الجمعة 19 أبريل 2024 - 04:11 مساءً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 
 

خطة أخرى للثقافة


محمد ناجي المنشاوي
السبت 31 يوليو 2021 01:54:39 صباحاً



لا أحد ينكر ماتقوم به الدكتورة إيناس عبدالدايم من جهد ملحوظ منذ توليها مسؤولية الثقافة في أكبر بلد عربي وأعرقه تاريخا واوسعه ثقافة وأكثره تعدادا ممايجعل مهمة تثقيفه أمرا بالغ الصعوبة وأكثر تكلفة ولكنه الأمر الذي لابد منه، فالثقافة الحقة هي قارب النجاة الذي به ينجو الشعب من الجهل والتخلف وهشاشة الرأي العام وتمزقه وتشوهه وبالثقافة تقاس قيمة الشعوب، ومن ثم ينبغي أن نفكر في أساليب جديدة خارج الصندوق من شأنها أن ترفع من المستوى الثقافي لأبناء الوطن الذي يواجه تحديات جمة ويختبر في وعيه إذ اننا إزاء عدد من المحاور ذات الأهمية القصوى التي تفرض علينا المبادرة بإنجازها لأن أي توان أو تراخ أو تقاعس نحوها يؤدي إلى تضخم تلك المشكلات وماكان في الإمكان إنجازه اليوم فربما يكون من العسير أو المستحيل إنجازه غدا بل أقول إن عدم الاهتمام بالقضاء على هذه المشكلات يعد جرما في حق هذا الوطن الذي من حقه علينا أن نبذل أرواحنا من أجل رقيه وتقدمه في حدود ماهومتاح لدينا من إمكانات وموارد ومصادر، فماأهم هذه المحاور أو المشكلات التي تتصل بمسألة التثقيف العاجل؟ أمامنا مشكلات الانتماء الوطني لنعالج في إطاره ماتمكنت منه جماعات التطرف والإرهاب والتي أضعفت الانتماء الوطني في نفوس من ينتمون إليها وقد غيبوا فكرة الوطن تغييبا تاما، بالإضافة إلى أجيال من أبناء الجاليات المصرية الذين عاشوا سنوات طويلة في المهجر أو ولدوا وتربوا في تلك البلدان وترعرعوا على تاريخ بلدان المهجر وثقافته وعاداته وتقاليده وعاد هؤلاء بعد سن النضوج فباتوا ممزقي الولاء بامتياز (وتلك قضية من أخطر القضايا) هذا إلى جانب جهلهم التام بتاريخ مصر وحضارتها وأصبح انبهارهم بمظاهر الحياة المادية ورفاهيتها في تلك البلاد التي احتوتهم في سنوات الهجرة هو الأساس غافلين تماما قيمة الوطن الأم مصر ومالها من حضارة هي أقدم الحضارات على وجه الأرض ومابها من معجزات في كل نواحي العلم والمعرفة مما جعلها ام الدنيا أما عن تاريخها الحديثة وتحقيقها لأكبر انتصار عسكري على الكيان الصهيوني فكل ذلك مجهول في وعي أبنائنا المصريين العائدين بعد سنوات الهجرة وإنه لمحزن للغاية أنهم يحكمون على وطنهم الأم مصر في لحظات استثنائية اقتصادية وصلت إليها مصر بعد تضحيات طويلة من أجل الدفاع عن عالمها العربي مما جعلها تدفع ثمنا باهظا من دماء أبنائها الشهداء ومن أموالها في إعداد جيش قوي نفخربه والذي يمثل درعا للأمة العربية كلها،، أما المشكلة الثانية هي مشكلة القيم السلوكية الحياتية السلبية التي تفشت بين أجيال تلاحقت وتركت في مهب الريح فاكتسبت مع مرور الوقت قيما سلبية مدمرة تضرب جهود الدولة في التنمية الطموحة فأصبحنا في عوز شديد إلى القضاء على تلك القيم التي تسري بين شبابنا سريان النار في الهشيم ولست هنا في مجال إحصاء تلك القيم السلبية ولكنها حتما كثيرة ومتنوعة ومروعة ولاتخفي على أحد قريب اوغريب ولما كانت القرية تمثل دائما في الضمير المصري منبع الأخلاق والقيم (أخلاق القرية) كان من الضروري الانتباه إلى تثقيف أبنائها نظرا لما وقع لها من انحراف اجتماعي في السنوات السابقة فماذا يجب أن نفعله تجاهها؟ الأمر يحتاج إلى نظرة جديدة واعية تساير توجهات القيادة السياسية في الاهتمام بالقرية وتنميتها وهو أمر بالغ الضرورة مما يحتم علينا سرعة التوجه إليها بإخلاص لإعادتها إلى سيرتها الأولى كيماتكون مصدرا ووعاء للأخلاق والقيم والإنتاج الزراعي الذي يدعم وبقوة الدخل القومي اما المشكلة الثالثة فهي (الذوق العام) والذي يصنعه (الفن) بكل فروعه : (الغناء) و(المسرح) و(السينما) و(الفنون التشكيلية) الموسيقى والرسم والنحت، إلخ،، إننا نشهد عصرا في مصر ينخفض فيه الذوق العام والذي يتوحد مع القبح ولاينفر منه مما يحدو بنا ثقافيا أن ننشر ونعمق الوعي الجمالي في بيئتنا المصرية مما تراه العين وتلقاه الأذن وماتستقبله الأرواح اما المشكلة الرابعة هي مشكلة تشكيل وعي ثقافي مجتمعي جديد نحو المرأة المصرية وغني عن القول إن نقول (المرأة نصف المجتمع) فهوأمر بدهي بل لانبالغ إذا قلنا إنها أصل المجتمع ومن دونها فروع وأغصان من جذر عتيد فإذا ضعف الجذر ذبلت فروعه وأغصان ولهذا يتوجب علينا رعايته بسقياه وريه وتغذيته وصونه وحمايته ولن يتم ذلك إلا بتثقيف ورفع درجة وعيه وحمايته من التحرش والنظرة الذكورية الجاهلة والآثمة نحوه لكي نضمن له الثبات أمام رياح المحن والشدائد والعناية بالمرأة المصرية وتثقيفها لايقل أهمية عن حماية حدود الوطن فمن تمتهن أمه لاتنتظر منه حماية وطنه اوالشعور بحب وانتماء إليه، إن تثقيف المرأة المصرية ومن ينخرط معها من أبناء المجتمع ليعد غاية قومية رفيعة وحال إذا تم لها هذا وصينت كرامتها في وطنها فعلينا حينئذ أن ننتظر في المستقبل المنظور وطنا قويا قادرا على صنع المعجزات كما كان دائما، نعلم أن صناعة الثقافة ليست بالأمر الهين إنها أشبه بحروب الاستنزاف تحتاج دائما إلى صبر ومثابرة فالمنتصر فيها هو الأطول نفسا، فعلينا من الآن فصاعدا أن ننتبه إلى قضايانا المصيرية وتفهيمها لأبنائنا عن طريق رسالة ثقافية واعية وواضحة المعالم تطمح إلى التغيير نحو الأفضل إن شاءالله