الثلاثاء 07 مايو 2024 - 09:04 مساءً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 

الرئيسية ابداع " شيخان " قصة قصيرة: د.عصام حسين عبد الرحمن

 

 
 

" شيخان " قصة قصيرة: د.عصام حسين عبد الرحمن

  الجمعة 29 مارس 2019 09:21 مساءً   




 

مال  عليّ الشيخ لبيب برأسه قليلا ، قال بعينيه: عليك أن  تُغير سرير نومك وإن استطعت  غيّر الغرفة كلها. أحببته ليس لأنه شيخ البلد  القوي ،ذو الهيبة  والمُعيّن بواسطة العمدة وابراهيم باشا عين البلد الثري ،وانما  لأنني وحيدا ،يتيم الوالدين ضعيفا،فوجدته حنونا.

 

حظيت بتعليم متوسط ،زدته بالقراءة ،وكانت لا تحلو لي إلا علي أطراف حدائق الموالح الممتدة الشاسعة التي يملكها  الدكتورابراهيم باشا المسافر دائما لأميركا ،كان الشيخ لبيب هو الراعي وهو الوكيل عليها ،قبل ترشحه لشياخة البلد.

لا أعرف ما سر هذه الطيبة التي كان يتعامل بها معي ،رغم  وجهه المتجهم ونظرته القاسية،للدرجة التي جعلته يسمح لي بمشاركته (شاي العصاري).

كان طبيعيا أن يختارني لأكون معه في مضيفة الشياخة،المهام كانت كثيرة ومتعددة ،سجلات لمواليد ووفيات ،فض منازعات ،مجالس حقوق ،مساعدة في التحريات الأمنية ،استدعاءات للجيش ، ومطلوبين للتجنيد.

سألته وقد اكتسبتُ الخبرة الكافية في معرفة العائلات وفروعها بالقرية عن عفت الجحش المطلوبة للتجنيد ?

- يا واد انت فاكرني نايم علي وداني ..مش دي البنت اللي كنت عايز تتوكس وتتجوزها ?

أتذكرُ يوم أن دخلت المضيفة ، في الممر الواسع الذي كان يفضي إلي غرفة التليفون ،وجدتني أمامها ،تنظفُ وتمسحُ ،جلست لبرهة ،فتكشّف لي عن ساقين وركبتين من نور ،ومن مسافة  غير بعيدة ،أحسستُ الشيخ لبيب يحدقُ ويدققُ النظر إليها ،ثم تنحنح وزمجر ففرشت جلبابها عليها ونهضت ،كان يقرأني جيدا ويكلمني بعينيه وكأنه يقول لي:

الأنوثة الطاغية ليست للزواج

صحح خانة الجنس في شهادة الميلاد من ذكر إلي أنثي فكفوا عن المطالبة بتجنديها ،لكن قلبي مازال يطلبها للزواج ،وحالت نظرة شيخي عن استمراري في طلبها .بالمصادفة رأيت وجه القمر  ،كانت بنت الشيخ مهدي،شيخ الجامع الكبير...الذي لا ولد له ، وانما ثلاث إناث ،أخبرني لبيب أن الكبري وفاء  تزوجت وسافرت مع زوجها ،وبقيت الأختان ،كانتا تعيشان وكأن حصارا مضروب عليهما..

تزوجتها ويوم الدخول بها ،لم أشاهد وجه القمر ،رأيت وجها آخر لا يشبهه ،كان وجه شقيقتها "ثناء"،أما  وجه النور الذي غمرني ،أدخلته جنة غرفتي، كان وجه "هناء"ابنة الخوف ،وصنيعة الخيال. وسوء فعل الشيخ مهدي .

لا أعرف ماذا أسكتني ? ولماذا لم أدخل بها حتي الآن ? ولماذا ظللتُ أنام في سرير غرفة النوم وحدي وتنام هي علي كنبة الصالة وحدها ?

ولماذا سكت الشيخ لبيب ? ولماذا صمت لساني ولم أستطع الافصاح له? ألا يعلم كل صغيرة وكبيرة عن البلد?

ولماذا هذا الكابوس الذي ظل يطاردني لعشر سنوات كاملة? يفزعني ويقلق نومي فأصحو علي احساس بأن جثة الشيخ مهدي مدفونة تحت سريري ?

آه يا شيخ لبيب ،لا تتركني الآن وترحل

أفق يا رجل وقل ماذا تقصد بتغيير السرير? وما هي الاستطاعة في تغيير الغرفة كلها?

هل ليّ الآن وأنت في غيبوبتك ،أن أسترجعُ بعض مقولاتك عن مهدي،وأنا أبدو كمن يعاتبك،ساعتها لم ينطق لساني ،وانما تكلمت عيناي بنفس لغة عينيك..أتذكر ..كنتُ أُحثك علي فعل شئ لعفت الجحش وهم يجلدونها بحكم من الشيخ مهدي ،يعلم الجميع أن  مساعده هو من روادها عن نفسها.لو كانت زانية ما أدخلها بيته?فهل بعد مرور كل هذه السنين ،لم أفهم شيئًا وأنا ربيبك?هل أخطأتُ لغة العيون?

أشارت عيناك بأن الزمان زمانهم ،وأن الموج عالي وفي عنفوانه ?

وعندما سألتك عن العمدة والدكتور ابراهيم ? لم تقل شيئا  ثم غفوت.

قم يا شيخ .ليتني أخطأت قراءة عينيك ،ليتني تزوجت بنت الجحش.

بحق "شاي العصاري "  قُم وافعل شيئًا .

 

أخبار اخرى فى القسم