حدود المملكة المصرية من ناحية الجنوب وكم من حملات قام بها الجيش المصري  لهذا الغرض أو اكتشاف الشلالات الأول فالثاني فالثالث ولست هنا بصدد سرد التاريخ الفرعوني الطويل والعظيم فمجاله المظان الكبرى والموسوعات(موسوعة مصر القديم لسليم حسن) على سبيل التمثيل، إنما المقصود هو التأكيد على وعي وعناية الفراعنة بالجنوب ومع دخول الإسلام مصر اتخذ طريقه نحو أفريقيا عبر السودان  متوغلا ومنتشرا في أفريقيا بأقاليمها المتنوعة من حيث اللغات واللهجات والثقافات والثروات الطبيعية والديانات والمعتقدات والعادات والتقاليد وقدعانت تلك القارة العجوز من ويلات الاستعمار بكل ألوانه وأشكاله وقبله كانت أكبر حركة للسطو على أبناء القارة ليساقوا رقيقا إلى مزارع الرجل الأبيض في أمريكا  رجالا ونساء وأطفالا وذاقوا مرارة الرق والظلم والاستبداد والمعاملة غير الإنسانية  والتفرقة العنصرية وتوجه الاستعمار بكل ماأوتي من قوة إلى ثروات أفريقيا فنهبها نهبا منقطع النظير ولم يتوقف عند هذا الحد بل طالت يده الآثمة  التراث الأفريقي الدال على هويته  فاجتث منه مااستطاع وشوه فيه ماأمكن  وجعل يجرف الثقافة الأفريقية بطريقة ممنهجة  وكل ذلك مصحوب بإرساليات التبشير الديني وانطلق سريعا يزرع مؤسساته ويجند عملاءه وينشئ  وينشر قواعده العسكرية في كل مكان استراتيجي في القارة ويقوي النعرات القبلية. والنزاعات العرقية  ليضمن بقاءه  ريثما  يريد .

وفي الستينيات اشتعلت حركات التحرر الأفريقي من ربقة الاستعمار وباتت القاهرة  ملاذا لانطلاق الثورات في أفريقيا وهي الفترة التي حفرت لمصر مكانة نفسية عريضة وعميقة في قلوب إخوانهم من شعوب القارة السمراء وأمسى اسم (جمال عبدالناصر) يلهج به الأفارقة وتهتف به قلوبهم قبل ألسنتهم وراحت مكانة مصر تزداد قوة هناك وباتت العلاقات المصرية الأفريقية في أوج ازدهارها مما يهيئ لمصر فرصا ذهبية في الاستثمار على كافة الأصعدة بعد أن صار صوت مصر هوالصوت الأعلى،  ومات الزعيم عبد الناصر  صاحب الرؤية العميقة للعلاقات مع أفريقيا وبموته  بدأت حقبة جديدة إبان حكم الرئيس السادات الذي لم يستثمر جهود ناصر في أفريقيا ثم جاءت حقبة حكم الرئيس مبارك الذي نحي بملف العلاقات الأفريقية جانبا حتى اعتلاه التراب  وتزامن ذلك مع تنشيط الدول الأوربية وأمريكا والصين وإيران وقبل هؤلاء جميعا الكيان الصهيوني  وتكالبت الدنيا كلها على أفريقيا ة  مما أسماه المفكر الكبير جمال حمدان  بحالة (استفرا ق) ونحن هنا في مصر بعيدون كل البعد عما يجري في تلك القارة واستفحلت الاستثمارات الأجنبية فيها وفي السر والعلن بات للكيان الصهيوني مكانة مخيفة تهدد الأمن القومي المصري تهديدا خطيرا وبخاصة في دول حوض النيل ونحن إزاء كل هذا غافلون .

صحيح تشهد مصر في وقتنا الراهن صحوة نحو أفريقيا لتتدارك فرصها الضائعة، ولكن كل ذلك لايكفي في غياب الجهل المتبادل بين الثقافتين المصرية والأفريقية وبخاصة دول حوض النيل، الأمر الذي يتوجب علينا معه بث وعيا نوعيا بين شعوب هذه الدول بالثقافة المصرية وكذلك القيام ببث وعي نوعي شامل عميق لدى المصريين بثقافة الجنوب الأفريقي وبخاصة الدول المتشاطئة على نهر النيل وذلك يستلزم منا تخصيص برامج خاصة تقدم السينما الأفريقية وتقوم بتحليلها للمشاهد المصري  باعتبار السينما خير مايعكس صورة الشعوب بشكل جلي وكذلك المسرح ( ولايقتصر الأمر على مهرجان السينما الأفريقية) في أسوان لأن مشاهدي أفلامه جمهور ضيق لايفي بالهدف الذي نتحدث عنه ومانفعله في السينما نفعله في المسرح، وكذلك في مجال الغناء والأدب شعرا ونثرا، وآنني أؤكد على ضرورة التقارب الثقافي فهو قوة ناعمة لايستهان بها  لخدمة مصالح مصر الاستراتيجية في أفريقيا، وعلينا أن نسأل مثقفينا في مصر المتشبعين بالثقافة الأوربية  ماذا تعرفون عن الشعر والرواية والقصة القصيرة والمسرح والفن التشكيلي والموسيقى والسينما والغناء والفولكلور الأفريقي، فحتما ستكون الإجابة مخيبة لآمال السائل