الجمعة 03 مايو 2024 - 11:17 صباحاً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 
 

ذكريات على جناح الأثير


محمد الجراح
الأحد 08 نوفمبر 2020 02:48:27 صباحاً



      أشرت في المقال السابق إلى قصة التقائي بالصحفي اللبناني والذي ظننت أنه الكاتب الصحفي إسماعيل النقيب؛ وكيف تحدثت معه وكيف رحب حتى راى نماذج من أعمالي فصدمني بأنها أقرب للمقالات منها إلى فنون الصحافة لكنني لم أعد من عنده مكسور الخاطر وإلى التفاصيل.

     قلت له هذا ما يتوفر معي الآن؛ ولكنني أجيد عمل التحقيقات وكتابة وصياغة الأخبار واجراء الحوارات؛ وأن الوقت لم يسعفني لإحضارها، فقال لي عموماً لن نخسر شيئاً؛ عليك الآن بطرح موضوعات لنختار منها ما ستبدأ به؛ وبالفعل عرضت عليه عناوين عدة موضوعات ليختار منها ما يناسب طبيعة الجريدة والمجلة اللتين يراسلهما؛ وقبل أن أنصرف قال لي لابد أن تدعم التحقيقات بالصور وأن تكون ملونة ومقاس 13× 18، وهكذا بدأت رحلتي معه أنجز له الموضوعات المطلوبة ويدفع لي 25 جنيهاً مقابل الموضوع، وكانت عملية تحميض وطبع الصور تستنزف معظم ذلك المبلغ الزهيد، أما أكبر مبلغ حصلت عليه منه فكان 40 جنيهاً مقابل تحقيق وتقرير؛ وبعدها وجدت أن الموضوع غير ذي فائدة ويستنزف وقتي وجهدي ومالي بلا أمل أو نور أهتدي إليه، كنت في حيرة لكنني لم أسمح لليأس بأن يتمكن مني؛ وبدوت مقاتلاً يجيد الكر والفر بما تحت يده من سلاح؛ وفي لحظة شعرت بارتباك وحيرة؛ فلا الفترة التي قضيتها في الأهرام آتت ثمارها؛ ولا عملي لبعض الوقت بجريدة الحياة المصرية قد أثمر؛ ولا حتى التجربة مع ذلك المراسل اللبناني كانت ذات جدوى؛ وكان لابد من خطة أستعيد بها نفسي قبل أن يتسلل إليها اليأس بينما أخوض الغمار بلا سلاح؛ وعلم أخي الأكبر بما أعانيه؛ فأخبرني أنه تربطه صداقة جيدة بضابط شرطة من ذوي المناصب الرفيعة يستطيع تعييني في تخصصي الدراسي بهيئة الآثار!، لم أكن متحمساً؛ ولكنني أعقلت الأمور ووجدتها فرصة لا تتاح بسهولة لأحد وقد لا تتكرر؛ ورأيت أنني بإمكاني أن أجمع بين الوظيفة وعملي المتقطع في الصحافة حتى يقضي الله أمراً؛ فقابلت الضابط الكبير في مكتبه بمجمع المصالح الحكومية بميدان التحرير؛ وحرر لي كارت توصية لأحد الموظفين الكبار بهيئة الآثار بمقرها بالعباسية؛ وفي الحال ذهبت إليه وكان يرأس ساعتها اجتماعاً للجنة الدائمة للآثار؛ فخرج من الاجتماع مهتماً وبيده الكارت يسألني ما هو المطلوب؟؛ فأخبرته بأنني أريد العمل في مجال تخصصي، فسألني: "تحب تشتغل فين"؟ فقلت له إنني خريج قسم الآثار المصرية وربما يكون تفتيش آثار الأهرام هو الأقرب والأنسب لي، فعاد وسألني ومتى تود بداية العمل؟ فقلت له لو أمكن اليوم فلن أتأخر!، فأشار لأحد موظفيه ليحرر عقداً موسمياً معي؛ وسلمني خطاباً موجهاً لمدير عام منطقة آثار الأهرام لاستلام العمل في اليوم نفسه!؛ وهكذا ضمنت عملاً حكومياً لم أكن مقتنعاً به من الأساس؛ كان عقلي الذي انفتح على ابداع العالم أكبر بكثير من كل من قابلتهم؛ وكان علاجي هو العمل في مجال ابداعي رأيته وقتها أنه مجال الإعلام ولا شيء غيره.

       في تفتيش آثار الأهرام استقبلني واحد من دفعتي استقبالاً فاتراً؛ وأشعرني أنني ما قدمت إلا لكي أزاحمه أو أشاركه في رزقه؛ فلم أهتم به حتى وهو يكرر ذلك الأمر مع زميل آخر من الدفعة نفسها كان قد جاءنا بعد وصولي بعدة أشهر على الرغم من أننا لم نكن نمارس أي عمل يتعلق بتخصصنا، وكانت كبيرة مفتشات منطقة آثار الأهرام تستهلك وقتها مع التطريز وإبر الكروشيه؛ أما المدير فكان في مكتبه يتصفح الجرائد أو يوقع على الأوراق الروتينية؛ وصرت واحداً ممن يتناول القهوة والشاي طوال اليوم؛ وكان جهد بلائنا إذا أردنا التعب هو القيام بجولة على العمال والحراس والتوقيع في دفاتر يومياتهم بما يفيد مرورنا عليهم!.

                                                                         يتبع ؛؛؛؛                     محمد جراح