السبت 20 أبريل 2024 - 07:51 صباحاً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 

الرئيسية تقارير الكاتب الصحفي صلاح صيام يكتب عن : لحظة فارقة (٥)

 

 الضائع والحديث
 

الكاتب الصحفي صلاح صيام يكتب عن : لحظة فارقة (٥)

  الثلاثاء 28 أبريل 2020 01:08 مساءً   




شابًّ ضائعً يشرب النبيذ ويَقضي ليله ونهاره يصحَب الأحداث من الصبيان والشباب، عاش القعنبي واسمه عبد الله بن مسلمة- حياة اللهو مع أصدقاء السوء فكان لا يتورع عن شرب الخمر في الطرق بين الناس،و لا يخشى أحدا،و كان يقعد كلَّ يومٍ على باب بيته ينتظر قدوم أصحابه فيتَّفقون فيما بينهم على ما يفعلون في يومهم، لا غاية ولا هدف لهم إلا قتل الوقت وإهداره. وفي يوم من هذه الأيام قعد ينتظرهم على باب البيت, فمرَّ موكب عظيم من أمامه جذَب نظرَه ,فقام يستكشف الحدث ويتعرَّف على ما غاب عنه من أمرِه، كان صاحب الموكب يَمتطي حماره يسرع به إسراعًا، والناس خلفه يُهرَعون، وحين نظر إليه القعنبي لم يَعرفه، إذ لم يكن الخليفة ولا الأمير، وإنما كان واحدًا غيرهما ربما لم يعهد هو رؤيته، ولم يعرف - في الحقيقة - أن الواقف أمامه كان نجمًا من نجوم ذلك الزمان، فقد كان عالمًا من علماء الحديث الكبار الذين يَجتمع الناس حولهم ويحفُّون بموكبهم ربما أكثر من الخليفة والأمير معًا. تقدَّم الشابُّ ناحية الموكب وتطلَّع في الوجه الغريب عنه وسأل من حوله قال أحدهم شعبة, قال من هذا؟ • "وأيُّ شيء شعبة قال: محدِّث" ، لكنَّه قرر أن يكمل الحوار مع الشخص الذي ألهب هذه المشاعر فتبعتْه قلوبها وعيونها وتابعته الآذان . قال حدثني" ونظر شعبة فرأى شابًّا يرتدي ثوبًا أحمر ويسأله الزئبق الأحمر فقال له على الفَور • "ما أنت من أصحاب الحديث فأحدِّثك"، وسمع الشاب الضائع الكلمة فإذا هي تقرَعه برفض طلبه، وما تعوَّد أبدًا على ذلك، فشهر سكِّينه في وجه شُعبة يهدِّده ويتوعَّده إن لم يحدِّثه ليفعلنَّ به الافاعيل. أتحدِّثني أو أجرحك؟ ومَن مثل شعبة ذكاءً وفطنة فتخيَّر بفراسته من بضاعته ما يُجيب به تهديد الفتى لعله يرتدع، فقال له حدَّثَنا منصور عن ربعيٍّ عن أبي مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت) , وأصاب سهمُ شعبة مرماه، فإذا الكلماتُ تصعق الشابَّ وتهزُّه حتى إنَّه رمى سكِّينه من يده، وعزم على الإقلاع عن ذنبه ومفارقة المعصية، فرجع إلى بيته وطهَّره مما كان فيه، فقام إلى جميع ما كان عنده من الشراب فأراقه، وكسر آنية النبيذ وآلات اللهو، وودَّع رفاق السوء والهوى، وكأنَّما أراد أن يترك رسالة إلى رفاقه بما آل إليه حاله لعلَّهم به يتأسَّون وفي مستقبل زمانهم يرشدون، ولم يشأ أن يلقَاهم أو يقابلهم لئلا يثنوه عن عزمه أو يضعف هو برؤيتهم فيحنَّ إلى صحبتهم فقال لأمِّه: الساعة أصحابي يَجيئون فأدخليهم وقدِّمي الطعام إليهم، فإذا أكلوا فخبِّريهم بما صنعت بالشراب حتى ينصرفوا، ومضى من وقته إلى المدينة يَطلب العلم والهدى، وهناك لزم مالكَ بنَ أنس حتى كان أعظم رواة الموطَّأ، وكانت نسختُه أصح الروايات للموطَّأ عن مالك , وذلك عجيب فإن من بين رواة الموطَّأ جبالاً أمثال محمد بن الحسن إمام الأحناف,ولأن نيَّة الشاب التائب كانت قويَّة وصحيحة، وتوبته كانت صافية ونصوحًا، صار كذلك. رجع القعنبي بعد فترة من مكثه في المدينة إلى بلدته، البصرة، فوجد شُعبة قد مات، فلم يسمع منه غير هذا الحديث. و أصبح القعنبي من محدثي الحديث وأحد علماء ورواة الأحاديث الثقة، تتلمذ على يده الإمام البخاري، والإمام مسلم ، وأبو داوود، وتوفى في عام 221 هـجرية بمكة المكرمة. صلاح صيام Salah_alwafd@yahoo.com

 

أخبار اخرى فى القسم