الثلاثاء 21 مايو 2024 - 08:43 مساءً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 
 

سطور الحد الأدنى


حامد محضاوي.. تونس
الاثنين 09 نوفمبر 2020 10:02:42 مساءً



في النّفسي والإرتباك * الجسد النفسي ليس بحثا في الأسباب المعلنة بقدر ما هو تشريح للفواصل الغامضة. الرؤية الإنطباعية أو التّحليل النفسي الطبّي لا يستقيم في فكّ المعادلة، في عديد المواضع لا يجب التّعامل على أساس راهنية البحث عن علاج بقدر ما هو تحليل و تفكيك للحالة، و معايشة بعيدة عن منهج التقييم الطبي. هي منطق تفاعلي خارج وصفات العقاقير وحبّات الدواء. هذه الأخيرة في الغالب ما تلعب أدوار جزئية لا تتجاوز فعل التّخدير والتهدئة و بانعكاسات سلبيّة على المدى الطويل. الفواصل الغامضة لا يمكن فهمها أو سبر أغوارها في إطار علاقة تراتبية "طبيب ومريض"، إذ أنّها تكون في إطار لقاء محدود زمنيا ومكانيا، و في إطار آليّات توصيف تقليديّة، تبحث أكثر في المرئي، و ما تأتي به مجموعة الحكم الطبيّة التي تكون في الغالب نفسها مع مختلف الحالات. من هناك تفقد التّجربة الذاتية حضورها في مدى الإهتمام وسبل إستنطاق فواصلها الغامضة. يبقى مجال التّوصيف بحسب الأسباب المتداولة والعلامات المعدّة سلفا هي البوصلة التي تشير، لكن لا تقدر على ولوج المكامن الفرديّة والتّفاعلية للحالة المخصوصة. إنّنا من خلال هذه القراءة لا نغلق الباب على الجانب الطبّي، نتحدّث فقط عن جانب يمكن ان يكون فيه الحل قبل الوصول للخيار الطبّي المتداول. في ظلّ واقع مازال يعتقد في عدم رجاحة التواصل والتردّد على زيارة أخصائيين نفسيين من ناحية ومع تنامي الظواهر النفسيّة المتنوّعة حتى أصبح مجالا لأجساد نفسية واهنة فإنّ المجال وجب ان يتّخذ رؤية وسطا تتطلّب تفعيل الإعتمالات اليوميّة من علاقات وروابط لمحاولة تحجيم هذا المد السّلبي. الوسيط بالطبع لا يكون من خارج الإطار المحيط. مازال الرأي الشعبي العربي في عمومه يعتقد بأنّ الوهن النفسي بغير جدوى، يجنح إلى تصنيفه في مخرجات متعدّدة منها المزاجي والسّطحي وغيرها. هذا الإستشراء لظاهرة عدم المبالاة خلق مشاكل متعدّدة في مستوى التبعات، مظاهر الإنتحار في أوساط الشّباب والأطفال، تنامي الكآبة ومظاهر العزلة، تشظّي الواقع الجمعي، هي وغيرها جملة مخلّفات ترى ولكن لا أحد يريد ان يتبيّن نطاق تشكّلها الحقيقي. أو بالأحرى مازالت خاضعة لرؤية أحادية سطحية. منطق العولمة اليوم أدّى إلى خلق نسق متسارع وخلق نظرات تفاعل متباينة، أدّت إلى إفراز مظاهر مرضيّة منها الروتين والأولويّة للمعيار الإستهلاكي، وتفاقم الفوارق بمختلف تمظهراتها، تشكيل شبه غربة عن الفعل الإنساني لفائدة الإعتمال المادي الصّرف. هذا السّير الأعرج خلق نسقيّات متباينة جدّا في مستوى تعريف الإنساني وجملة التّناقضات التي تسري في هشيم الفعل. من هنا يمكن ان نتبيٌن مدى تضاؤل قيمة التواصل في بعده الإنساني لفائدة الإتصالي بوسائط إفتراضية ظرفية. حتى أصبحنا نرى مشاغل إفتراضية واسعة وشبكات إتّصال يوميّة ولكن بوسائط آلية لا إنسانية واقعية. أي أنّ الظّاهر أصبح مقنّعا ولا أحد يلبس عري ذاته. هذا ما خلق شبه تشوّه في التّصور الواقعي، حيث نرى أجساد واقعيّة في رؤى متباينة. لا يكشف عن غربتها أو إحتمالاتها الدّاخلية إلا جملة القضايا الإرباكية الذاتية بعيدا عن سوق الواجهات الإفتراضية. الإطار اليوم مطالب بأن يجمع هذا الشّتات، لا بصفة أمرية أو هيكليّة فوقيّة، ولكن عبر إنتماءات الأفراد للنقد الذاتي، أي أنّ الإقتناع بالمشكل جزء من معادلة التّجاوز.