الأربعاء 24 أبريل 2024 - 12:16 صباحاً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 
 

ريح فبراير


عبد النبي فرج..ريح فبراير
الجمعة 13 أغسطس 2021 07:17:06 صباحاً


سيرة ذاتية لرجل تافه ووحيد
من أول قصيدة قرأتها للشاعر محمد سالم في صفحة "أنا الأخر" الذي كان يحررها الشاعر الراحل محمد عيد إبراهيم وانا قلت هذا شاعر موهوب وظللت اتابع كل نص ينشره علي الفيس وسعدت ايما سعادة بصدور هذا الديوان للشاعر الجميل محمد سالم / سيرة ذاتية لرجل تافه ووحيد ديوان "سيرة ذاتية لرجل تافه ووحيد" للشاعر محمد سالم والصادر عن سلسلة الإبداع الشعرى/ الهيئة المصرية العامة للكتاب رغم بساطة الديوان، والذي يدور فى إطار اليومي والمعاش ولكن التدقيق يجعلنا نثق أن هناك خديعة وأن هناك رسائل مضمرة بشكل ماكر، فالذات الشاعرة تعيش عزلة عميقة وهذه العزلة جعلته يقضي فترات طويلة يتأمل الوجود ورغم أن العزلة تضيق الروح وتجعل هموم الشاعر متمركزة حول الذات لكن العزلة هنا وسعت الذات ليتدفق داخلها لأنه شاعر إنسانى يرصد معاناته ومعاناة النكرات، أمام توغل ووحشية الواقع المعاش لذلك لديه " حنان وحب" لكل الكائنات، والأشياء، لذلك يفتح لنا قوساً واسعاً في 56 مقطع بدون عناوين، لأن هناك فكرة متسلسلة، يريد أن يعبر عنها، لذلك فالعناوين فائض لا يريد أن يشغل القارئ به لأنها ستمثل عبء على النص. خاصة أن الديوان يميل للتجريد يحمل هموم وقضايا العالم، يحاور فيه الأمكنة، الحيوانات، الطيور، المشاعر، والأشياء، والأفكار الكبرى، واليومي المعاش، إنه ينصت لنبض الكائنات ويتضامن معها، ويخفف عنها، لذلك كانت اللغة هامسة شديدة الشفافية والإحكام والدقة في نفس الوقت، انه ينصت لحياة النكرات فى مواجهة السلطات الفاشية التي تمارس عنفاً غير محتمل ضد الطبقات المهمشة، الخباز، النادل، صبي المقهي، عابرو السبيل، اليتامي والمقهورين والثكالي، الأرامل الأب، الذي تحاصره الذئاب وتسرق منه العكاز، صورة الأم التي تحولت، فى ايدي البهلوانات إلي هدف للرماية في المقطع الأول نجد الغرفة، تثور لأتفه الاسباب، ونجد الذات الشاعرة تحاول جاهدة أن تسترضيها، لذلك يحاول التخلص من الأشياء التى يفترض انها تمثل عبء علي كليهما، مثل ماكينة الحلاقة وفرشاة اسنان قديمة، الخ ومن ثم يكتشف ان هذه الأشياء لا تمثل عبء على الحجرة وأن المشكلة في كم العتمة داخلها، وهو يريد فعلاً أن يسحب الظلام ويدفعه خارج الغرفة ويلقيها فى أي مقلب زبالة المشكلة انه لايرى الباب الذي سيخرج منه، نحن هنا، أمام ذات معتقلة تحاول تحرير الذات والمكان ولكنه عاجز تمام عن تخطي الغرفة لأنه مقيد بسلاسل . هذا الديوان تمجيد للحرية رغم أن كلمة حرية لم اصادفهاـ في الديوان ولكن في كل جملة شعرية تجدها، تطل إليك برأسها، مرة حزينة، ومرة غائبة، ومرات تم اغتيالها ضقتِ أيتها الحجرة وصرتِ تثورين لأتفه سبب فما رأيك أن أخلصك الآن من أشيائك القديمة أو أن يلين قلبك ونقتسمها كي يستطيع الهواء أن يجد طريقاً لرئتيكِ ما رأيك؟ ماذا تريدين؟ المقعد؟ حسنٌ، لا أحد يزورني ولطالما اشتكى من الوحدة لكن احذري، ساقه المكسورة لم تتحمل همومي. السرير أيضاً؟! أيتها الطماعة، كيف أقنع إغفاءاتي المضطربة أن تبحث عن بديل وماذا ستفعلين فى الكوابيس التى تنخر عظمه؟! لا بأس، احمليه فقط حين تُخرجين الوسادة للشمسِ احرصي كي لا يفر حلمٌ جميلٌ مرَّ بالخطأ . الخزانة! لكنها فارغةٌ ليس بها سوى صورٍ ممحوة لم أشأ إيلام جدرانك بالمسامير كي أعلقها حسنٌ لن أضنَّ بها نحصِ إذن ما تبقى التواريخ على الحائطِ! لقد بَعُدَتْ جداً وغدت باهتةً، فلا أستطيع أن أميز الحزين من الفرِحِ لذلك سأتركها أمانةً فى عنقكِ ثمَّ ماذا؟ أظنكِ لستِ بحاجة إلى ماكينة حلاقة صدئة أو فرشاة أسنانٍ قديمة ما الذى أبقيتِ لي أيضاً؟ كتباً! مرآة ضريرة! ذكرياتٍ! ألا ترين أنها قسمةٌ ضيزى خذي كل شئ وانزعي السلاسل أستطيع أن أحمل العتمة بعيداً أعصب عينيها كي تتوه وألقيها لأول مقلب للقمامة أو أربطها بحجر وأقذفها إلى البحر فقط دلينى على الباب . . كان هنا بابٌ!