الأربعاء 01 مايو 2024 - 07:48 مساءً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 

الرئيسية ابداع شفيقة ومتولى وتباين الإبداع..دراسة للدكتورة زينب العسال (1)

 

 
 

شفيقة ومتولى وتباين الإبداع..دراسة للدكتورة زينب العسال (1)

  الاثنين 30 ديسمبر 2019 02:54 مساءً   




الموال الشعبى من الفنون القولية الأثيرة لدى نفوس المصريين، ومن أحبها، وأكثرها شيوعًا، موال شفيقة ومتولى. الموال يتناول حكاية شعبية، فهو بذلك ينضم لمواويل حسن ونعيمة وأدهم الشرقاوى وسعد اليتيم وغيرها. غالبية هذه المواويل تعتمد على البطولة، ومع تعدد أسباب البطولات فإنها تصطبغ بالدم، الدم هو العنصر المأسوى، الذى يجعل الموال يعيش فى وجدان الإنسان المصرى.

 اعتمدت هذه الدراسة على موال شفيقة ومتولى، غناء المغنى الشعبى حفنى أحمد حسن وهو من أشهر المغنيين الشعبيين فى الخمسينيات والستينيات، وأغنية شفيقة ومتولى للفنان محمد العزبى، وفيلم شفيقة ومتولى، قصة شوقى عبد الحكيم، وسيناريو وحوار صلاح جاهين، وإخراج المخرج على بدرخان.

كيف استلهم الفنان الحكاية الشعبية، وطوعها لأهدافه ورؤيته؟

لاشك أن الراوى بوصفه الخالق للسرد، ويخضعه لقصدية بعينها، هو محرك الأحداث وموجهها، وهى وظيفة أساسية للراوى فى الكتابة السردية:

تتعدد الأسئلة: هل يفتق الراوى الشعبى تلك الرؤية؟ وهل هو كائن محايد، ينقل ما تلقاه بأمانة وصدق دون أن يضيف أو يحذف؟ أو يضع من نفسه وروحه داخل النص؟

لنتأمل عبارة جيرار جينت " إذا كان حضور الراوى من السرد وهمًا، فغيابه خدعة " .

  قصة شفيقة ومتولى عن فتاة فقيرة، تركت بيت أسرتها وهربت من الفقر، بعد أن  جند شقيقها متولى، تقع شفيقة فى الرذيلة، وتحترف مهنة الدعارة، يعرف أخوها ذلك، فيقتلها انتقاما لشرفه وعرضه.

 فى منتصف السبعينيات التقت المذيعة أمانى ناشد برجل صعيدى أجرت معه حوارًا، بدأته بقولها: هذا هو متولى الجرجاوى، الذى تتغنى به المواويل الشعبية.

وروى الرجل حكايته، منذ التحاقه بالتجنيد إلى مقتل أخته شفيقة

حكاية شفيقة ومتولى تذكرنا ببيت الشعر القائل:

لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى              حتى يراق على جوانبه الدم

نحن أمام قضية شرف تحدث يوميًا، وتتحدث عنها الصحف، لكن يبقى السؤال: لماذا ظل هذا الموال أحد أهم المواويل الأثيرة لدى المصريين؟

يزداد الإلحاح على السؤال، حينما نعرف أن الفنان الشعبى حفنى حسن كان يتغنى بموال آخر بعنوان شفيقة المظلومة، وأن هذا الموال اختفى تمامًا عندما ذاع موال " شفيقة ومتولى ".

الموال - كحكاية - يعرض على المتلقين عرضًا شفويًا، له رؤية أحادية، هى رؤية أو وجهة نظر الراوى / مغنى الموال الشعبى، فالشرف والعرض مقابل الموت لكل من اخترق المحظور، الراوى فى الحكاية، أو فى الموال – غالبًا - راو عليم يعرف أكثر من الشخصية، أى يعرف مسار الأحداث ومصيرها منذ اللحظة الأولى، فهو ليس مجرد مشارك فى الأحداث، أو شاهد على حدوثها، لكنه - فى الوقت ذاته - لديه القدرة على الفضح، ولديه العديد من الوسائل الجاذبة، كالاختزال، والتسريع، وتكرار مقاطع بعينها، اللزمة، والتنويع فى الإيقاعات الصوتية واللحنية، والوقوف عند نقطة بعينها، الصمت، ثم الوصل، إتاحة الفرصة لسماع انفعالات المتلقين والتجاوب معهم.

لهذا الراوى المفارق لنصه المروى دور، الأخذ عن رواة سابقين، والإرسال للمروى لهم - ويتكرر هذا الدور - بالطبع - بتعدد الليالى، و يتغير بتغير الزمان والمكان، لتصبح الحكاية المسرودة فى نهاية الأمر عرضية ( عبد الله إبراهيم، السردية العربية, بحث فى البنية السردية للموروث الحكائى، المركز الثقافى العربى, بيروت ط1، 1992

لا حاجة بنا للحديث عن دور الراوى والمروى له، وأركان الرسالة الأدبية، وعلاقة المرسل بالمستقبل، والسياق المشترك الذى تدور فيه الرسالة، لكن - كما هو معروف - فإن النص السردى الشفاهى يعتمد على منصات أو ركائز البداية المعروفة، التى ألفناها ونحن صغار من الراوى الشعبى " كان يا ما كان، بسم الله بديت، وعلى الله صليت، وأول ما نبدى القول نصلى على الرسول الحبيب، أو على المصطفى الحبيب".

يقول الفنان حفنى حسن:

جاي تايه أدور على ميت ولي

فمتولى هو الغاية والهدف بعد رحلة من التوهان، ميت ولى، بغنائه سيحيى حكاية هذا الذى مات وولى، ثم يؤكد صراحة أنه جاء يتحدث عن متولي:

      واديني هتكلم على متولي

      كلام يشبه سلاح ماضي

      من مؤلف على الورق ماضي

      ودى حادثة فى العهد الماضي

   إن استحضار الماضي هى وظيفة الفنان/ الراوى  يهيئ المتلقى لرحلة استماع، فيؤكد على أن كل ما سيسمعه حدث فى زمن مضى، وانتهى.

كلام يشبه سلاحًا باترًا. هذه هى الرؤية ووجهة النظر، نحن أمام رسالة ضمنية لهذا الموال، ومن ثم فإن كلمة ماضى ليست بمعنى الزمن الماضى لكنها تعنى كلامًا حاسمًا، قاطعًا، باترًا، وعلى المتلقى أن يتمعن، ويعى تلك الرسالة.

 هذا التمهيد ينتهى بأن هناك رسالة قوية يجب أن يعيها المتلقى، وهى سلاح حاد قاطع، لا يعرف التهاون وسوف يكشف عنه الموال تباعًا.

                           متولى يقول مبيديش

                           والوحدة عالية متعديش

                           جالو الطلب وخدوه الجيش

                           يا جرجاوي يا جرجاوي يا متولي

                           متولي عجب عسكري وآخر النهار خدوه على البلوك

                           يامه على البلوك قابلوا وأتوا عالم

                           شوف الفرد لما يتعلم

                           وخد 6 شهور يتعلم

 

أخبار اخرى فى القسم