الثلاثاء 23 أبريل 2024 - 02:00 مساءً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 
 

ع البحري


محمد جبريل
الأحد 22 نوفمبر 2020 11:46:25 مساءً



"مارتش".. وغياب الوعي

إرميا، مسرحية لستيفان زفايج. أتاحت لي مكتبة أبي قراءتها في سن باكرة. ترجم المسرحية إلى العربية أستاذنا محمد مفيد الشوباشي. وبرغم شحوب الوعي - آنذاك - بالقضية الفلسطينية، فقد أحدثت الرواية في ذهني ما يشبه الصدمة. النبي اليهودي إرميا يحذر أبناء ديانته من الخطر المحدق على يدي بختنصر. يهملون سماع عديد التحذيرات، ويقبلون على الحياة بمغايرة لتوقعات الخطر، ويحدث ما تناساه اليهود.

لا يكتفي إرميا بالسؤال: ألم أحذركم. ثم يتجاوز السؤال إلى قيادتهم في رحلة المنفى، وهم يرددون أغنيات العودة.

لولا أن ستيفان زفايج هو مؤلف المسرحية، لحسبتها على المنشورات الدعائية الصهيونية.

من هنا، كان إحساسي بما يشبه الصدمة لمقال عن زفايج، كتبه الناقد الكبير الراحل رجاء النقاش، عرض فيه لجوانب من حياة الكاتب النمساوي بعنوان " يهودي شريف". استعدت قراءتي لمسرحية زفايج في مقال ينفي الشرف عنه، وأنه يحتل موقعًا بين كتاب الميديا الصهيونية.

قام حوار قلمي بين النقاش وبيني، شارك فيه بمداخلات عدد من مثقفينا، ظلت في دائرة وجهات النظر التي لا تسخف رأي الآخر، ولا ترفضه.

أعادني إلى إرميا رواية " مارتش" للكاتبة الاسترالية جيراالدين بروكس، قوامها الحرب الأهلية الأمريكية. وبرغم أنها تنتصر للسود الذين جلبوا عبيدًا لمستعمري بلاد الهنود الحمر، فإن المزاعم الصهيونية تتخلل الأسطر بما يثير قضية الوعي، وأن الترجمة ليست في مجرد نقل "النص" دون هوامش تعلق على ما قد ينبو عن الصدق والموضوعية.

الرواية تتحدث عن " ذلك اليوم العظيم البراق، حتى يرث بنو إسرائيل ميراثهم، ذلك الميراث سيكون أمة واحدة، حرة إلى الأبد". وتنقل الكاتبة من الكتاب المقدس قوله: "إننا عن انفسنا سنذهب، مستعدين ومسلحين أمام بني إسرائيل، حتى نعيدهم إلى مكانهم، فلن نعود إلى ديارنا حتى يرث بنو إسرائيل ميراثهم". ويبرر الرجل توجهه إلى الحرب: لأن بداخل هذا البلد - وأنا أنقل الكلمات - أرضًا، يمكن أن يطلق عليها أرض ملعونة، فلابد أن نتحرك ونخلع الشر من جذوره الكامنة هنا".

لا أدين المترجمة الدكتورة أماني توما، ولا أدين فعل الترجمة، لكنني كنت أرجو لو أن المترجمة، أو المشرف على سلسلة الجوائز التي صدرت عنها الرواية، عني بالحقائق التاريخية، فلا يتشوش ذهن القارئ، أو يمضي وعيه إلى طرق خاطئة!