السبت 20 أبريل 2024 - 03:05 مساءً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 
 

القصيدة/الفيلم في التغريبة السيناويه لعماد قطري(2)


محمد ناجي المنشاوي
الثلاثاء 04 يناير 2022 12:53:12 صباحاً



وتتوالي مشاهد النص للإجابة عن السؤال الجوهري الذي يلح به المحاور على قصاص الأثر (ما الخطي؟)، فتتري إلإجابات كثيرة ومتعددة ومتنوعة وكلما تعددت إلإجابات عن سؤال ما فذلك يعني بوضوح عمق السؤال واهميته فنجد الخطي على لسان قصاص الأثر : الخطي عمرنا /نبضة لم تمت/عاندت سطوة الريح والأزمنة /ربما دمعة في الفراق اللعين / الخطي ذكريات /خيبات من تاق فجر المحال /ثم ينتقل المحاور وهو يقترب من نهاية النص /الفيلم، إلى أربعةأسئلة أخيرة ( ماالذي سربته الرياح؟) وتكون الإجابة (حدثت عن خطا القابعين اصطبارا على جمرة لاتموت ) ثم السؤال الثاني عن ماهية (خطوات الشهيد؟) وتكون الإجابة (لم يزل خطوه في السماء /خطوة راعفة) ثم السؤال الثالث ( سيدي والفتن؟) فتكون الإجابة (خطوها ملتبس / الخطي فاتنة) ثم السؤال الرابع وهو سؤال ذو طابع تركيبي ( من يعيد المريدين للنور إن فجر الرؤى الكامنة؟ _ ضاجع الإثم جهرا بساحة النبؤات في الحضرة الماجنة؟) فتأتي الإجابة ( خطوة ياصديقي بعكس اتجاه الصدى) ثم يعود المحاور ليسأل سؤاله الأول والجوهري (ما الخطي؟) فتأتي الإجابة عنه في تقاطر سريع متتابع (فالخطي سجدة الروح /لوعة القلب / بصمة والأثر/ركضة الخوف / ركضة في الردي /ظلمة ليس فيها وجهها /بوصلة / ركضة الخوف من شيخه والقبيلة /قبلة الأرض للحن في أغنيات القدم/بصمة القلب يوم الإياب / نيل يغني لنخل العريش) وتصل القصيدة /الفيلم إلى نهايتها في لغة سينمائية شديدة البلاغة ففي المشهد الأخير(إذ تدخل الكاميرا فتظهر دموعا تتداخل مع موج في مشهد تراجيدي حزين ممتزجا بصوت عال صاخب في بدايته ثم يصمت رويدا رويدا (غارقا في النشيج /والدموع استبدت بوجه الكلام /وانتهى الحرف صام /ياأبانا الذي في الرمال _في الختام _ واحتراما لدمع نبيل سما فاستهام /عم صباحا أبي) وكأن الجملة الأخيرة تأتي في لقطة بعيدة جدا لشمس تشرق من بعيد في كناية سينمائية لاتخفي دلالتها على استشراف الأمل وتجدد الحياة رغم المحن، وتعد (اللغة والإشارات الصوفية) ملمحا ظاهرا في هذا النص فكلمة (خطوة) كلمة ذات دلالة صوفية بامتياز حيث (اهل الخطوة) مشحونة بطاقات حركة الصوفي وتحرره من لباس المادة إلى لباس الروح وكذلك حيرته وهيامه في البريه ووجده في البحث المضني والرقي في مدارج السالكين ومدارج الصعود (من بعيد اتيناك نرجو جواب السؤال) ذلك صوت (المريد) بالمعنى الصوفي في صحبة (شيخه وقطبه /قصاص الأثر) (فالخطي صمت الغريب) فالصوفي يشعر بغربة روحه بين (الأغيار) في دنيانا الفانية المظلمة الظالم ولهذا يتوق إلى عالم البقاء والخلود (الجنة) والأنس بوجه علام الغيوب سبحانه وتعالى (الخطي عمرنا ظنه العابرون امتدادا سرمديا) إشارة صوفية إلى أولى خطوات كتبها الخلاق على بني البشر بهبوط آدم وحواء إلى الأرض والزمن (السرمدي /الأزلي) المكتوب اللوح المحفوظ و(خيبات من تاق فجر المحال) هي لهفة الصوفي واشواقه لتتكشف له الانوار الربانية وأسرار الوصول حيث عالم الكمال الباحث عنه أبدا (حدثت عن خطي القابعين اصطبارا على جمرة لاتموت) فماذلك إلا مقام المكابدة عند الصوفية حيث مكابدة الذنوب والمعاصي وعراقيل الطريق والوصول كذلك مقام الصبر على ابتلاءات الدنيا (خطوها ملتبس) وهو مايقع للمريد الصوفي من عثرات في طريق الوصول ومدارج الترقي (في المدى فتنة والردي) حيث تحذير الشيخ القطب /الشيخ مريديه من فتن الطريق للترقي وذلك لتجنبها وهي فتن الدنيا والاغترار بخضرتها ثم تأتي العبارة الصوفية صريحة (من يعيد المريد للنور؟) حيث المريد في بحثه عن نور الحقيقة وعن الحق الغائب عن قلوب العصاة والأشقياء و( الكلام المسجي) هو الكلام الصوفي إذ يحمل ظاهره غير مايخفيه في باطنه فلأهل التصوف لغتهم ومصطلحاتهم الخاصة بهم، لايعيها ولايتذوقها إلا كل من بلوته مرارات الطريق ليصل إلى حلاوة الوصول و(الخطي سجدة الروح) ثلاث كلمات تتعاون في تشكيل عبارة صوفية واضحة : الخطي /سجدة /الروح و (خطوة لليقين) واليقين مقام صوفي عظيم يجعلهم قاب قوسين من مقام القرب، و(اعتذار المحبين عن اثمهم والغياب) وهو اعتراف الصوفي بذنبه كأول خطوة في الطريق وطلب التوبة والمغفرة من (حبيبه /المولى عز وجل) فكلمات (اليقين /المحبين /إثمهم /الغياب) من المعجم الصوفي حيث مقام (المكابدة للتخلص من الذنوب للتدرج إلى مقام التوبة فمقام الحب والمحبين فمقام اليقين ثم أخير مقام (الغياب /الفناء) اما مايصادف الصوفي من عقبات الطريق كعدم القدرة على البعد عن الأغيار وزين له الشيطان الإثم طهرا والظلام فجرا والمجون عفة والكوابيس رؤى نجد ذلك في مفردات النص ( مزق /الشيخ /فجر /الرؤى /الكامنة /ضاجع /الإثم /جهرا /النبؤات /الحضرة /الماجنة) فالحقل الدلالي لما سبق من ألفاظ يعكس امتزاج الدنس بالطهر والنقي بالمشوب والجهر بالمكمون . أما الملمح الثالث في هذه القصيدة /الفيلم : هو الاستلهام والتناص في مواطن عدة وهي 1_ إستلهام الأسطورة الفرعونية (إيزيس واوزوريس وست) ( وحدها البردويل استعادت خطاه الشريدة /لملمت شلوه المسباح /لملمت ثم صبت من القلب ماء الحياة / فاستعاد الفتى رعشة الروح /قام) حيث إيزيس تجمع أشلاء اوزوريس بعد أن مزقها ست إله الشر فتعيد إليه إيزيس الحياة و(ليس للنسر ان يرتقي قبة الروح) (فالبردويل / إيزيس) و(الفتى الشهيد /اوزوريس) و (النسر /الإله ست) 2=وينهل عماد قطري من النص القرآني الكريم فيستوحي بعض آياته الكريمة ، فيقول الشاعر (وحدها الخيل تبقى خطاها ويسموالصباح /قالت الموريات : الصباح الصباح) مستوحيا ذلك ومستلهما من قوله تعالى في سورة العاديات الآيات من 1 إلى 4 (والعاديات ضبحا فالموريات قدحا فالمغيرات صبحا فأثرن به نقعا) /3= ثم هناك التناص في قول عماد قطري (اعتذار المحبين عن إثمهم والغياب) يتناص ذلك مع الموشح الصوفي لابن عربي في قوله وهويقف عند الكعبة مناجيا أن يقبل توبته ويطلب صفحه وعفوه ( جاءك العبد الضعيف المسرف /عينه بالدمع دوما تذرف /فرية منه ومكر فالبكا /ليس محمودا إذا لم ينفع) 4= كما نجد التناص في قوله ( الخطي قبلة الأرض للحن في أغنيات القدم (بفتح القاف والدال)، حيث يتناص مع قول شاعر الكوخ محمود حسن إسماعيل في قصيدته. (أهواك ياوطني) من ديوان (نهر الحقيقة) : ( ياكل شدو من خطي الرعيان فوق العشب يسحرني). وخلاصة القول أن تلك القصيدة تضمنت عددا من الملامح الفنية وهي أولا :بناؤها البناء السينمائي على مستوى الشكل والمضمون، وثانيا : يتفرد النص الشعري بكونه نصا سينمائيا حرفيا بحيث يمكن تحويل عباراته إلى لقطات ذات أبعاد متنوعة ونقله إلى شاشة السينما بوصفه قصة وسيناريو وحوارا فهو عمل سينمائي مكتمل العناصر الأساسية لأي فيلم سينمائي ولهذا تبقى لهذا النص خصوصيته من حيث وصفه (القصيدة /الفيلم) وثالثا : صياغة الحوار بلغة إشارية صوفية عبر سطوره المختلفة حتى إذا مااستبعدنا الشخصيات واعيد بناء النص دون حوار بدا لقارئه نصا من نصوص الصوفية كالحلاج والحافي وابن عطاء الله وغيرهم ورابعا : قدرة الشاعر علي توظيف الأسطورة في يسر وبسلاسة وخامسا : بدت ثقافة الشاعر وقراءاته المتنوعه فيما لجأ إليه من إستلهام النص القرآني الكريم وتناص عماد قطري مع المعري وابن عربي ومحمود حسن إسماعيل .