الثلاثاء 07 مايو 2024 - 10:41 صباحاً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 
 

التطهير.. أو الكابوس



السبت 23 أغسطس 2014 08:07:10 صباحاً



عندما كتبت فى هذه الزاوية يوم السبت الماضى عن ضرورة فصل الموظفين الإخوان من الوزارات الخدمية -مثل وزارة الكهرباء- تلقيت عشرات المكالمات من مواطنين، أغلبهم يؤيد ما كتبت، وأقلهم يعترض بشدة.
 
المؤيدون يؤمنون، مثلى، بأن «الكائن الإخوانى» لا أمان له على الإطلاق، وأن ولاءه الأول والأخير لجماعته التى يئست تماماً من العودة إلى حكم مصر، فقررت أن تخربها وتدمر مرافقها وتحيل حياة المواطنين جميعاً إلى جحيم لا يُطاق، بل إن بعض المؤيدين تجاوزنى بمسافات شاسعة فى مقته لـ«الكائن الإخوانى»، حيث لا يطيق هذا البعض مجرد السكن فى عمارة يقطن فيها إخوانى، أو حتى يصلى فى مسجد يعتاده الإخوان! أما المعترضون -وهم فئة قليلة جداً- فلديهم إحساس عام بأن «الدولة» لجأت -عن قصد- إلى تضخيم حوادث حرق وتفجير أبراج ومحولات الكهرباء على أيدى مجهولين، لتتهرب من مسئوليتها عن الفشل فى حل أزمة نقص الطاقة وتهالك معظم محطات التوليد، وأنها بدلاً من مصارحة الشعب بالحقيقة علقت فشلها على شماعة «الإخوان».. وقد ذهب بعض هؤلاء إلى أن الإخوان ليس من مصلحتهم الآن تعذيب المواطنين بقطع الكهرباء والمياه عنهم معظم ساعات أيام الصيف، وأنهم فى أشد الاحتياج إلى تعاطف الناس معهم، أو على الأقل وقوف المواطنين على الحياد، حتى تنتهى معركتهم مع النظام الحالى.
 
والحقيقة أننى قررت خلال الأسبوع الماضى أن أبذل مجهوداً إضافياً فى بحث حقيقة الوجود الإخوانى فى مواقع إتاحة أو منع الخدمات عن المواطنين، وقد أدهشنى أن ما كتبته وما تحدثت عنه فى بعض البرامج التليفزيونية، وكان بالنسبة لى مجرد معلومات غير مؤكدة، طالبت الأجهزة الأمنية بتأكيدها أو نفيها، كان منذ أول يوم لرحيل الإخوان عن الحكم، من العلم العام داخل وزارة الكهرباء التى يحتل فيها عدد غير قليل من معتصمى رابعة، مراكز قيادية تتوزع بين ديوان عام الوزارة وبين مديريات وإدارات الكهرباء فى معظم المحافظات، بل إن بعض المحطات العملاقة التى تغذى عدة محافظات فى الدلتا يشرف عليها شخص، ظل لمدة شهرين بعد الإطاحة بالرئيس الإخوانى يبشر المحيطين به بأن «مرسى» سيظهر فى «الاتحادية» قريباً، وأن قادة الانقلاب العسكرى سيتم القبض عليهم وإعدامهم فى ميدان عام!، هذا فضلاً عن الأسماء المحددة التى أعلن عنها الدكتور سامر مخيمر قبل أيام فى برنامج تليفزيونى، ومن بينهم نائب رئيس الشركة القابضة لشئون المحطات الذى قضى 47 يوماً فى اعتصام رابعة، وأصيب يوم الفض برصاصة فى قدمه، وخضع للعلاج فى مستشفى وزارة الكهرباء، مدعياً أنه تعرض لحادث جنائى ورفض تحرير محضر بالواقعة!
 
ورغم ذلك، كله يظل هناك سؤال قانونى وأخلاقى شديد الأهمية: هل يجوز -قانوناً وأخلاقاً- أن نفصل موظفاً من عمله لمجرد أنه إخوانى؟ ألا يتعارض هذا مع نصوص صريحة فى القانون -فضلاً عن الدستور- ويتعارض أيضاً مع الأخلاق التى تحض على مراعاة معاش واستقرار حياة البشر حتى لو كانوا من الأعداء؟ والحقيقة أن الظرف الراهن الذى تمر به المنطقة العربية كلها، ووقائع تفكك وانهيار بعض الدول الشقيقة بسبب «الإرهاب الكافر».. وتعرّض ملايين المواطنين العرب للقتل والتهجير القسرى وبيع النساء فى مزادات النخاسة التكفيرية، وظهور كتائب مسلحة فى مصر مرة فى حلوان، وأخرى فى الفيوم.. وإعلان «داعش» أنها ستغزو مصر قريباً لتحولها إلى خراب.. كل هذا يضعنا أمام مأزق خطير لا مجال فيه للتساهل فى مواجهة هذه الموجة الشيطانية الخائنة.. فنحن الآن فى قلب إعصار تكفيرى لن يرحم شيخاً أو طفلاً أو امرأة، وقد توغل هذا الإعصار فى العراق وسوريا وليبيا واليمن والسودان، وظهرت أذرعه على تخوم مصر، بل عبرت التخوم إلى الأطراف، وأى تساهل فى مواجهة هذه الموجة العاتية سيؤدى بنا إلى مصائر كارثية.
 
فى ظل هذه القراءة لمجمل الأوضاع من حولنا، وفى ظل ما نعرفه عن كفر الإخوان بالوطن والوطنية، وعن النزعة الانتقامية التى تتملكهم ضد كل من شارك فى ثورة 30 يونيو، وضد من لم يشارك أيضاً ولكنه لم يناصرهم، يصبح التطهير والاستبعاد من مواقع اتخاذ القرار فى كل الوزارات وفى الجامعات أيضاً، أمراً حتمياً، خصوصاً أننا على مشارف بدء العام الدراسى الجديد، وإذا تركنا الخلايا الإخوانية السرطانية ترتع فى الجامعات، فسوف يتسع الخراب، وساعتها لن يفيدنا الندم ولن تسعفنا الأخلاق ولا القوانين فى البحث عن ملاذ من هذا الكابوس.