السبت 27 أبريل 2024 - 04:46 صباحاً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 
 

من يستمع لشوقي ونبيل؟


محمد ناجي المنشاوي
الأحد 13 مارس 2022 07:43:17 مساءً



مصر التي أنجبت عبده الحمولي وصالح عبد الحي، ومنيرة المهدية، وأم كلثوم وزكريا أحمد والسنباطي وعبد الوهاب وحليم والموجي وبليغ حمدي وغيرهم كثيرون، مواهب غنائية وموسيقية عالية القيمة، سجلت أسماءها في سجل الشموخ والرصانة والشجن، من حيث الصوت واللحن والكلمة، هي مصر التي لاينضب فيها معين الطرب والغناء، ففي كل عصر فني تخرج لنا أرض مصر الطيبة ثمرات حلوة عذاب، في مجال الطرب الرفيع ولقد جبل المصري على عشق هذا اللون من الفن، فهو يغني في صباحه ومسائه أينما حل أو نزل، فهو المغني في متجره ومصنعه وحقله، ينفث بأغانيه عن مكنون نفسه من لوعات الحب ومتاعب الحياة، وهو المغني في الأفراح والأتراح، وهاهي مصر تقدم لنا صوتا جديدا جديرا بالرعاية والتبني والدعم، فهو صوت غنائي يمتاز بالحلاوة والعذوبة والأصالة والجدية، يخوض تجربته في صبر واناة ووعي وإيمان عميق برسالة الفنان المغني، إنه يشق طريقه في كد وشقاء وإصرار، وقد اختار السبيل الأصعب إذ يدفعه طموحه إلى بناء تجربة غنائية مميزة تحمل رسالة جادة إلى المستمع المصري والعربي الذي يئن تحت وطأة من موجة غنائية مبتذلة ورخيصة، مرهونة بزمن قصير للغاية سرعان ماتذهب ادراج الرياح، إنه المطرب (أحمد شوقي) برفقة موسيقى موهوب دارس وواع بأدواته بالإضافه إلى كونه شاعرا غنائيا إنه الموسيقى (نبيل انطونيو س) ووراءهما شركة (رهاف للإنتاج الموسيقى)، إنهما يخوضان معا تجربة أشبه بتجربة حليم والموجي في بداية مشوارهما المعروف، حيث الإصرار على تقديم الجديد والمتطور، والرصين، والأصيل، في السياق نفسه، ولقد جمعت الصدفة بينهما منذ أن قدم جمال عمر مطربه الذي آمن بصوته إلى صديقه الموسيقى (نبيل انطونيوس) عام 2013 وكانت العلاقة بين المغني والموسيقى عبر الهاتف لمدة عامين حتى التقيا وجها لوجه عام 2015، ليدخل أحمد شوقي الأستوديو لأول مرة في حياته ليشارك في غناء أغنيته الأولى (استجواب) مع (جوني) و (مريم حلمي)، وعلى مدار تسع سنوات تقريبا لايزال التعاون قائما بين شوقي ونبيل من خلال (رهاف) للإنتاج الموسيقى وهو الكيان الذي غرس بذرته الأولى جمال عمر في عام 2017 وهو كيان انتاجي مبنى على (الجهود الذاتية) و لايتوقف جمال وروعة هذه التجربة عند حد قيامها على الجهد الذاتي بل تجاوزت ذلك إلى صنع محتوى غنائي وموسيقى يصطبغ بالتميز والخصوصية ليقدم شوقي ونبيل لجمهور المستمعين زادا غنائيا متنوعا يحمل رسالة إنسانية من طراز فريد، يتنوع في كلماته بين كلمات انطونيوس وعمر أبي ريشة وأشعار للإمام على بن أبى طالب من خلال ألحان مبتكرة وأساليب جديدة في الأداء والغناء ، إنهما فيما يقدمانه تستشعر بأنها صرخات مكلومة مستغيثة شجية ملتاعة، تزلزل كيان المستمع، داعية إياه للتجاوب مع تلك القضايا الإنسانية التي يطرحانها، فقد غني شوقي من ألحان نبيل للاجئين والمهاجرين الذي ابتلع البحر أحلامهم كما غني لأطفال الشوارع البائسين وغني للمناضلين في كل مكان وشهداء الحرية أينما كانوا ويبدو ذلك كله في عناوين اغنياته منفردا او مشاركا مثل : (استجواب) و(سفينة نوح) و(جنب الحيط) و (لاتسألي) و(بوسة بجد /وهي أغنية للأطفال) و (بسمة في الجحيم) و(ديناميت) و(طريق للنور) والأخيرة تعد أولى أغاني أحمد شوقي منفردا ويلخص الموسيقى انطونيوس نبيل) المبدأ العام والفلسفة التي تنطلق منها كلماته وألحانه بقوله (إن خلاص العالم ليس مرهونا بالقوة والسلطة بل بالجمال وحده، ويوما ما ستستطيع خفقات القلوب الصادقة ان تخرس فحيح الرصاص المسعور، ونعيق القنابل الشرهة، ويوما ما ستنتصر زهرة في يد فتى عاشق على الصحراء التي تكاد تبتلع العالم... ويوما ما ستعلم ان فجرنا الغائب منذ أمد بعيد لن يوقظه من موته المؤبد إلا قبلة هامسة بين عاشقين يحلمان به لهذا اليوم نغني وليس لغيره)، ويتضح لنا أن انطونيوس نبيل الموسيقى وأحمد شوقي المطرب يقدمان تجربة موسيقية غنائية ذات رؤية فلسفية اجتماعية وإنسانية بالغة القيمة والرقي تهذب الروح وتنأي بنفسها بعيدا عن إسفاف الكلمة وانحطاط اللحن وابتذال الأداء، إنهما يقدمان تجربة جدير بالاحترام والتقدير وتحتاج إلى تبني ورعاية مؤسساتنا الموسيقية ودعمها لهما حتى يكتب لهذا التجربة الفريدة الاستمرار والنجاح بدلا من أن تخيم عليها غيوم اليأس والإحباط ويطويها النسيان والجدير بالذكر ان هذه الأغاني على قناة اليوتيوب وبعضها على (ساوند كلاود) لمن رغب في الاستماع إليها ليضعها موضع التقييم والاستمتاع. ولعل تجربة شوقي ونبيل تفرض نفسها بطرح سؤال الساعة الراهنة في حياتنا الغنائية، وفي سياق ماتقدمه صحيفتنا الغراء (أفريكانو الثقافي) من استبيان حول أزمة الأغنية المصرية الآن، ولسنا في حاجة إلى دليل أقوى من تجربة رائعة مثل تجربة أحمد شوقي ونبيل انطونيوس وشركة (رهاف) على أن الأزمة تكمن في غياب مؤسسات الدولة وإعلامها والمنوط بهما البحث عن المواهب الجادة والكشف عنها والدفع بها إلى الساحة وهي مواهب كثيرة في اللحن والكلمة والأصوات، فالواقع ان الأمر متروك بصورة كلية إلى بعض شركات الإنتاج الخاص التي تعبث بأذواق جمهور المستمعين وتدفع إلى الساحة الغنائية مشروعها الذي يستهدف الربح المادي فقط، ومن ثم تدفع بكل قوتها الغث والرديئ اللهم إلا الندرة الأمر الذي جعل البعض من مطربينا ذوي المواهب الكبيرة أن يؤثروا الانسحاب من الساحة كاحتجاج على مايدور في هذا المجال من تخريب للذوق وانحطاط به مما يشكل في نهاية الأمر مشهدا مأساويا محزنا لحال الأغنية في مصر وهو الأمر الذي يتطلب ويستوجب سرعة التصدي لهذا المشهد بكل حزم