السبت 20 أبريل 2024 - 06:23 مساءً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 
 

الي تلك التي


ريم عبد الباقي.. السعوديه
الجمعة 13 أغسطس 2021 05:36:44 مساءً


دنكيشوت
كم نعشق نحن البشر تعقيد الحياة رغم بساطتها.. نتوهم أحيانا أننا مختلفون عظماء مميزون بينما تقبع بداخلنا زوايا مليئة بالشك.. نرتدي قناع الثقة ونمضي محلقين في سماء بلا حدود لنستيقظ يوماً وقد غلب الشك القابع في زوايا النفس على كل الصورة فنسقط في فوهة بئر عميق من الإحباط واليأس محطمين أرواحنا وقلوبنا قبل عظامنا.. ننفي عن أنفسنا الموهبة أو التميز وكأنها تهمة مخلة بالشرف، ندعي التواضع ويبقى في النفس حلم بتقدير نرفضه ونترفع عنه عندما نحصل عليه..  نصنع الأسوار ونضع الحدود و ننسج القيود و نعيش اسرى في سجون وهمية صنعناها بأنفسنا لنتخبط بين جدرانها، ثم نعود لنحطم كل ذلك مدعين البطولة. نخوض حروب ضد أعداء لا نراهم تلتبس علينا الأمور فلا نعود نعرف من هو العدو الحقيقي تتعاظم الأوهام لتشكل جيوشا وهميه، يمتلئ العالم بامهرطقين نصبوا أنفسهم موازين للقيم، أو الدين، أو العلم، أو غيره بينما هم لا يسمون حتى لمرتبة البشر العاديين، ولكنهم بارعون في زراعة الوهم، يكمن سمهم في السنة لدغاتها بطعم العسل.. يسري في الأنفس الهشة بينما الحروب الحقيقية تدور في الخفاء في أماكن أخرى.. كم من دونكيشوت أنجب لنا هذا العالم، فارس بسيف صدئ يتوهم أنه من سينقذ العالم، وكم من سانشو تبعه مغمما بالآمال والوعود والأوهام العاجلة أو الآجلة؟! تعم الفوضى وتغلب على كل شيء في خطة تبدو عبثية جدا ومحكمة جدا ومربكة جدا فما الهدف حقا وما الخطة ومن هو العدو ومن هو المنقذ؟! هل يتطلب الأمر وجود فارس منقذ من الأساس ليعيد صياغة قوانين الحياة ويخوض الحروب ويسوق خلفة الاتباع؟! أليس من الأسهل أن يتبع الجميع قوانين الإنسانية المجردة ويكتفي بتقويم ذاته، ألن يعتدل حينها ميزان العالم؟! لماذا يفترض أن نكون فئات وأحزاب واديان ومذاهب متناحرة ألا يجمعنا ما هو أسمى وأرقى.. إنسانيتنا التي أهدانا إياها الخالق العظيم ومعها كل مقومات الحياة التي منحناها بكرم متناهي، أليست تلك الإنسانية هي المعنى الحقيقي والهدف؟! لماذا نهدرها ببذخ وسفه في التناحر والتباغض والحروب؟! يمكننا بكل بساطة أن نسير على ارض الواقع بخطى ثابته، نستكشف الطريق ونتفادى السقوط في الحفر، نصعد التل خطوة خطوة فلا نسقط على رقابنا عندما نتعثر أو تثبت تلك الخطى خطئها نسقط وحدنا إن سقطنا ونعود لنستقيم على طريق وسط لا نميل فيه لطرف دون طرف..  ننزع الى جانب قصي وتتفادى السير في المنتصف، فنشطح الى التفاني المزيف والتواضع المجحف أو الغرور القاتل والكبر المخل بتوازن الخطى، إما دور الضحية، أو التابع الأعمى، أو الحاكم والجلاد. إما الشك والتردد وحصار الذات في زاوية الأنكار أو الانطلاق بسرعة فرس اعمى بلا لجام في سباق وهمي..  سباق يخرج منه الجميع خاسرون وعلى رأسهم تلك الأنا التي أعماها خيال العظمة الذي لاح في الأفق البعيد ملوحا مناورا كما فعلت طواحين الهواء بدون كيشوت.