لماذا يغرق البشر أنفسهم في كل هذه الشكليات
وكل هذه الادعاءات
معظم ما يحيط بنا ، لالزوم له
معظم سلوكياتنا هشة ، وزائفة
ولكننا ، بإصرار منقطع النظير
نجددها في كل يوم ،
حتى أن الإنسان لو تأمل حاله جيداً
وسأل نفسه بصدق : من أنا ؟ وما الذي أفعله ؟
قد يصاب بالفزع
ولكن هل الفزع مطلوب في حياتنا ؟
الفزع امتزاج بالحقائق الكبرى ، وبالبدائية الحميمة
أنا أريد أن أفزع :
وأحياناً أتقمص دور المفزوع .
.
كنت في النافذة : وعلى الناصية كانت الفتاة
بشعرها القصير ، وجسدها الـ"فرنساوي"
تشير إلى شخص لا أراه جيداً ، وتناديه بإلحاح
ولكن يبدو أنه لا يسمعها ،
وددت لو أردّ عليها أنا ، لفرط قوة عينيها
وبسبب الحاجبين المنسابين في نعومة
تجعل كل من يشاهدهما ، يفكر في معنى الوجود
وكيف أن هذا الوجود يهرب منا
فنظل نلاحقه طوال اليوم ، دون جدوى .
القط الأعمى الذي أربيه في البيت
يعطيني دروساً في العفوية ، وفي التسلل للحياة
ولكن مهما كنا حذرين ، ومهما مررنا بالتجارب
فنحن فاشلون في تحديد الأهداف
وفاشلون في كل شيء .
.
أضع الطعام على رخامة المطبخ
والشقة صامتة تماما ، والموبيليا كلها "سكتم بكتم"
ولكي أحس بأي دراما في حياتي الجامدة هذه ،
أذهب لأقف خلف الشيش
وأراقب أجمل امراة بين كل الجارات ،
وهي تنشر الغسيل ، ببراءة منقطعة النظير ،
وفي الحقيقة : أنا أريد أن أفتح الشيش وأقف أمامها
بل ، أشير لها ، وأنادي : أنت أيتها المرأة بضة الجسد
لماذا تنشرين كل هذا الغسيل
ولا تلقين بالاً لي :
ماذا سيحدث لو جلسنا في مقهى صغير
واحتسينا فنجانين من القهوة ، وابتسمنا
كما لايستطيع اثنان أن يبتسما
وماذا لو استرسل كل منا فى الكلام
ليحكي قصته الأليمة في هذا الوجود المؤلم العنيف
الوجود الذي لايعرفنا ، ولا نعرفه
ولانزال أنا والمراة نبتسم ، ثم ننتصب واقفين :
لنودع بعضينا ، بحزن شديد
ليس فقط
لأننا لانعرف هل سنلتقي مرة أخرى أم لا ؟
بل لأننا لانعرف أصلاً
هل نحن التقينا في مقهى صغير بالفعل ؟
وهل احتسينا القهوة بالفعل ؟