السبت 27 أبريل 2024 - 12:43 صباحاً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 
 

صباح الصفاء


صفاء عبد المنعم
الخميس 11 نوفمبر 2021 06:24:44 مساءً


جدتى والذئب
عندما بدأت جدتى تسرد لنا حكايتها اليومية. كنا قد تحلقنا حولها فوق السرير الحديد المرتفع عن الأرض. أنا على اليمين،وأخى الصغير على اليسار،وأخى المولود فى حجرها،وأمى تجمع بقايا طعام العشاء من فوق الطبلية على الأرض. كان الليل قد بدأ في الدخول مبكرا في الشتاء،وبعد التسبيح والأستغفار،بدأت جدتى وقالت:صلوا على النبي. قلنا جميعا بصوت مرتفع،حتى أمى التى تكنس الأرض بالمقشة:عليه الصلاة والسلام. قالت جدتى ثانية،بعد أن تمخضت فى المنديل القماش الكبير،ومسحت فمها جيداً:زيدوا النبى صلاة. قلنا بحماس أكبر،وأمى معنا،لأنها كانت قد أنتهت من جمع الطعام،وأحضرت الوابور الجاز،وجلست على الأرض لتصنع لنا مشروبا دافئ،ربما تكون حلبة أو سحلب. وقلنا بصوت أكثر حماسة وعلو عن السابق حتى تقتنع جدتى أننا صلينا على الحبيب:عليه الصلاة والسلام. قالت الجدة فى نشوى وهى تتذكر طفولتها:كان زمان عندنا غيط بعيد،بعيد فى البر التانى،وأنا راكبه على الحمار،وماشية،طلع على ديب من وسط عيدان الدرة. اندهشنا جيدا،وأندمجنا فى الحكاية،وفتحنا أعيننا الصغيرة على اتساعها فى خوف وحيرة:وبعدين يا تيتا عملتى إيه؟ قالت الجدة وهى تضحك وتأخذ كوب الحلبة الساخنة من يد أمى: أبدا ندهت وقلت يا أبا على يا با،وفضلت خايفة وأضرب فى الحمار بعنف وهو يجرى بسرعة،والديب يجرى وراه. ونحن نجلس في خوف وشوق أكبر لمعرفة الحكاية:يا خبر أبيض،وبعدين يا تيتا. أبدا فضل الحمار يجرى،وأنا أضربه بقوة لحد لما خرجت بعيد على السكة،وسمعنا صوت الكلاب وهى بتهوهو،الديب خاف ورجع الغيط وأستخبى فى الدرة. أخذنا نهوهو أنا وأخى مثل الكلاب فرحين بهروب الذئب:هوهو،هوهو. وجدتى تضحك،فرحة وسعيدة. كانت أمى قد أعدت لنا مشروب السحلب بالمكسرات،ونحن نحاول أن نتخيل،لو أن هذا الذئب جاء الآن إلى هنا،وجلس إلى جوار جدتى وسمع الحكاية التى حدثت، ماذا كان سيفعل بعد أن شهرت به جدتى أمامنا،وهل كان هرب وخاف من الكلاب كما قالت؟ قالت أمى كان سوف يجلس ويشرب سحلب معنا. قال أخى الصغير: كنت أجعله يكتب لى الواجب. ضحكت أمى وقالت له: وأنا كنت سوف أعطيه قطعة لحم كبيرة. قالت جدتى: الذئب يخاف من النور،كان سوف يهرب ولن يكتب لك الواجب يا فاشل. ضحكت أنا بقوة والقلم فى يدى أذاكر دروسى. نزل أخى من جوار جدتى بعد أن غضب منها،وأخذ يغنى وهو يلعب: يا ديب ياديب. ردتت وراءه:نعم،نعم. بتعمل إيه؟ بذاكر الواجب. ضحكت أمى،وضحكت جدتى. وهنا أنتهيت الحكاية،وشربنا السحلب اللذيذ.