الاثنين 29 أبريل 2024 - 02:45 صباحاً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 
 

دور الثقافة في المراحل الانتقالية للمستقبل


د.حاتم الجوهري
الأحد 24 مارس 2019 10:48:14 مساءً



                                                                                                    

الثقافة والمستقبل ليس مجرد عنوان براق في ملصق مؤسسي ما؛ إنما هو دور غائب يعود بالثقافة لجوهرها كبنية مركزية حاملة لروح الجماعة تستشرف مستقبلها وترصف الطريق إليه، خاصة في الاوقات التي تمر فيها الأمم بتحولات كبرى وتكون في حاجة لسيناريوهات وسيناريوهات بديلة لسبل العبور للمستقبل.

ربما ترتبط الثقافة هنا بالهواية والتوصيف المتراكم للذات الجمعية المصرية وفق اختيارات ما من مستودع هويتها التاريخي والتزاماته، فتوصيف الذات يستلزم بالتبعية تحمل مسئوليات هذا التوصيف خاصة في ظل تقاطعات الشخصية المصرية التاريخية الزخمة والعامرة.

مصر في حاجة لمركز دراسات خاص بصورة البطل عبر تاريخها الطويل، البطل الذي كان يقاوم الاحتلال والاستعمار والظلم دون هوادة، لتخلق النموذج والقدوة التائهة أو المضببة بعض الشيء عند الناس، حضارة آلاف السنين في حاجة لأن تفكك وتتحول لقيم حاضرة في ذهن الإنسان المصري، كيف واجه المصري آليات القهر والتنميط عبر التاريخ وحفظ منظومة قيمه في وعاء مقدس خاص، رغم الفئات المُهمشة التي كان يدفعها المستعمر إلى السطح لتصيب الناس بالإحباط واليأس.

 كل تراث الأدب المصري القديم المسجل في أرواق البري والمعابد، والمحفوظ شفاهة الذي تناقلته الأجيال عبر طبقات مصر المتعاقبة في كل مراحلها التاريخية، في حاجة لإبراز لخلق الشخصية واستنهاض مكوناتها القادرة على العبور للمستقبل وفق توصيف خاص للذات التاريخية المصرية ينفض عنها غبار الاحتلال والقهر.

الثقافة في حاجة لتغيير الصورة النمطية التي استقرت في ذهن الناس عن شخصية المصري المتكيف الفهلوي؛ تلك الطبقة التي كانت تتعايش مع أي احتلال وفق دافع مصلحتها الشخصية، في مقابل بناء صورة المصري صاحب القيم الذي قد يتحمل تبعة كلمة الحق ورغبته في نهضة بلاده ولو على حساب مصلحته الشخصية.

إذا لم تتمفصل الثقافة حول تغيير الصورة النمطية للذات والبحث في سبل نهضتها، فكل السياسات الثقافية في علاقتها بالمجتمع المصري ومستقبله ستكون مجرد تفاصيل لعنوان كبير غائب، لب الشخصية القومية هو تصورها عن ذاتها، ونحن في حاجة لسياسة ثقافية تقدم صورة الذات المصرية التي وقفت في وجه الاحتلال وسعت لنهضة بلادها في كل وقت وحين.

وتقديم ذلك في أفلام سينمائية ومسلسلات للأطفال ومسرحيات شعرية للشباب وقصص للرسوم المتحركة تنتج تليفزيونيا أيضا، ووضعه في المناهج التعليمية المختلفة بالمدارس والجامعات المصرية، أعتقد أن الانتقال للمستقبل يستلزم التعرف جيدا على الذات وتغيير الصورة النمطية السائدة عنها، وتسليط الضوء على ملامح البطولة فيها عبر كل آليات العرض والاستعادة من مستودع هوية الذات المصرية.

وذلك يحتاج باختصار لشقين؛ أولا: مركز بحثي تحت عنوان: مركز أبحاث استعادة صورة الذات المصرية، وثانيا آليات لعرض وتنفيذ مخرجات هذا المركز بشتى سبل العرض العام وفنونه المختلفة.