الجمعة 26 أبريل 2024 - 06:15 صباحاً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 
 

الي تلك التي


ريم عبد الباقي.. السعوديه
الخميس 15 يوليو 2021 09:08:36 مساءً


فرانكشتاين ..
في مواقف كثيرة تحضرني تلك القصة ليطل من زاوية ما وجه ذلك الوحش مبتسما بفجاجة بشاعته، من منا لم يسمع عنه أو قرأ أو شاهد أفلاما مستوحاة من قصته الشهيرة التي كتبتها الكاتبة ماري اشلي والتي وباختصار شديد تحكي عن فيكتور فرانكشتاين الذي حاول صنع كائن بشري، ولكنه في الواقع خلق وحشا قاتلا تسبب في قتل كل عزيز عليه وتدمير حياته.. تدفعني حينها تلك القصة للتفكير في أن كل منا هو فيكتور فرانكشتاين ولكل منا وحشه الخاص به.. نحن من نصنع الوحوش التي تسيطر على حياتنا وتدمرها، نعطيها أكبر من حجمها ونسمح لها أن تكون تهديدا لكل عزيز وذو قيمة لدينا، نغذي وحوشنا لتصبح اقوى منا وأكبر، لتبتلع بعد ذلك كل حياتنا.. سواء كانت تلك الوحوش أشخاصا يقتحمون حياتنا أو أفكار تأسرنا أو معتقدات تقيدنا أو مشاعر تجتاحنا.. هناك وحش يختفي تحت قناع الحب.. يرتكب الشخص بسببه كل الحماقات التي تدمر حياته، يسمح للطرف الأخر أن ينتهك إنسانيته ويصمت عن ساديته بدافع التضحية ووهم الحفاظ على ذلك الحب، أو الحب الذي يصيب الأنسان بالهلاوس والظنون والشكوك والتعلق المريض فيتلظى بقلق فقدان من يحب وهذا قلق طبيعي، ولكن إذا ما وصل الأمر الى حد الهوس تحول الى وحش يبتلع كل تلك المشاعر ويقتل ذلك الحب. ويفتك بنا بلا رحمة وحش المعتقدات أو الأفكار أو القوانين المجتمعية التي تناقض العقل والمنطق وتكبل حياة الأنسان بشكل يدعو للتعجب فيفرض السؤال نفسه: أن كنت ستتغاضى عما يميزك عن بقية المخلوقات فما اختلافك عنها؟ أما الخوف فهو أعتى الوحوش وأطغاها وأكثرها تنوعا وتشعبا.. يتنامى بشكل مطرد حتى يبتلع كل مشاعر الأمان والاطمئنان فهو يتغذى على نفسه ليس إلا، لا يحتاج لأكثر من أن نطلق له العنان ونعطيه السلطة ليتعاظم ويتوحش وينمو حتى يبتلع كل شيء حوله.. كل المتع وكل الفرص وكل المشاعر، ببساطه كل الحياة. عندما نخاف شخصا ونسمح له بزرع الرعب في أنفسنا تبدأ عقولنا تدريجيا مع الوقت بتضخيم سطوته وقوته بشكل مبالغ فيه فنقع أسرى لذلك الخوف المتوحش الذي يطبق على رقابنا بقسوة حتى الاختناق. عندما يتملكنا هاجس الخوف من شيء ما فهو يسيطر على كل جوانب حياتنا حتى نصبح سجناء ذلك الهاجس وتصبح الحياة بمجملها سجنا موحشا تتعالى أسواره وتضيق حتى تعتصرنا.. نخاف الوحدة فنقبل بالمشاعر المسمومة نخاف الفقر فنقتر على أنفسنا نخاف المعصية فنتطرف والأمثلة أكثر من أن تحصى.. تتنوع الوحوش وتتشكل بأشكال كثيرة لا يوجد سبيل لحصرها فليس هناك من لا يختفي بداخل روحه جنين وحش ما، بذرة صغيرة، هي موجودة بشكل أو باخر وبدرجات مختلفة.. لا بأس بذلك فنحن بشر يغلبنا ضعف نفوسنا ونقصها مهما ادعينا الكمال، ولكن نحن من نحول ذلك الجنين الى كيان طاغي، ونتركه يعيث فسادا وتدميرا في حياتنا.