الثلاثاء 23 أبريل 2024 - 11:56 مساءً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 
 

ذكريات علي جناح الاثير


محمد الجراح
السبت 24 أكتوبر 2020 11:08:25 صباحاً



 مشواري في الحياة وقصة التحاقي للعمل بالإذاعة وممارستي لكل فنون العمل الإذاعي؛ واختياري لشبكة الشباب والرياضة التي راهنت عليها دون غيرها؛ على الرغم من أن توزيعي في البداية وبعد انتهاء التدريب كان على شبكة البرنامج العام.

     وقد أردت أن تخرج هذه الذكريات في شكل أقرب إلى القالب الروائي باعتبارها سيرة لا تخلو من حكي وإشارات وتفسيرات وإحالات، وإذا كنت قد بدأت من منتصف الحكايات فأحسب أن القصد هنا هو تقديم ما يتعلق بمشواري مع الإذاعة مع ما فيه من تفاصيل كثيرة وشخصيات بعضها ما يزال بيننا حتى اليوم؛ على أن الذكريات لا تخلو من جرأة وصراحة ولا ينقصها الإقدام؛ ولكنها مع كل ذلك لا تنتهك أو تنال من أحد حتى لو كان ممن اختاروا أن يقفوا في الجهة المقابلة يبادلونك حبك وإقدامك بغيرة وحقد ومؤامرات.

اسأل الله أن أوفق فيما كتبت وأن يجد القارئ الكريم في المادة المدونة بعض الاستفادة.

يقول الراوي:

  بدا لي من خلال استرساله أنه يود أن يؤصل لقصة عمله بالإذاعة حتى صار واحداً من قياداتها فيما بعد؛ وتلاحظ لي أنه يريد التأكيد على معان وتاريخ قد يخص الجميع حتى وهو يتحدث عن نفسه؛ كنت ما زلت أجلس أمامه وهو يتلذذ بحكيه المنهمر مثل سيل العرم؛ وبين الحين والآخر كنت أتعمد النظر إليه لرصد ملامح وجهه وحركة يده اللتين تعكسان تأثره بما يسترجعه من قاع ذاكرته ليعود يطفو على الأوراق وتدب في حروفه الحياة من جديد!.

      كان بخار الشاي الأحمر يتصاعد من كوبينا وأنا أسأله: لماذا لم يقم بتسجيل ما يمليه عليَّ على وسيط حديث يحتفظ له بصوته توفيراً للوقت والجهد؟؛ قال وقتها: الورق مستند يسهل الرجوع إليه للإصلاح والإضافة؛ فقلت له والتسجيل أيضاً يسهل الرجوع إليه للإصلاح والإضافة!؛ قال في حالتي أنا الورق أفضل وأسهل لأننا لم نصل بعد إلى الشكل المرضي لمرحلة تسويق وقراءة الكتب الصوتية؛ أومأت إليه برأسي بغير اقتناع وأنا أعيد الكوب إلى مكانه؛ فرمى برأسه كعادته إلى الوراء ليبدأ حكياً جديداً وأنا استمهله حتى أمسك بالقلم فقال:

    انضمامي للإذاعة المصرية قصة لا تخلو من طرافة؛ إذ أنني وبمجرد إنهائي للخدمة العسكرية انطلقت في البحث عن عمل مثلما رتبت فرضية الاحتمال في الحصول على عقد والسفر للعمل بالخارج وخصوصاً في دول الخليج وعلى رأسها السعودية بالطبع؛ ولا أدري لماذا رغبت السعودية تحديداً؟؛ فقمت باستخراج جواز سفر؛ وتجهيز صحيفة الحالة الجنائية؛ ولم أكل أو أمل في السعي وراء أي إعلان لأي وظيفة مناسبة في هذه الفترة العصيبة التي أصبحت فيها مطالباً بالعمل لبناء مستقبلي؛ وكنت متابعاً لإعلانات الوظائف الخالية قي الجرائد وخصوصاً جريدة الأهرام؛ وكثيرا ما تقدمت بأوراقي لجهات عديدة لم تكلف نفسها عناء تحديد موعد المقابلة الذي لم يأت أبداً!؛ وفي تلك الفترة التحقت بالعمل في المكتب المملوك لأخي الأكبر وكان رحمه الله شقيقاً لي من أبي؛ وكان يعمل في مجال المقاولات المعمارية وإلحاق العمالة المصرية بالخارج؛ وكان المجال الأخير هو المجال الأبرز ذلك أنني لم أر أي مشروع بناء أو تشطيب في الفترة التي مكثتها عنده.

     أغمض عينيه وتباطأت كلماته وواصل بأسى: بدا لي أنني فرضت نفسي عليه على الرغم من عدم إظهاره أي إشارة قد تدل على تضجره؛ وطوال الشهر الذي أمضيته عنده لم أكلف بأي عمل على الإطلاق؛ وكنت أمضي يومي في شرب القهوة التي كانت سكرتيرته تحسن صنعها هي والشاي حتى هل علينا شهر رمضان؛ فأردت أن أختصر الطريق عليه وعلى هيئة مكتبه فأخبرتهم بأنني لن أستطيع العمل في الشهر الكريم نظراً لحرارة الجو الشديدة؛ وعدم قدرتي على السفر يومياً من المنزل إلى المكتب في تلك الأجواء الملتهبة بحرارة الصيف وظمأ الصيام؛ ولاقى قراري ترحيباً كبيراً من الجميع؛ وبدا لي أخي كما لو كان ينتظر مثل هذا القرار منذ فترة؛ فأثنى على الفكرة وقام من فوره بصرف حوالي مائة وبضعة جنيهات مكافأة لي على أيام العمل؛ كان قراري وقتها هو الابتعاد كلية وعدم العودة؛ وأظن أن أخي كان يشعر بذلك ولم يرد أن يثنيني باعتبار أن مبادرة الابتعاد قد جاءت من جانبي فلا يقع في حرج مع الأسرة؛ فغادرتهم مفتقداً قهوة السكرتيرة الحسناء؛ وأنس شقيقتها التي أراد أخي أن تكون زوجتي وفاتحني في أمر خطبتها؛ فتهربت من اقتراحه وتحججت أمام عرضه بحجج كثيرة حتى كف عن الإشارة إلى الموضوع!.