الثلاثاء 21 مايو 2024 - 12:23 مساءً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 
 

سطور الحدّ الأدني


حامد محضاوي.. تونس
السبت 31 أكتوبر 2020 01:29:02 صباحاً


المفارقة بيننا وبين فرنسا
أخذت أعطال فرنسا (أكاديميّا، اجتماعيّا، اقتصاديا، ثقافيّا) في التفاقم منذ نهاية عهد الرئيس جاك شيراك المتابع للمآل لا يمكن أن يرى وقائع الحال القائمة إلا بكونها نتيجة طبيعيّة لهذا المسار. المعركة الأنية ليست سوى ذر رماد على العيون للايهام واعطاء فرصة لتكوين عدو خارجي، حتى يقع تناسي المشاكل العميقة والحقيقيّة، ماكرون المتصابي لا يمكن أن يرى إلا من زاوية انتخابية، مجد السياسة الفرنسية فقد معدنه من سنوات وما ماكرون إلا مجرّد لحظة ارتداديّة في سياق إنحدار كلّي لمنظومة فرنسية صدئة يجب أن تغالب اعطال الداخل. للأسف كل من يريد حروب التعويم والالهاء يجنح لخلق صراع مع قطيعيّة إسلامويّة معيّنة, يقع تشغيلها عبر آليات تحشيديّة واستفزازيّة في المتناول. ما نشهده هذه الأيام هو تكرار ممل وسخيف لوقائع وتطاحن خبرته التجارب في أكثر من واقعة. ليس هكذا يتم الدفاع عن النبي/ القتل والإرهاب بإسم الدين هو حجة العاجز و المتطرف. في هذا السياق أستحضر قولة للمفكر اللبناني أمين معلوف"يا إلاهي إني برئ من جميع الحروب التي تقام بإسمك في هذه الأرض". لنا في الموروث الإسلامي، إلى جانب النسق العنيف في تصوّر البعض تصور أخر للمحاججة بعيدا عن القتل، يتمثّل في الردود التي أتت على مواقف بن الرواندي الذي كان يعيش في بغداد ويجالس الأئمة و الفقهاء، كان معروفا بإلحاده و كان شديد السخرية من الإسلام و يهزأ من الرسول وعبّر عن هذا في كتابه "الزمردة".رغم هذا لم تقع الدعوة لتجريمه أو قتله بل وقع الردّ عليه في إطار جنس عمله حيث رد عليه أبو الحسين الخياط المعتزلي بكتاب "الإنتصار في الرد على بن الرواندي الملحد".هذا هو المطلوب اليوم الردّ على أي رأي مخالف أو تجني فكري يكون عبر المحاججة الفكرية و الإستلهام من النقاط المضيئة في الموروث. الراهني اليوم والمتأكّد هو ضرورة تفكيك هذه القطيعيّة العصبيّة، كي يقع الخروج عن منطقة نطيح الأكباش وفك الارتباط بحروب الوكالة والإستغلال. هذا يكون عبر معالجة شاملة تحت راية الاصلاح الديني. هذا الإصلاح لا يجب أن يكون تحت أي غطاء سياسي أو أي طرف إيديولوجي أو أي نسق فكري. مسألة الإصلاح الديني تتطلب الإستقلالية التامة عن أي إرتباط مهما كانت درجة فعاليته. أي تداخل أو اصطفاف يخرج آليا المشروع من سياقه الحيادي والعلمي ويخضعه وجوبا للتموقع و الدفاع عن وجهة نظر معيّنة مقابل اغلاق زوايا نظر أخرى، حالة يصبح الإرتداد والعودة إلى المربّع الاول فيها حتميّة و لا تتحقّق معها مطلبية التغيير و الاصلاح. على المثقفين وأصحاب المشاريع النهضوية الحقيقيّة الخروج عن منطق التخندق الحزبي والايديولوجي والعمل على توحيد الجهود في إطار رسم مناخ استقلالية يضمن بدرجة اولى توفر الآليات الموضوعية والإلتزام بالمعيار العلمي المعرفي في الحديث عن مشروع إصلاح ومراجعة للتراث في ارتباط بكل الإختصاصات المتداخلة في الموضوع وعدم استثناء أي منها. *حامد محضاوي _ تونس