الجمعة 19 أبريل 2024 - 10:02 صباحاً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 
 

صباح الصفاء


صفاء عبد المنعم
السبت 06 نوفمبر 2021 05:30:31 صباحاً


روب أزرق " صورة الست ام كلثوم"
------------ دى صورة الست. أم كلثوم. كانت معلقة أمام عينى بجوار جهاز المونوجرام بمركز صحة للأشعة بشارع محى الدين أبو العز. كادت عينانى أن تبكى بحرقة الوحدة والألم،و أنا أخلع ملابس للمرة الثانية، خلف الستارة الحمراء. عندما رفعت الممرضة صوتها وهي تمد يدها لى من وراء الستارة:يا مدام،هنخلع ملابسنا كلها،ونلبس الروب الأزرق. مددت يدى وأخذته منها وأنا أقبله. لقد تعودت منذ زمن بعيد أن أقبل الأشياء داخل المعمل أو مراكز الأشعة. أحتضنها بشوق أم، ومحبة زوجة وأقبلها وأقول لها بصوت هامس "والنبى تكون بردا سلاما على جسدى الطيب المهجور". ثم خلعت ملابسى،وأرتديت الروب الأزرق المفتوح من الأمام وخرجت من خلف الستارة،بعد أن كومت ملابس على الكرسى الجلد وتركته يتولى رعايتهم. وأنا أخرج من خلف الستارة،لمحت نظرة أم كلثوم نحوى،نظرة أم تريد الأطمئنان على أبنتها. ...... فى البداية عندما دخلت الحجرة الصغيرة والنظيفة نظافة تفوق الوصف. لم ألمح الصور بشكل جيد،أعتقدت أنها مجرد براويز تزين الجدارن على الطريقة الحديثة. ولكن ما هالنى وأدهشنى لدرجة الفرح والسعادة، أننى أمعنت النظر جيدا فى تلك اللوحات المعلقة في الحجرات التى دخلتها والممر الذى سرت فيه بصحبة الممرضة التى أصطحبتنى منذ دخولى إلى المركز من عند الباب،بكل رقة ومحبة، كأنها أبنتى،أخذت بيدى وأجلستنى على الكرسى،ثم وضعت لى سلما صغيرا كى أصعد عليه بكل هدوء وهى تبتسم فى محبة:أتفضلى يا ماما نامى على ظهرك،ثم أتت بالجهاز وأخذت تضبط الشاشة الصغيرة على الكمبيوتر. عن بعد لمحت شاشة كبيرة أسفل قدمى،تظهر زوايا الثدى المختلفة،وأنا أتابع عمل الطبيبة على الكمبيوتر. آه منها تلك الحداثة التى أرهقتنا ماديا رغم أنها ترصد حركة المرض بدقة فائقة. أخذت الطبيبة تردد فى هدوء. مدام نامى على جنبك اليمين. مدام نامى على جنبك الشمال. وبعد أن ألتقطت الكثير من الصور. وأنا أتابعها على الشاشة التى أمامى. ثم قالت:تمام. جاءت الممرضة البشوشة وأخذت بيدى وأخرجتنى من الحجرة الصغيرة،ودخلنا حجرة أخرى. أعرفها جيدا لقد رأيت هذا الجهاز من قبل،أنه يلتهم الثدى بقوة وعنف مثل طفل جائع. وعندما صرخت بقوة. قالت الممرضة فى هدوء وببرود شديد:مدام،معلش نستحمل شوية صغيرين. كان بودى أن أقول لها كيف يحتمل المرء ألة تعذيبه. هل يجب على الضحية أن يقبل يد الجلاد؟ ولكننى صمت وأخذت الجهاز فى حضنى وألقمته الثدى اليمين ثم الثدى الايسر كى يشبع ويهدأ. أستمر الوضع ربما للحظات. نعم هى لحظات. ولكنها تساوى مئات الأوقات،مقابل الضغطة القوية والألتهام الشرس. هل من سمع مثل من رأى؟ بالتأكيد لا. ولكن كل العذابات تؤدى إلى نقطة واحدة، هى الضعف الأنسانى،حتى وأنت قوى أو مريض. وعندما أنتهى الموقف نادتنى الممرضة من الداخل:ممكن نلبس هدومنا تانى يا مدام بسرعة. خرجت سريعا هاربة من أمام الجهاز وأنا أحمل ملابسى بين يدى من على الكرسى وأقف خلف الستارة مرة أخرى،أنزع الروب الأزرق، وأجلس فى هدوء أم شبع أبنها من ثديها ثم ذهب فى نوم عميق. وعدت عائدة من نفس الممر الذى دخلت منه،وجدتهن جميعا في أنتظارى على الحائط، نساء جميلات يرفلن فى اللون الوردى،تعرفت على كثيرات منهن وكانت أكثرهنا شغفا ومودة لرؤيتى لوحة(درية شفيق)يا الله،يا وسع النعم،حبيباتى واقفات فى اأستقبالى، وكأننى فى أحتفال كبير، بصحبة ليلة ممتعة،لقد زال الألم والخوف والرهبة من قلبى، ووقفت أقبلهن جميعا بعد أن تركتنى الممرضة عند الباب. وبعد أن تركت الروب الأزرق وحيدا على الكرسى.