الخميس 25 أبريل 2024 - 03:06 مساءً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 

الرئيسية ابداع د نرمين عيد تكتب ..في وداع أروي أبو عون

 

 
 

د نرمين عيد تكتب ..في وداع أروي أبو عون

  الجمعة 05 نوفمبر 2021 03:11 مساءً   




لم يكن من المتخيل أن تصدمنا الفنانة الليبية الشابة"أروي أبوعونArwa Abouon  (2020-1982) برحيلها المفاجئ يوم الثلاثاء 9يونيو2020 عن عمر يناهز الثامنة والثلاثون والتي بدأت عملها كفنانة في عمر الثانية والعشرون خلال تعلمها التصوير بنيويورك, والمتطلع لأعمالها منذ الوهلة الأولي يدرك أن نصوصها البصرية عكست تجربتها الإنسانية وما يموج بعقلها من أفكار بوصفها أنثي عربية مسلمة  تعيش بمجتمع غربي عاكسة بحثها الدؤب عن جذور هويتها المسلمة الشرقية وسط الثقافة الغربية فكما تقول أروي (طريقة إنجاز اعمالى تبدأ غالبا بسلسلة من الأسئلة لدى، وحالما تكتمل القطعة فهى عندئذ تكون قد حققت الإجابة على تلك الأسئلة، على الاقل جزئيا، ولتفسح المجال لأسئلة مستقبلية.. فاعمالى كلها انعكاسات لما مررت به فى حياتي، ويمكنك القول بأننى أكتب سيرتى الذاتية بشكل أو بآخر من خلال أعمالى الفنية, وبصفتي مسلمة تمارس شعائر دينها، والله قد أوجدني في الأرض لأعبده وهوما إنعكس باعمالي) ومن الأعمال التي عكست رؤية أروي لعلاقة الذات بالله عملها " التعلم عن ظهر قلب  Learning by Heartوالذي حازت به علي الجائزة الثانية في بينالي الاسكندرية لدول البحر المتوسط عام 2014, ويتكون النص من ثلاث محاور(أجزاء) جمالية مفاهيمية: 1-مرآتي مرآتي ، الهي الهي/2- الرؤية الصامتة 3- أنا أسفة - أسامحك) وبهذا الطرح يدمجنا النص في  حالة تواصل للمشاعر الانسانية الذاتيه والايمانية ويفتح أفق التلقي الجمالي و الفكري عبر محاوربصرية.

 

المحور الأول ( مرآتي مرآتي ، الهي الهي ):

يتكون من صورتان فوتوغرافيتان في الصورة الأولي تقف أروي نفسها مرتدية السواد بتيشرت أسود وبنطال جينز أسود حافية القدمين بينما تظهر صورتها المنعكسة إلي منتصف الجسد بالحجاب الأبيض وتظهرإطار المرآة المزركش باللون الأبيض ، و في اللوحة الثانية  تقف أروي مرتدية الحجاب بالعباءة البيضاء بينما تنعكس صورتها إلي منتصف الجسد مرتدية قميصا أسود اللون ويظهر إطار المرآة مقسوم لونيا إلي جزئين الأعلي أبيض والأسفل أسود مزخرف بالأبيض، ومن ثم فهي إنعكاس وصدي للوحة الأولي، فكلا اللوحتان إنعكاس مضاد ،فاللوحتان بهذا الشكل لايكتفيان بإظهار الاختلاف بين الجسد-الروح/ الأسود -الأبيض/ المخفي بالحجاب-الجسد الظاهربالسفور، الظاهر-الباطن، بل أيضا التطلع فيما بين الوعي والاوعي/ الأناوالأنا الأعلي ويستدعي في آن فعل المكاشفة و الإنكشاف عبر التطلع بالمرآة، فرمزية المرآه تضرب بجذورها في التراث الانساني الأسطوري والإبداعي علي السواء، فدلالاتها منفتحة علي عوالم مغايرة لامعقولة كالأشباح والعوالم السحرية أو هي إنعكاس للوضع الواقعي و تجسيدا للعصروالمجتمع، والمرآه لدي"أروي"بخلاف الصورة البصرية لتاريخية النساء داخل كتاب الفن الذي يؤكد تفوق الجمال النسائي(فالمرأة تتطلع لذاتها في المرأة ، فهي التي تحب صورتها قبل آي شيء آخر)في حين تمزج "أروي "بين رمزية المرآه السيكولوجية من جهه ورمزية المرآه الفلسفية المعرفية من جهه في آن، تنعكس في الأولي ثنائية المعرفة الذاتية فيتأمل العقل حضورة ، وتقترب في الثانية من رمزية المرآه في التراث الصوفي العربي المرتبط بأحوال الشهود التي يري فيها العارف الحقائق المنزاح عنها الحجاب، إذلاتنتمي مرآه أروي إلي الرؤية النرجسية ولا الرؤية النسوية المنحازه لتعريفات الجندر أو رؤية الحجاب بنهج ثقافي ، بيد أنها تنتمي الي رؤية وضعية الذات فكما يقول"جاك لاكان" أن الرؤية هي تحقيق الذاتية  والذي يبصر شيئا يكون في الواقع  قد أثبت وجوده و من ثم فتلك الوضعية التي بين الرائي والمرئي تضحي فيها الأنا المرئية موضع مكاشفة باطنية بين الأنا الواقعية والأنا المرجوه.

ففي اللوحة الأولي تظهرالأنا الواقعية كإمرأة بلا هوية دينية بينما تعكس المرآة موطن الذات الداخلي، فبتعبيرات الصوفية "القلب موطن الذات الالهية، أو بعبارة أخري هو المرآة التي يري الله نفسه فيها" فمن عرف نفسه عرف ربه، فعندما يعرف الانسان باطن قلبه فإنه يصل الي معرفه ماهو الهي فيه، فهمزة الوصل بين ماهو انساني وماهو الهي هو الروح، فأروي المحجبة ماهي إلا الأنا المرجوة التي تتطلع اليها في لاوعيها ، إذ تصرح أروي(أنالحجاب الأصلي هو ما نراه في السيدة العذراء والتي تظهر بشكل محتشم، وهذا ما يجب أن تكون عليه المرأة المسلمة، انا أحاول أن اكون المرأة المسلمة التي تعبد الله لأنني شخصية متدينة وأحاول ان أعبر عن ذلك من خلال التصوير أو بأي شكل آخر)كما أنها نفذت العمل من وحي علاقتها الخاصة بالحجاب ورغبتها في ارتدائة يوما ما.

وفي الصورة الثانية يصبح ماهو منعكس في المرآة خارجها ، ماهو خارج منعكس داخل المرآة، وهذا لا يعني تبادل الادوار بقدر ما يحيل إلي مواضعة الذات المرئية التي وضعت في كلا الصورتين  داخل أطر حادة عبر زاوية مثلثه بالحجرة ومن ثم تحيل تلقينا البصري نحو التضاد والانقسام النفسي والذي يزيد من حدة التقابل التضاد اللوني بين الأبيض والأسود, ففي حين يتمثل الأبيض باحتوائة لكل الألوان يبرز الأسود بغموضه وعمقة المصمت، ومايثير الانتباه في كلا الصورتين أن المرآة لاتظهر إلا الجزء الأعلي من الجسد حيث مكان الفكر والقلب وهو مكان التعلم الحقيقي حيث العقل و الحدس وبهما ندرك الذات الالهية ، فالله ليس مجرد شيء بل هو في الرؤية ذاتها، ومن ثم فمرآة  "أبو عون" ليست فقط انكشافا للأنا ، فالفراغ و الهوة بيننا وبين الالهي هي في نفس الوقت فراغ وهوة بيننا وبين أنفسنا ، لذا فمعرفة النفس هي معرفة الله.

وبحسب التعريف الصوفي إننا لا نوجد إلا بالقدر الذي يكون الله فيه معنا، فنحن نوجد كذوات لأن الله ينظر إلينا، ومن ثم فماهية وجودنا تتمحور في اننا نوجد بقدر ما نستطيع أن نري ،فالله مرئي من الكل و مرئي في كل ما يري ، ومن ثم ينفتح نص" أروي" الي الداخل حيث "الله أقرب من حبل الوريد"،إلي داخل النفس الانسانية وانعكاس الالهي فينا ، لذا لاتقدم" أبو عون"  الحجاب بوصفه علامة ثقافية دينية ، فحجاب أروي الانرجسي لايحتفل بفتنه الجسد أو بموصفاته الحسية بل تكشف عن الجسد الروحي مستبعدة العلامات الثقافية للجسد المرغـوب فيه اجتماعيا لتستبدله بالجسـد المرغوب فيه علي مستوي الوعي الذاتي للفنانة ذاتها، كمعادل للهوية الايمانية الاسلامية وجذورها العقائدية القابعة في القلب ومن ثم تمزج بين رؤية إيمانية ذاتية و بين موضوع الرؤية البصرية ، فالمرأة هنا ليست موضوع الرؤية ، فهي في نص" أروي" تري وتتعلم بعين القلب كما الصوفية ، فللعارفين عيون تري ما لا يراه المبصرون.

المحور الثاني(معنون بالرؤية الصامتة ):   

عبارة عن ست لوحات ، منهم أربع لوحات آحادية اللون يحدهم من اليمين صورة الأب و هو رافع يدية بتكبيرة الصلاة ومن الناحية اليسري تنتهي بصورة الأب وهو يضع يدية علي فمه بعد نهاية الصلاة و الدعاء وإذا ما تتبعنا اللوحات بدأ من اللوحة الأولي والتي تصور الأب الطاعن في السن والتي تدق خطوط الزمان بصماتها علي خرائطية وجهه وهو في حاله تكبير يليها لوحة بيضاء مكتوب عليها بحروف بارزة  عبارة عن نقاط تمثل أسم النبي محمد "صلعم"  ولكن مقلوبة.

اللوحة الثانية ذات لون أقرب إلي الرمادي ، ومكتوب عليها باللغة الانجليزيةI hear you  (أنا أسمعك)

اللوحة الثالثةذات لون أقرب إلي الرمادي ومكتوب عليها باللغةالعربية  " اللـه  "  ولكنها مقلوبة أيضا

اللوحة الرابعة ذات لون أدكن ومكتوب عليها باللغة الانجليزية: Iam  every  thing and nothing  you  see "   وبالتالي ماهو مكتوب :                        محمد

                                                                       أصغي اليك

                                                                                الله

                                                                   أنا كل ما تراة ولا تراة

وبهذه الطريقة التي"تتبعها أبو عون" تفتح دلالات النص علي عدة قراءات متداخله تبدأ بالعلاقة بين الذات الألهية والحقيقة المحمدية مستدعية العلامة السمعية القلبية بين المعبود والعبد (دعاءالرسول: اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقله حيلتي وهواني علي الناس) ألم يستجب الله عزو جل لشكوي الحبيب وأكرمة برحله الإسراء ليريه ما أودع من الأيات والحقائق وخفف من حزنه بقوله تعالي "طه، ما أنزلنا عليك القرآن لتشقي، إلاتذكرة لمن  يخشي(سورة طه آيه من 1:3), وتلك العلاقة الحميمة تمتد لتشمل المؤمنين العابدين المصلين فاللوحات في مجملها تمثل وضعية الصلاة التي تبدأ بالتكبير وتنتهي بالتسليم وفيها يذكر الذات الالهية والنبي محمد "صلعم" ، فالصلاة ترتبط بالجذر اللغوي" وصل" ، آي لحظه القرب من الله ، كما أنها ليست مجرد فرضا جوهريا في الاسلام بل هي تلك الحالة التي يستمع فيها الله لعبده وهي تلك العلاقة المتصلة والمستمرة (الحبل السري)بين العبد و المعبود والتي فيها يٌسمع وٌيري العبد بين يدي خالقه، لذا عنونت" أروي" هذه اللوحات بالرؤية الصامتة ، فبقدر ما هي سماعية عبر قرأة القرآن وحركات الصلاة هي أيضا صامته لأن المناجاة الفعلية هي مناجاة القلب وحوار بلا كلمات لذا يعتبر الصوفية الصلاةمعراجا ينقلهم مباشرتاً إلي حضرة الله.

إن لوحات "أروي" التي تنحصر في أربعة ويحدها لوحتان للأب الذي يجسد بداية الصلاة ونهايتها تشير الي إمكانية إعتبارالأربع لوحات أربع ركعات ومن ثم تحيلنا إلي صلاة الظهيرة/التي تمثل صلاة اليقظة وصلاة العصر / الصلاة الوسطي وصلاة العشاء ختام الصلوات ومن ثم  فهي ترمز لحاله الوعي الدائم  بأهمية الصلاة  في حياة المؤمن فهي مبتدأه ومنتهاه. فالصلاةالصادقة مستمرة موصوله ليست مجرد هيئات بل هي استغراق الروح والجسد وهذه الحالة من القرب لاتنفصل مهما اختلفت البيئة الثقافية، إذ يشير التمازج اللغوي مابين اللغة العربية والانجليزية والوضعية التي وضع بها أسم الجلاله والنبي بشكل مقلوب، بينما كتبت مقولات الذات الالهية بلغة انجليزية بوضع صحيح يعكس صراع الهوية الدينية وسط بيئة ثقافية مغايرة، فوضع الله والنبي بشكل مقلوب يعكس ماهوخاص بالهوية الدينية التي تتنافض مع الثقافة الغربية السائدة /فهما يقعا في منطقة الظل سواء اللغة أو الاسلام كذلك يشير الي الوضع المقلوب للفنانة ذات الاصول العربية الاسلامية داخل البيئة الغربية لذا وضعا بشكل مقلوب.

أما المقولات التي كتبت باللغة الانجليزية فهي تمثل ماهو روحاني وإنساني داخل كافة الديانات التوحيدية لذا كتبت بوضعية صحيحة، فالفنانة تعيش في مجتمع متعدد الأعراق والديانات والمذاهب ويشكل كل إتجاه منهما كيان خاص علي حدة ويجمعهما كيان الدولة العلمانية علي أرضية إنسانية مشتركة ، يصبح فيها الكيان الثقافي الغربي هو الأصل الواضح المعالم واللغة ويصبح بمقتضاها الأصول الدينية والموروث الثقافي واللغوي الظل الهامشي لذا قلبت أبوعون المنطوق اللغوي  ممثله بذلك حاله من التلاعب اللغوي والثقافي لتستحث المتلقي لمزيد من القرب محاولا فك شفرةالنص الفنية وصولا للبحث في الجذور الاسلامية سواء علي المستوي الجمالي أو المعرفي المحور الثالث ( أنا أسفة – أسامحك):

وهذا المحور يتكون من لوحتين مطبوعين رقميا بأطار مزخرف يظهر فيها والد الفنانة بشكل منعكس في كلا اللوحتين ،إذ تظهرالشخصيات علي خلفية زخارف إسلامية وبإطار زخرفي وتتشكل الأيقونة البصرية وفق منظور إسلامي سواء علي المستوي الجمالي الزخرفي أو الأخلاقي.

وتجسد اللوحتان حالة التسامح ، فينقلنا النص لترجمة المكاشفة والوصل علي مستوي العلاقات الانسانية، فيظهر في اللوحة الأولي والدة الفنانة وهي مرتدية الحجاب الأبيض الفضفاض ويقوم الأب المرتدي الأبيض بتقبيل جبينها، وفي اللوحة الثانية ينعكس الموقف بما يشبه تبادل الأدوار فالوالدة  هنا تقوم بتقبيل جبين الزوج , و تلعب الزخارف الاسلامية هنا دوراًً مزدوجا فهي من الناحية الجمالية تعيدنا للجذور الزخرفية الاسلامية و للموروث الجمالي من خلال الحضور المباشر للموتيفات الزخرفية الهندسية والنباتية والتي تتمحور حول( الدائرة ،المربع ، المثلث، المضلعات، النجيمات) وإصرار الفنانة علي إظهار الشخصيات وفق مساحات زخرفية تتخلل الخلفية والأجساد بجانب الإطار الزخرفي يؤكد علي رؤية مفاهيمية تتعدي السطح الشكلي فهو علامة علي تغلغل الموروث الاسلامي بكافة أبعادة داخل نسق الحياة الاجتماعية، لذا يبدو التلاعب البصري الناتج عن تكثيف الزخارف كوشم للعلاقات بالقيم الاسلامية الجميلة حيث يتطابق مفهوم الجمال البصري والفكري معاً ،الموروث الفني والأخلاقي في آن، فهذا التداخل والتماهي بين الشخصيات والخلفية الزخرفية(الكل في وحدة واحدة) مستوحي من فكرة تكامل الشكل مع الأرضية المستمدة من زخارف الفنون الاسلامية التي تعد أكثر الخصائص الفنية وضوحا.

توقعنا شخصيات" أبو عون" في أحبوله الخداع البصري إذتعطي إيحاءا بالإنفصال عن الخلفية بينما تقع في نسيج  التكوين الشبكي الزخرفي الممتد في الصورة بأكملها والتي تحدث نوعا من الانعتاق المكثف للشكل الزخرفي بتوسيع وتكبير الوحدة الزخرفية علي الجسد والغائه للوجوة والتي تبدو بمقتضاه كأجساد روحانية تخترق الشبكة الزخرفية في علاقة اندماجية تبادلية بين الشخصيات و الأرضية المزخرفة  فيذكرنا هذا التماهي بين الشكل والخلفية بتجربة جوستاف كليمنتGustav Klimt (1862- 1918)  المستلهمة من الفن الياباني حيث تظهر الشخوص والخلفية الزخرفية في وحدة واحدة كنسيج واحد لاينفصل.

وتعيد إلينا الصورة المزخرفة  أنا أسفة / سامحني  مفهوم كراهية الفن الاسلامي للفراغ  والذي كان بمقتضاه يتم تغطية المساحات بكل أبعادها بالزخارف الهندسية والنباتية  في حاله من التكرارية الانهائية كإنعكاس لفكرة أن الله موجود ودائم وأزلي بلا نهاية ولابداية، ومن ثم فإن الترديد الزخرفي البصري هنا ماهو إلا ترديدللقيم الاسلامية سواء الجمالية أوالاخلاقية و كاشفة عن قيم التسامح التبادلية كقيمة أنسانية لا تفرق بين الذكر والأنثي داخل العقيدة الاسلامية لتحيلنا إلي قول الله عز وجل"وجعلنا بينكم مودة و رحمة".

تمارس الزخارف الإفتتان البصري علي مستوي الرؤية النصية ورؤية المتلقي ليحيلنا إلي مدي إمتلاء ثقافتنا بذخائر جمالية بإمكانها المشاركة  داخل نسيج النص البصري المعاصرفي وحده لاتنفصل بين التقنية المعاصرة و الموروث البصري، وبين القيم الأخلاقية الاسلامية الراسخة والمعاملات الانسانية الآنية ومن ثم يدعونا النص لنكتشف ما هو أصيل من توراثنا عبر تأمل النص، ممثلا حاله من الحوارية تمتد من مكاشفة النفس في حوارية مع أناها الأعلي مرورا بحوارها الوصالي بالذات الالهية ، وصولا لحوارية العلاقة بين القيم والموروث الفني والأخلاقي والعلاقات الانسانية المعاصرة.

فيمثل النص بذلك رحلة تبدأ من الداخل من عمق الذات إلي الخارج وبالعلاقات الانسانية وفق ثقافة إسلامية تتحاور هي بدورها مع ثقافة غربية علمانية في حاله حوار بين الأنا العربية الاسلامية، اللغة العربية/ والآخر الغربي العلماني/ اللغة الانجليزية في وحده لا تنفصل كاشفة بتلك الحوارية عن دلالات العتبة الأولي للنص "فالتعلم عن ظهر قلب" هوالتعلم من الموروث الثقافي ، بمعني أدق الهوية العربية الاسلامية القابعة داخل عمق الذات، تلك الذات المرتدية عباءة الثقافة الغربية بفعل التعايش والحياة ومن ثم يضحي التعلم عن ظهر قلب هو الكشف عن ما ورائية الشكل وصولا لعمق الهوية, لذا لا يقدم النص الجسد الأنثوي من وجهه نظرنسويةFeminism Theory أوجندرية بل بوصفها إنسانة فلدي" أروي" رؤية خاصة قائمة علي التعاطي مع الحاضر العولمي دون إغفال الموروث الديني والثقافي ، بل يبدو  لديها الموروث العقائدي متجذر داخل عمق الذات ، ولا تبحث في الحجاب عن منطق الستر والحجب , و لاتدور في فلك  مفهوم التهميش الذكوري والاستبعاد الثقافي ولا تطرح مفهوم الرؤية الغربية للمرأة العربية المسلمة المستلبة ذات الرؤية المتأثرة بالصورة الاستشراقية بل تطرح رؤية أكثر انسانية وقربا من الذات بالمعني المونولوجي باحثة عن الهوية الدينية وما تطرحه من تسأولات عن معاني الايمان والقيم الاسلامية داخل ثقافة مغايرة معبرة عن رؤية ذاتية بلا إدعاءات ولا طلاءات زائفة لإنسانة نقية الروح والفكر

 

أخبار اخرى فى القسم