الخميس 25 أبريل 2024 - 05:13 مساءً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 
 

شهيد "التختة الأولانية" ..من المسئول؟


زينب عيسي
السبت 16 أكتوبر 2021 08:22:51 صباحاً



لاأحد ينكر أن العنف في المدارس ظاهرة قديمة جديدة ومتكررة بأشكال مختلفة سواء من الطلاب بينهم وبين بعضهم أو ضد الطلاب من جانب المدرسين أو العكس بمعني عنف الطلاب ضد المدرسين وهذه الأخيرة ظاهره جديدة ومؤسفة تكشف عن مدي التدني الذي وصلت إليه العملية التربوية سواء في البيت أو المدرسة فكيف لنا أن نتخيل أن يضرب طالب معلمه وهو من قال فيه أمير الشعراء «قم للمعلم وفـه التبجيـلا.. كـاد المعلم أن يكون رسولا»

في حالتنا هذه مأساه تخطت كل ما نعرفه عن أساليب العنف داخل مدارسنا وهي بالمناسبة  ليست ضد معلم لكن اشكال العنف مرفوضة داخل الحرم التربوي المقدس ، هذه المرة وصل الامر إلي أن  يتقاتل  طلاب علي مقعد داخل الفصل ما نتج عنه إزهاق روح تلميذ لايتخطي عمره 13 عاما والسبب " التختة الأولي" من يجلس عليها ،تبدا القصة المأسوية بان جلس الطالب الضحيه عيد محمد حلمي  في المقعد الاول داخل الفصل بالصف الثاني الإعدادي بمدرسة زراعة ميت علوان بكفر الشيخ ، فماكان من ثلاثة طلاب من زملائه  ان تعدوا عليه بالضرب  المبرح ما افقده وعيه ونقل إلي المستشفي ليمكث ثلاثة أيام في العناية المركزه ويفارق الحياة بعدها.

إلي هنا تنتهي الحكاية وتبدأ مأساة أكبر والسبب "التختة الأولانية "وأحقية الجلوس في المقعد الأول ،هل تستحق تلك التختة أن تزهق روحا بريئة بسببها؟ ،طفل في عمر الزهور تنتظره امه في ميعاد خروجه من المدرسة تحضر له الطعام و تدعو  الله سبحانه وتعالي أن يشب عوده ليكون سندها في كبرها يعود إليها جثة هامدة والسبب جملة واحدة"عايزة اقعد في الأول" وهي إن شئنا أن نعود لاصلها ليست فعلة هؤلاء الطلاب المشاغبين وحدهم وهم بالمناسبة ليسوا في حل من تلك الجريمة الشنعاء لكنهم في النهاية أطفال في عمر لايفرقون فيه بين الخطأ والصواب‏ يحتاجون فيه إلي من يوجههم ويربيهم علي معرفه الصح من الغلط..

نحن جميعا كآباء وأمهات مسئولون  عن ما يفعله أولادنا ولنتحدث بصراحه وعن تجربة شخصية كأم ترددت جملة "عايزه اقعد في الاول"  أمامي  من أولادي حين كانوا صغارا في المدرسه وذهبت متحمسة إلي المدرسة لانقل ابنتي للتختة الاولي، وتناقشت مع معلمتها فخرجت كلي خجل من نفسي حين إكتشفت أن ابنتي أطول تلميذة في الفصل ونظرها قوي في حين كان هناك طالبات وطلاب احق منها بالجلوس في الصف الأول منهم قصار القامة ومنهم من يرتدي نظارة طبية أو مريض ،ومنذ ذلك اليوم لم أتدخل مطلقا في مسألة الجلوس في التختة الأولي وأقنعت بناتي بأن ما ليس  لهن حق فيه لايجب أن يتمسكن به وأن يساعدن زميلاتهن وزملائهن لأن ديننا الحنيف  ببساطة يحثنا أن نحب لغيرنا ما نحبه لأنفسنا، وأن التفوق بالجد والإجتهاد وليس بمكان الجلوس.

الغريب في الأمر انني وجدت مئات من اولياء الأمور علي مدار سنوات  مع بداية العام الدراسي يتوافدون علي المدرسة ليس للاطمئنان علي مستوي ابنائهم أو متابعة سلوكهم لكن وان صح التعبير لكي يستعدوا ل"عركة" التختة الاولي" منهم من فاز بها وآخرون خسروا المعركة علي أمل أن يجدوا واسطة ليحظي إبنهم او إبنتهم  ب"التختة الاولي".

بالفعل مصطلح "التختة الاولي" و"عايزة أقعد في الأول"   لم يأت من عدم ولم يصرعليه طفل في كي جي تو ،  لكن الأهل هم المسئولين عن ترسيخ هذا في أذهان الطلاب فصارت المسألة حقا مكتسبا لهم يتجدد كل عام مع بداية العام الدراسي الذي صار يشهد ساحات من العنف داخل المدارس ليس فقط بسبب "التختة الأولي " ومن يفوز بها لكن الأسباب متعددة وكلها تصب في خانة السياسة التعليمية والثقافة المجتمعية التي تحتاج إلي إعادة تأهيل من جديد، وهذا ما يتوجب علينا ان ننوه إليه فللاهل دور كبير في أن يبصروا أولادهم بما  لهم وعليهم سواء في المدرسة ومع أصدقائهم  ومع من لايعرفونهم ، كما ان المدرسة والقائمين علي العملية التعليمية من رأس الهرم إلي قاعدته لابد أن يحرصوا علي منظومة التعليم كاملة والتي يجب ان يكون الطالب علي قائمة اولوياتها ،فالتعليم ليس تطوير مناهج دراسية وخناقات علي شاكلة  هل نستخدم التابليت ام لا ؟ والثانوية العامة سنة أم سنتين ، وكليات القمة ومدارس القمة ،حينما نفكر في التطوير لابد أن نؤهل الطلاب ونتابع سلوكهم ونضع حدودا للتجاوزات التي تحدث منهم بالتعاون مع الأهل  ، لابد أن نصنع  الإنسان اولا ثم نفكر في التطوير.

وعودة إلي حادثة "التختة الأولي " نهاية التحقيق مجازاة ٣ مدرسين ووكيل المدرسة وحيثيات التحقيق "لم يقم المعلمون بمقتضيات الواجب الوظيفي"فيما سيحول الطلاب الاطفال الجناة إلي نيابة الاحداث ليتم البت في أمرهم ،والحصيلة : طالب قتيل وضياع مستقبل طلاب جميعهم في عمر الزهور لكنها ذبلت قبل الأوان والجناة الحقيقيون مازالوا يلقون بالمسئولية علي عاتق بعضهم ، وآخرون يتصارعون علي مقعد في "التختة الأولانية، ولم نسمع مسئول إستقال أو خرج بقرار يخفف من وطأة المآسي التي تتكررولن تتوقف إن لم تتغير ثقافة المجتمع وفقه الأولويات ."