الجمعة 29 مارس 2024 - 09:50 صباحاً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 
 

العولمة : السم والترياق


محمد ناجي المنشاوي
السبت 30 أكتوبر 2021 04:43:38 صباحاً



رغم اختلاف الباحثين حول نشأة العولمة، إلا انها باتت واقعا ملموسا لايمكن إنكاره، وقدر على الشعوب ولاسيما في دول العالم الثالث ان تواجهه وخاصة ان العولمة في موجتها الأخيرة تأتي بضراوة عاصفة بضراوة ينجو منها من ينجو ويهلك منها من يهلك ولاشك أن ثورة الاتصالات والتطور المذهل في تكنولوجيا المعلومات تسبب في حالة من انفجار معرفي هائل سريع التبدل والتغير يتطلب ملاحقته وإدراكه مواجهات متعددة على كل الأصعدة والجبهات وذلك للنفع من الجوانب الإيجابية للعولمة بوصفها دواء على وجه من وجوهها وكذلك تتطلب العولمة من جانب آخر وهو الضار منها التصدي لها باساليب جديدة ومبتكرة وقوية حتى لانجد أنفسنا يوما أمام طوفان جامح من العولمة ونحن إزاءه حينئذ غثاء كغثاء السيل، والعولمة متعددة المجالات فمنها العولمة السياسية والعولمة الاقتصادية والعولمة الثقافية وتلك الأخيرة أخطر مجالات العولمة لكونها تعمل على إزاحة ثقافات الشعوب ذات التاريخ العتيق وكذلك ثقافات الشعوب الضعيفة لتجعلها تتماهي مع ثقافات مغايرة لها تماما وافدة من مجتمعات أشد قوة وسطوة لتفرض هيمنتها لتبهت ملامح ثقافات الشعوب الأضعف في الوقت الحاضر والتي تتعرض حتما للضياع

والمحو والنسيان فالعولمة الثقافية صادرة عن ثقافات قد بلغت شأنا كبيرا في مجال إنتاج المعرفة توجهها لشعوب ربما لاتملك القدرة على مواجهتها ، ولاشك أن مصر كغيرها تعرضت لذلك وستظل في مرمى نيران العولمة مابقيت الحياة فماالذي ينبغي علينا القيام به من خطط لبناء جبهة قوية للمقاومة وإيجاد (فلتر) ومصفاة تمكننا من التحكم فيما نسمح به ومالانسمح به، في تصوري ان على الدولة المصرية دورا كبيرا في أن تدفع في اتجاه المعرفة والبحث العلمي وتجعل ذلك هدفا استراتيجيا لها وعليها ان تدرك ان التقاعس عن هذا الدور معناه وضع مستقبل الوطن تحت وطأة الهيمنة الأجنبية وينبغي عليها ان تفعل مبدأ الشفافية في اختيار جهازها الإداري الذي يدير تلك المنظومة وان تشجع أبناء الوطن على البحث والأختراع وان تعيد بناء منظومة القيم واولوياتها لمصلحة الفرد والمجتمع ومن الضروري العودة إلى ثقافة التأصيل من الجذر فهي حائط صد متين يحمينا من اقتلاع الأجيال الشابة من الوطن وعلينا أن نؤكد في تعليمنا على الثقافة الوطنية ودراسة الملاحم الشعبية والتراث المصري بعنصريه المادي والمعنوي وهذا لايأتي إلا من خلال الإرتفاع بالوعي لدى المواطنين ذلك انه في غياب الوعي الذي هو بمثابة المصل الواقي تظل ثقافة الوطن عرضة لكل الاوبئة الوافدة من دول العالم المهيمنة ويجب أن تكون هناك خطة واضحة ناجزة تشمل المدن والقري والبوادي انطلاقا من مبدأ المواطنة دون تمييز والتأكيد على غرس الانتماء الوطني ليس بالعبارات الإنشائية ولا الشعارات وإنما يكون ذلك عبر وعي مجتمعي فاعل وملموس وتتطلب العولمة نظاما تعليميا راقيا يعمل بحق على بناء شخصية المتعلم على كل المناحي والأصعدة وللإعلام الوطني دوره الأهم في صياغة العقل المصري وتهذيب وعيه وتوجيهه نحو الاتجاه الصحيح للبناء والعمل والإنتاج وزرع قيم التقدم والتحضر ولاشك أن عصرنا عصر محموم بالمعرفة والمعرفة قوة جبارة فمن امتلكها أمتلك العالم ومن خسرها فقد خسر نفسه وخسر العالم حاضره ومستقبله ويعيش في زوايا النسيان يجتر ماضيه البعيد في حزن وأسي ويندم على تقصيره في الاخذ بأسباب التقدم ليلحق بالركب العالمي ويصنع لنفسه الحصون المعرفيه التي تسد خروق وفجوات عملت العولمة على النفاذ منها، فيجب علينا أن ننتبه دائما إلى هذا الأمر الجلل مهما مضت بنا الايام وتلاحقت السنوات والقرون لتعيش مصر قوية في حاضره ومستقبلها كما كانت في ماضيها