السبت 20 أبريل 2024 - 02:04 صباحاً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 
 

قراءة نقدية في مسرحية (نوبة رجوع) 2 _ 2


محمد ناجي المنشاوي
السبت 05 مارس 2022 04:31:59 صباحاً



تدور مسرحية (نوبة رجوع لجليلة بنت مرة اوباروكة الصحراء) للكاتبة والشاعرة المسرحية صفاء البيلي حول (هند) الصحفية الشابة الجميلة المتحمسة لقضايا وطنها والتي ترتبط بقصة حب مع زميلها الصحفي (باكر) والذي يعمل معها بنفس الصحيفة، والذي يشاركها في الأفكار والمشاعر، وزميل صحفي آخر شاب (إسلام) القادم من القرية والباحث عن أضواء الشهرة ليس غير وليست لديه هموم وطنية، إنما هو شاب لاه، مرح، ساخر، ويعمل هؤلاء تحت بقيادة رئيس تحرير، حاصل على مؤهل (دبلوم تجارة) ضحل الفكر، خال من العواطف الوطنية، صاحب نزوات، منحرف أخلاقيا، لايري في هند إلا الجانب الأنثوي، فيسيل لعابه نحوها، وتحرك أنوثتها شهواته، وهناك (عمار) الأخ الأكبر لهند، يفر مهاجرا للعمل بالعراق، بعد أن يئس من تحسن الأحوال في وطنه مصر، وإنغلاق كل سبل الحياة الكريمة أمامه، بينما تحاول اخته هند للحيلولة دون هجرته، ولكنها لم تفلح، فيسافر عمار بالفعل إلى العراق، ليبحث عن مصدر للثروة ليرتقي بها اجتماعيا، فيقع مالم يكن متوقعا ولا منتظرا، إذ اندلعت حرب الخليج الثانية ولكن هذه المرة بين دولتين عربيتين شقيقتين (العراق _ الكويت) فيأتي خبر الحرب صاعقا فتتذكر هند أخاها عمار حيث يوجد في ميدان المعركة،  وتنقل هند للمستشفى بعد إصابتها بانهيار عصبي وهنا يستغل رئيس التحرير الحرب ليبعث (باكر) غريمه بحجة تغطية الحرب ليتخلص منه ليخلو له الجو، ويظهر انتهازيته الممقوتة، بينما يتحول إسلام إلى شخص إيجابي ويلتحم بالقضية ويتخلي عن سلبيته وتستدعي الكاتبة من التاريخ أبطال حرب البسوس فتمزج بين الواقع والخيال لتفضح الماضي والحاضر على السواء وتعقد لهم محاكمة في لوحة من أجمل لوحات المسرحية السبعة لتضع الجميع أمام مسؤولياته، وتنعي على العدالة الغائبة، وتذم  نزعة الاستبداد والسلطوية والقبلية القديمة والقبلية الحديثة في زيها المعاصر، وتؤكد على أنه لا مناص من تحقيق العدل في المجتمع العربي ليتحقق التقدم والازدهار ٠

 ويتجلي التعقيد في المسرحية من خلال نشوب الحرب وتمزق الأمة وضياع آمالها، وبحث هند وباكر عن جوهر الأزمة والسبيل لحلها من خلال المحاكمة للماضي العربي، في لحظة مكاشفة صاغتها صفاء البيلي بحوار بين الشخصيات يتسم بالفصاحة (يقصد هنا بفصاحة الحوار قدرته على التعبير عن أبعاد الشخصيات ومن اللافت للنظر في صياغة الحوار في تلك المسرحية الشعرية ان الكاتبة لم تقع في فخ اللغة التراثية بوصفها لغة غير معاصرة تفقد توصيل الفكرة لدى المشاهد المعاصر، كما تفتقد للواقعية وهذا ما وعته صفاء البيلي وتجنبته تجنبا تاما وانطلقت في صياغة الحوار بوعي مسرحي لصيق بعالم المسرح الذي هو مدرسة الجماهير العريضة، ومن هنا جاء تمردها على سابقيها من كتاب المسرح الشعري الكلاسيكي كشوقي وعزيز اباظة، ومضت مستفيدة من كتابها المعاصرين كصلاح عبد الصبور وانس داوود ومن ثم جاءت لغتها في الحوار لغة درامية مصورة للفكرة ومضامين الشخصيات وحرارة الصراع، ونأت بنفسها عن (اللغة الغنائية)، فلم تنشغل بالجوانب البيانية المختلفة التي تضعف جانب الصدق الفني في بناء النص المسرحي الشعري، وربما أغرتها الغنائية في مناطق محدودة للغاية، فاطالت الجمل المسرحية احيانا، وهذا أمر طبيعي إذا عرفنا ان هذه المسرحية هي اول مسرحية شعرية للكاتبة، والحق انها بهذا النص تثبت لنا به اننا إزاء  كاتبة مسرحية تمتلك أدواتها وتعي معنى المسرح الشعري وقد جاء ت انتقالاتها من لوحة إلى لوحة أخرى ببراعة ساعدت على تطور الصراع في انسيابية، ثم استخدامها للإضاءة والخيال الضوئي للمزج بين الحاضر والماضي كتكنيك في بناء المشهد في اللوحتين الخامسة والسادسة، هو أمر محمود يدفع الملل عن المشاهد وينقله من زمن إلى زمن آخر بحيلة فنية مسرحية رائعة، ولكن يؤخذ على الكاتبة في اللوحة السابعة والأخيرة وهي لوحة المحاكمة إظهارها لشخصية رئيس التحرير إظهارا مفاجئا لم تمهد له ولم تبرر ولم تشر من بعيد او قريب سببا لذلك، عساها في طبعة جديدة لهذا النص البديع ان تعالج هذه الزلة