الخميس 25 أبريل 2024 - 11:48 مساءً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 
 

ذكريات علي جناح الاثير


محمد الجراح
الاثنين 23 نوفمبر 2020 03:49:56 صباحاً



  وأثناء السعي لمعرفة نتيجة الاختبار الأول بالإذاعة أتذكر أنني تمكنت من الالتقاء بالأستاذ محمد صالح رئيس قسم الإذاعة والتليفزيون بمكتبه بجريدة الأهرام بوجهه الأسمر؛ وشعره المجعد اللامع؛ وملامحه الجنوبية الدقيقة؛ طلبت مساعدته فقام بتحرير كارت توصية بلغة محايدة موجه إلى الإذاعي الكبير "جلال معوض"؛ ولما ذهبت بالكارت إلى مبنى ماسبيرو أخبرني موظف الاستعلامات بأن السيد "جلال معوض" لم يعد يعمل بالإذاعة منذ أن أُبعد عنها في أوائل سنوات حكم الرئيس "السادات" بعد قيامه بما أسماه ثورة التصحيح!، ربما كنت أحفظ صوت جلال معوض مذيع الرئاسة وحفلات أضواء المدينة وأم كلثوم؛ لكنني لم أكن أعرف اسمه معرفتي باسم المذيع "أحمد سعيد" الذي كان يملأ الآفاق شهرة بصفته مذيع بيانات حرب يونية الكاذبة والخادعة؛ تعجبت وأنا أقف حائراً أمام موظف استعلامات "ماسبيرو" وقلت في نفسي مندهشاً: كيف غاب عن رئيس قسم الإذاعة والتليفزيون بالأهرام موقف "جلال معوض"؟؛ فعدت من جديد سيراً على الأقدام إلى الأهرام لأخبره بما حدث فبادرني بقوله: ألست أنت من طلب الكارت لجلال معوض؟؛ لم أشأ الرد عليه لأقول له إنني لم أكن أعرف اسم جلال معوض لأطلب أن توجه التوصية لسيادته؛ فحك ذقنه وهو يقول: ينفع "فهمي عمر"؟؛ كان الأستاذ فهمي عمر وقتئذ رئيساً للإذاعة؛ فابتهجت لأن اسمه كان رناناً؛ وكنت أعرفه مثلي في ذلك مثل ملايين المستمعين من تعليقه على مباريات كرة القدم بلغته البسيطة والرشيقة والبليغة والذي كان يذاع مساء على موجة البرنامج العام؛ أخذت الكارت وتوجهت من جديد إلى ماسبيرو وحسناً فعل موظفو الاستعلامات لما اتصلوا بمكتب رئيس الإذاعة وسمحوا لي بالصعود لمقابلته؛ رأيته جالساً على مكتبه فألقيت عليه السلام وصافحته فأشار لي بالجلوس، وعلى الفور بدأت في شكر الظروف التي هيأت لي هذا اللقاء مع واحد من أساطين الإذاعة المصرية؛ فما كان منه إلا أن طلب مني الدخول في الموضوع مباشرة وعبور مثل هذه الكلمات المجانية التي ربما مل من سماعها من كثيرين غيري بالتأكيد؛ وبدا في صوته استعلاء أحرجني؛ فساد توتر لم أستطع معالجته أنا كشاب يفتقد حنكة العرض أمام مسئول يتحدث معي بلغة آمرة؛ وقادتني رعونتي في الرد إلى الخروج من مكتبه شبه مطرود لما ضاق من كلامي بعدما أخبرته بأنني اختبرت وأن النتيجة تأخرت وأن هناك من عرف بنجاحه!، كان يقول لي إنه بصفته رئيساً للإذاعة لم يعتمد أي نتيجة بينما أنا مصر على التأكيد بأن هناك كوسة؛ وبدا أنني أزعجته؛ فما كان منه إلا أن سألني عن اسمي كاملاً وقام بتدوينه في ورقه أمامه بقلم رصاص وهو يقوم واقفاً ويقول لي شرفت يا أستاذ محمد؛ فارتبكت قائماً وأنا أودعه؛ بينما كارت توصية الأستاذ محمد صالح ما يزال في يدي؛ فانصرفت به إلى منزلنا ولم أعد إلى الأهرام مرة أخرى!؛ وطوال الطريق كنت أتساءل مالذي جعل المقابلة تسير بالشكل الذي سارت عليه لتنتهي بتلك النهاية الأليمة؟؛كان من المفروض أن أقوم بإعطائه الكارت وأبلغه سلام من أرسلني وأنتظر ليسألني عن الخدمة التي يمكن أن يقدمها لي؛ فأخبره بأنني امتحنت وأريد دعمه في كل الأحوال؛ فيضغط على زر الجرس فتدخل سكرتيرته فيطلب منها أن تتصل بالأستاذ "فلان" لمعرفة نتيجتي، أو أن يطلب مني أن أعود إليه بعد فترة قد تكون أسبوعاً أو أكثر؛ أو يعطيني رقم هاتف مكتبه لاتصل بسيادته بعد مدة زمنية سيحددها هو، كان المفروض أن يكون هذا هو سيناريو اللقاء الذي بدأ غريباً حتى ليظن ظان أن طرفاً ثالثاً هو الذي كان يديره لينتهي تلك النهاية المؤلمة!؛ طبعاً تأزم موقفي وبدلاً من أن أكسب عطف رئيس الإذاعة إذا بي أكسب عداوته بلا داع؛ ولم أسأل بعدها عن النتيجة لأنني تأكدت أنني سأكون من الراسبين؛ وبالفعل لم يصلني من الإذاعة ما يفيد اجتيازي لاختبارهم!.

                                          يتبع؛؛؛؛؛                                        محمد جراح