الخميس 25 أبريل 2024 - 06:28 صباحاً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 
 

بين ثقافة الصوت وثقافة الصورة( 1من2)


محمد ناجي المنشاوي
الأحد 14 نوفمبر 2021 11:31:56 صباحاً



كانت مصر سباقة إلى استخدام تكنولوجيا الاتصالات والمواصلات فقد عرفت الهاتف والتلغراف والراديو والقطار قبل غيرها من الأقطار الشقيقة في المنطقة العربية وعرفت الراديو مبكرا في صورة محطات أهلية في أول العشرينيات من القرن العشرين إلا أن تلك المحطات لم يكن له الدور التثقيفي المأمول إذ تحولت إلى مهاترات وحوادث مؤسفة لدرجة ان استخدمها اللصوص وتجار المخدرات لتنفيذ خططهم في تهريب بضاعتهم المسمومة واستخدمها بعض العائلات في تصفية حسابات بينهم ونشر الإشاعات وبات الأمر خطرا يهدد الأمن الداخلي وسلامة المجتمع إلى أن جاء المرسوم الملكي بإلغائها وإصدار مرسوم بإنشاء الإذاعة الملكية المصرية الرسمية والتي تبدأ بإذاعة القرآن الكريم وتختم برامجها بالسلام الملكي وغالبا كانت برامجها تحتوي قصيدة لأحمد شوقي وأغنية لأم كلثوم ومثل ذلك من البرامج الخفيفة، وتعد انطلاقة الإذاعة المصرية الكبرى بعد ثورة يوليو 1952 وظهور شبكات متعددة كالبرنامج العام وصوت العرب والبرنامج الثاني والبرنامج الموسيقى وإذاعة الشعب والشرق الأوسط وإذاعة الأسكندرية وهي أول محطة إذاعية مصرية محلية وإذاعة القرآن الكريم والبرنامج الأوربي وشبكة الإذاعات الموجهة الناطقة باللغات الأفريقية خاصة وبات لكل شبكة من تلك الشبكات نكهتها الخاصة والمميزة ولكل شبكة غاية تتغياها باستهدافها جمهورا عاما أو خاصا واقترنت برامج كل الإذاعات المصرية بغاية مشتركة ألا وهي توعية وتثقيف الإنسان المصري بدءا من تعليمه القراءة والكتابة ومحو أميته كبرنامج (محو الأمية) لعبد البديع قمحاوي وثقافة الطفل لبابا شارو وابلة فضيلة والثقافة اللغوية والأدبية (لغتنا الجميلة) لفاروق شوشة و(قال الفيلسوف) لسعدالغزاوي والفنانة سميرة عبد العزيز و(ع الماشي) لصبري سلامة و(من الجاني) لرفع مستوى الحس الأمني وفي موسم الامتحانات وقبلها تجد برنامج (أوائل الطلبة) لعلي فايق زغلول ثم بعد ذلك حازم طه وبرنامج (السيرة الهلالية) بإذاعة الشعب للراوي على الربابة الفذ جابر أبو حسين والشارح والمفسر لها شاعر العامية المصرية عبد الرحمن الأبنودي وتثقيف المرأة ببرنامج (ربات البيوت) وبرنامج (من الشاشة إلى الميكرفون) للإذاعة الأفلام السينمائية المصرية صوتيا وبرنامج (مع الأدباء الشبان) الذي كان نافذة للكتاب المصريين في الشعر والقصة والمسرح والذي فتحت به هدى العجيمي نافذة للمجتمع المصري للتعرف على ادبائه وكذلك برنامج (زيارة لمكتبة فلان) لنادية صالح و(أضواء على الجانب الآخر) لنجوى أبو النجا وفي البرنامج الثقافي قدم برنامجا شديد الأهمية لتربية الثقافة المسرحية الرصينة وذلك بتقديم المسرحيات العالمية ممثلة إذاعيا لكبار الكتاب المسرحيين العالميين بتمثيل وإخراج كبار الفنانين المصريين والذي يعد تراثا بعيد الأهمية بالإذاعة المصرية وبرامج ذات طابع اجتماعي ملتحمة بقضايا ومشاكل الجماهير مثل (كلمتين وبس) و(همسة عتاب) أضف إلى ذلك ماقدمته الإذاعة من تراث هائل في الدراما الإذاعية المتنوعة بين اجتماعية وفكاهية وبوليسية وتاريخية ودينية ، لقد تربت أذن الإنسان المصري على أصوات تلك الإذاعات والتي مثلت له زاد مستطابا سهل الهضم في سلاسة ووضوح حتى باتت الإذاعة مدرسة الشعب التي تعلمه وتوجهه وتعدل من سلوكه وتحافظ على قيمه وتراثه وتحفزه على العمل والإنتاج وتثري خياله وتدفعه إلى الخلق والابتكارو الإبداع وتحرضه على الطموح الإيجابي وتشحذ مشاعره بماتقدم له من أغان وألحان جميلة وتربى ذوقه الغنائي والموسيقى تربية راقية بعيدة عن التدني والإسفاف والابتذال في الكلمة واللحن وتحمي بيئته السمعية من تلوث اللفظ واللحن والصوت القبيح لقد ظلت تلك الثقافة الصوتية هي الأعلى كعبا على مدار سنوات طويلة وممتدة قدمت فيها ماينبغي أن تقدمه على الوجه الأمثل إذ كانت تنتقد نفسها بنفسها عن طريق برنامجها المشهور (برامجنا في الميزان) ولم يتهيأ بعد ذلك لثقافة الصورة مجالا واسعا إلا بعد أواخر السبعينيات من القرن الماضي وبانتشار أجهزة التلفاز في البيوت المصرية ودخول الكهرباء في عموم قرى ونجوع مصر أصبحت لثقافة الصورة شأن آخر