الجمعة 29 مارس 2024 - 01:07 مساءً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 
 

الي تلك التي


ريم عبد الباقي.. السعوديه
الجمعة 18 يونيو 2021 09:30:52 صباحاً


قصص المهمشين ..
وقف متأملاً رذاذ منظف الزجاج ينزاح بكل انسيابيه بفعل الماسحة التي استعملها عامل النظافة بكل إتقان واحترافيه تاركا الزجاج لامعاً مع انعكاس أشعة الشمس عليه.. ابتسم له من خلف الزجاج هامساً لنفسه: كيف كان سيبدو الزجاج لو لم يتقن تلميعه؟! سرح بفكره لأبعد من عامل النظافة.. ماذا لو كتبنا عن المهمشين بدلا من أبطال الحكايات؟! مثلاً لو حكى لنا مسرور قصته بدلا من شهرزاد أو شهريار.. لو أخبرنا كم من مرة بكى لأنه اجبر على تنفيذ القصاص الظالم في فتاة بريئة تعاطف معها وأشفق عليها.. ماذا لو حكى لنا كم من ليلة جافاه النوم بها أو استيقظ فزعا وهو يسبح في بحر من الدم والدموع؟ ماذا لو حكى لنا أنه كره شهرزاد لأنها همشت دوره في حياة شهريار أو ربما عشقها سرا؟ أو أن إحدى الفتيات التي أمر بقطع رقبتها كانت محبوبته التي لم يجرؤ على أن ينقذها من سيفه وقتلها بيديه السمراوان تنفر عروقهما وتنبضان كمدا، حزنا وقهرا، يغشى الدمع عينيه مختفياً خلف قناعه الجلدي.. أو أنه كان سعيدا لإنقاذها من الحياة عنوة مع شهريار؟ لماذا لم نسأل يوما أن كان جميع الأقزام السبعة سعداء باقتحام سنو وايت لحياتهم.. هل كانوا كلهم مبهورين برقتها وبراءتها؟ هل كان جميعهم مرحبين ببقائها في منزلهم؟ هل عشقها أحدهم أو حقد عليها؟ ماذا لو أخبرنا أحدهم انه كان سعيدا عندما ظن أنها قد ماتت؟ أو أنه ساعد الملكة في الوصول إليها؟ هل كانت براءتها الساذجة كافية لتجعلها محور أحداث حياتهم التي انقلبت بظهورها؟ هل تقبلت إيفيجينيا بصدر رحب أن تكون قربانا للآلهة حتى يتمكن والدها المعتوه أغا ممنون من مواصلة الحرب لاسترجاع زوجة أخيه الطائشة هيلين؟ لماذا أعتبر أخيل وهكتور أبطالاً ولم يسمع معظم الناس باسمها؟ علمنا بقصتهم جميعاً وبقيت هي مغمورة الذكر لم يسمع عنها أحد.. ماذا لو أنها أعلنت رفضها لأن تكون قرباناً وأن شرف الجيوش اليونانية لا يعني لها شيئاً؟ ماذا لو أنها هربت واختفت؟ أكنا سمعنا بكل تلك الملحمة؟ ماذا لو غيرنا اسم القصة الشهيرة علي بابا والأربعين حرامي؟ ألم تكن مرجانة هي البطلة الحقيقية للقصة؟ ألم ينقذ دهائها وذكائها علي بابا مرارا وتكرارا؟ أليست هي السبب الحقيقي للحكاية والتي لولاها لقتل الأربعون حرامي علي بابا وانتهت القصة ولم يعلم بها أحد؟ هل بقي على ودها؟ أوفاها جمائلها؟ هل بقي وفيا لها؟ هل ندمت يوما لأنها أنقذت حياته؟ لماذا لًم يهتم ببطولتها أحد؟ ما أكثر الحكايات وهمية كانت أو حقيقة ويبقى دائما هناك فارسا خفيا أو بطلا هامشيا لا يهتم برؤيته أحد أو معرفة نسخته من الحكاية.. لماذا لا يهتم أحد برواية الحكاية من منظور المهمشين؟ لماذا افترضنا انهم سعداء راضين بدورهم المهمش في القصة والذي يخدم في النهاية تفخيم دور البطل الأساسي؟ ماذا لو أبدلنا النهايات وجعلناها تنتصر لأحد هؤلاء المهمشين؟ كأن يقتل مسرور شهريار في النهاية مخلصاً العالم من ملك عديم الفائدة.. سفاح، مريض سيكوباتي السلوك هو أكثر إجراما من هتلر وجنكيزخان وتيد باندي مجتمعين ليصبح هو الملك، ألن تصبح الأحداث أكثر منطقية وعدلاً؟ أو أن يتخلص الأقزام السبعة من الملكة بكل ظلمها وشرها ويصبحون ملوكاً لمملكة الأقزام السبعة السعيدة، ألن يكون الأمر أكثر إمتاعا؟ أما كان أولى بإيفيجينيا أن تتحالف مع والدتها وبقية الآلهة للتخلص من والدها المتعجرف المغرور وتصبح هي بطلة حكايتها؟ أما كان سيعم السلام ولانتهت حرب طاحنة دامت لعشر سنوات في ذلك اليوم؟ لم لا يصبح عنوان القصة مرجانه والأربعين حرامي؟ أليست هي الأحق بدور البطولة؟ تنهد قائلاً: ما أكثر المهمشين في هذه الحياة، هم الأبطال الحقيقين للحكايات بشكل أو بآخر، ولكننا فقط لم نهتم لسماع أصواتهم. أفزعه الصوت الصارخ خلفه وقبل أن يتلفت انهالت على رأسه عبارات التوبيخ على سرحانه وإهماله آمرة إياه بالإسراع لحمل حقيبة سيادة المدير.