الثلاثاء 07 مايو 2024 - 07:25 مساءً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 

الرئيسية ابداع "الذكريات. " قصة : حسين عبد الرحيم

 

 
 

"الذكريات. " قصة : حسين عبد الرحيم

  الجمعة 29 مارس 2019 08:18 مساءً   




 الساعات . كثيرة تتوالى ، والذكريات تترى . الاحلام والرؤى وتلك الاحداث ..وأنا المدد فوق كرسي فوتيه ، افتش عن نفسي ، فوق المقعد ، بعيدا نسبيا عن مدخل الفندق ، على صوت البحر . كنت قد بدأت افكر في عزلتي بعمق ، المقعد نبيذي محشو بالقطن ومنجد بقطيفة. يشعرني بدفء ما ، استسلم للاصوات بوعي. تنفلت ذكريات جمة، يعتليني صوت البحر، بهدر مخيف يفوق ذعر الطوفان الذي حكى لي عنه جدي البحار قديما في مدينة الحرق والغرق والتي شهدت ميلاد الغلام............؟!!  .....................................................................................................................

أرقب الباب الزجاجي ، تائها، مابين ماض وحاضر وذكريات . معيشة آنية ، تخايلني سيسيليا..وينهمر الضباب . الغمام كثيفا في طرقات الاسكندرية ، قدمي باردة ترتجف ليقتحمني صوت الهدر والوشيش ، او اضطر لإستدعاءة ، اتدفأ بالذكريات ، أتلصص بخوف وأرمي بنظرات من فوق الصخور بترقب لعل جثث الموتى من رفاق الرحلة تطفو قريبا من رقدتي ، لم يزل صوت خالد صادحا وهو يهاتفني من الجانب الآخر من الشاطبي وانا الهث مذعورا اتخطى السيارات التي تفر في جنون ، بنتي تصرخ ورفيقتي تضحك بجنون خائب وتلعن عبد الناصر في العلن، وسيسيليا حزينة في صمت وخالد مات منذ سنوات ثلاث ، وانا أستعيد رحلتي اليومية على الكورنيش وقت الغروب ، أستعيد سيرة ميرامار وزهرة وعيسى . يقتلني ، تقتلني الذكريات ، وصوتي غلاما:  _ (اتي إلى هنا في فجر العام التاسع والسبعين ، أرقب البيت ، (كان يعمل بحارا ويطوف بلاد العالم.وفارق البلاد له عقودا طويلة لاتحصى.؟!!، أدقق في القريب المخفي وتنهمر السيارات من جديد وتنقلب على الزجاج قريبا من عيناي في هالات متموجة ، على صفحات الزجاج المتسعة التي تفصلني عن محطة الرمل وهذا الزعيم الصامت في سواد الطرقات البازلت . سعد سعد يحيا سعد ،، طلقات رصاص فارغة ، مطاطية ، حارقة خارقة ، طرقعة سياط لسوارس ، وفتحي صقر مهندس الميكانيكا في بورسعيد الثانوية الصناعية يسحبنا في الظلام ويشير لقصر الملك في المنتزة ويردد هامساً : ( الفاسد الخائن.، وأبي لايعلم شيئاً عن الرحلة . ،ولا طريق ميناء الوصول ..،.؟!!.. أبي الذي غاب طويلا عن الحياة له خمسة عقود ولم يزل ؟!! . حلمي أن اجد تفسيرا منطقي لهذا الحلم الذي يتكرر يوميا منذ ان فارقت حي الزمالك وجئت إلى هنا..، منذ متى وانا هنا ؟!! وهو هناك ؟!! ( لا اعلم أي هناك، ولا أي هنا. كل ما أقبض عليه هو صوت ماكينات الديزل ، الوشيش في ليل الغريب ، ومقهى يتوسط ميدان متسع ترمي كل منافذه جهة البحر وصوت سفن ، ومهجرين من الدلتا يتسامرون في كابينة قيادة لعربة نقل بدفورد تسير تحت الاشجار المخيفة فامنهم من ينام مستسلما لصوت وشيش الموتور وطفو الذكريات ،وآخرون يدخنون الحشيش راشقين نظراتهم للسماء في إنتظار نهار. مراس بعيدة، وانا أقتحم الابواب الحديدية الضخمة المنفتحة على إتساعها أصرخ وانادي على ابي ، واكتشف تفاصيل المكان ،فايتكشف لي رويدا رويدا، سوق أوروبي مخصص لبيع الاسماك وطاولات فارغة في إنتظار عودة الصيادين بطرح البحر المتوسطي ، وانا اطرق العتبات بجسارة وبلا خوف ، فايتجمعون حولي في غل ، أسال عن ابي ، بعد ما أكون قد تاكدت من خارطة المكان، ومضاهاة التفاصيل بصورة الحلم ، حسبما اشارت رسائل البحر التي رمت بها الاقدار لعلها تفرحني او تعطيني ثمة امل في العثور على مكان إقامة لابي حليم البحار..يطوقوني وقد امسك كلا منهم ببلطة في يده لافر وللمرة العاشرة مذعورا ، واعود اسال سيسيليا وهي تقرأ كافافيس في حزن ولوعة، تؤكد تكرار الزمان بشروطه ، وإن إنسان ما ، حليما وجسور وشاعر . غامرو مر من هنا وكتب رسائله في الغروب على صوت البحر، سيسيليا تخايلني في الخطو المتعمد بغنج ودلال وصمت مريب. قبل مجلسي فوق الفوتيه ، تمشي ببطء كاحلم مرئي ، تخترق منافذ تافرنا ، قاصدة محطة الرمل القديمة تنفد من بين عربات الترام قاصدة إتينيوس . بجووب ازرق وبلوزة لامية سوداء وحذاء هاف بوت برتقالي يبرز ربلتا ساقيها، يتجلى النهدين من تحت القماط البلوري ،تغيب وسط زحام مابعد الغروب قرب النبي دانيال ، تخايل المشاة بارداف شقراء مستديرة وشامخة يرتج لها الأسفلت مرحبا بتلك الشامة النافرة تعاكس وجه القمر الراشق في سماء صفية زغلول. أين أبي ، أين عمري ، اين البحار؟!! ., أين نفسي ؟، الساعات تمر ، أين خالد ، كيف ذهب ، ومتي يتم العثور على جثة الصومالي الغريب في هدر قايتباي وهااناذا ارقد فوق كرسي محشو بقطن نبيذي ، بمدخل الفندق العتيق ، لي أربعين خريفا ، أستقبل كل يوم الرسائل.؟.لم تعد تنفذ من خارطة الزجاج المتسعة والتي تهشمت بعد ان ضلت سيارات الليل الطريق نحو سبل العودة

 

أخبار اخرى فى القسم