الجمعة 29 مارس 2024 - 08:13 صباحاً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 

الرئيسية منوعات الشاعر والناشر عادل متولي يكتب عن ذكريات الطفولة والصبا في مولد المصطفى صلي الله عليه وسلم

 

 اعتذار للحبيب وللمُحب
 

الشاعر والناشر عادل متولي يكتب عن ذكريات الطفولة والصبا في مولد المصطفى صلي الله عليه وسلم

  الأربعاء 20 أكتوبر 2021 02:56 مساءً   




نشأتنا وتربيتنا في القرية أكسبتنا الكثير من المتع التي حرم منها غيرنا في بيئات مختلفة، فالهدوء واتساع المدى والطبيعة وبساطتها؛ كل ذلك ساهم في تشكيل وعينا، ونظرتنا للجمال وعنوان السعادة بمعناها البسيط، دون تعقيدات المدينة ومتطلباتها، رغم قسوة حياة الريف، إلا أن مذاق هذه الأيام وجمالها مازال عالقاً في الحلق نجتره كلما أردنا ذلك. من مظاهر بهجتنا في القرية المولد النبوي واحتفالات الطرق الصوفية به، فكان (الذكر) أو الحضرة من أجمل المتع التي ننتظرها كل عام أو كلما أقام أحدهم عرساً أو (طهور) أي ختان أحد أبناءه، فلابد أن تكون الليلة الأخيرة لله وللرسول بركة وشفاعة. كان والدي -رحمة الله عليه – من هؤلاء الذين يحتفلون كل عام بالمولد النبوي، فيقيم ليلة الحادي عشر من ربيعٍ الأول حضرة لله وللرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، فيذبح ذبيحته التي يرعاها طوال العام حتى تليق بهذه الليلة وعندما سألته لماذا هذا الموعد، فكان يقول أن العالم كله يحتفل بالليلة الكبيرة – أي الثاني عشر من ربيع الأول – فنحتفل نحن أولاً ونترك الليلة الكبيرة لأصحابها أي للاحتفالات الرسمية، وكان قبل هذه الليلة يأتي بذبيحة جديدة لكي تحل محل ذبيحة الليلة وتنتظر للعام القادم فيمسح فيها السكين بعد أن ينتهي من الذبح، على أمل أن تعيش للعام القادم وتنتظر مصيرها كسابقتها، فندعو الأهل والأحباب لهذه الوليمة حباً في الله ورسوله وفي المساء يأتي موعد الحضرة فنستمع للمدائح النبوية ويتلقى والدي -رحمة الله عليه – التهاني والدعوات باللقاء في العام القادم إن شاء الله. في نهاية الثمانينيات انتشرت الجماعات الظلامية، ومع قرب المولد النبوي جاءت رسالة إلى والدي -رحمة الله عليه – تحمل تنبيهاً وتحذير بعدم الاحتفال هذا العام، فمن كانوا يقيمون لك الحضرة تاب الله عليهم وعرفوا طريق الحق! وما أنت فيه الآن بدعة ويجب تركها. فكان رد والدي، -رحمة الله عليه – اتركوا لنا بدعتنا واذهبوا أنتم بلحاكم، واستمر بعدها بضع سنوات يقيم احتفاله بالمولد النبوي، مع تعديل طفيف بفطنة القروي الذي يتحسس أفعاله في ظل هذه الجماعات الظلامية، فجعل النصف الأول من الليلة تلاوة للذكر الحكيم والنصف الثاني مدائح نبوية، إلى أن ترجل وانتقل إلى ربه -ولعله مع حبيبه الآن-، وانتهجنا بعده نفس الطريق لبضع سنوات أيضاً، ولكن لتركنا القرية والسفر لم نستطع الاستمرار بالوفاء لهذا التقليد فعذراً للحبيب وللمحب، الحبيب محمد رسول الله، صلى الله عليه وسلم والمحب والدي رحمة الله عليه.

 

أخبار اخرى فى القسم