السبت 20 أبريل 2024 - 01:17 مساءً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 

الرئيسية تقارير محمد ناجي المنشاوي يكتب..قراءة نقدية ل (أمواج ريسوت) لإشراق النهدي

 

 
 

محمد ناجي المنشاوي يكتب..قراءة نقدية ل (أمواج ريسوت) لإشراق النهدي

  السبت 08 يناير 2022 06:36 مساءً   




إشراق النهدي، كاتبة عمانية مرموقة في القصة القصيرة وهي ذات نشاط ثقافي واسع في الحياة الثقافية العمانية وقدحصلت على العديد من الجوائز لقاء ذلك وهي طبيبة صيدلانية قدمت للمكتبة العربية (على صغر سنها) خمس مجموعات قصصية هي :1=خرفجت 2= أمواج ريسوت3=الأحمر 4=حائط مموج 5=روزيشيا، وفي قصتها (أمواج ريسوت) : نجد هذا العنوان لتلك القصة القصيرة له دلالة تتسق مع الانطباع العام ووحدته من البداية حتى النهاية ف(أمواج) لفظة دالة على التدفق والتتابع والحيوية وكذلك الرهبة والخوف والغموض مضافة إلى (ريسوت) للتخصيص لاسم شاطئ عماني وإن كان من الممكن أن يرمز لأي شاطئ في اي موضع على ظهر البسيطة، وإشراق النهدي تعتمد في بنائها لقصتها على (المعادل الموضوعي) حيث تقدم لنا ثلاثة عوالم (الأول) =مجموعة من البشر على تنوعهم فوق رمال الشاطئ وهو عالم إنساني يزخر بالعمل واللهو وهو عالم مقبل على الحياة في سعادة (رجال ونساء وصبية وعائلات وعمال) وهذا يمثل المعادل الموضوعي لعالم لم يواجه تحديات حقيقية ولاصعابا ولاعراقيل في خضم تجربة إنسانية نوعية تعد محكا يختبر قدراته على مواجهة المخاطر واكتشاف المجهول حيث تعرف قيمة المعادن بخوضها في النيران، وربما بينهم من خاض التجربة ونجح فاطمأن قلبه، وربما بينهم من خاضها ففشل فآثر السلامة والاستسلام فقنع بالهزيمة ورضخ للأمر الواقع ومضى يتكيف ويتواءم معه و(الثاني) نموذج من البشر رجلان أحدهما متزوج والآخر متزوج وله عيال يجلسون على شاطئ ريسوت، يتأمل الرجلان الصديقان ذوا التجربة المشتركة أمواج ريسوت تاملا عميقا مسترجعين ذكريات أليمة مع تجربة قديمة في مرحلة (الصبا) لصنع مركب لخوض أمواج الخليج العاتية مع مجموعة من أترابهما وكان من قبل قد جمعوا الأخشاب والمسامير وكل مايتصل ببناء المركب حيث المنشار وغيره من الأدوات وذلك ماترك لهم من آثار وعلامات دامية متمثلة في قص إصبعين في القدم اليمني والقدم اليسرى وغرق اثنين من الصبية المرافقين لهما فهذا العالم الثاني هو المعادل الموضوعي للحلم الجميل باقتحام التجربة وتحدي الصعاب والانتصار عليها فتتحقق الذات وتعلو قيمة المرء في الحياة ولكن عند النزول الفعلي للتجربة تصطدم الذات الإنسانية بالواقع وتحدياته فتكون النتيجة الفشل والفجيعة والمأساة فترتد الذات الحالمة إلى حالة من (النكوص) لتلوذ بالكبت والتخفي والثبات في اعماق الذاكرة، و(الثالث) أمواج الشاطئ بكل مفرداتها من تتابع واستمرار وقوة وعنف وصخب ومخاطر وغموض وجمال وفتنة فهي المعادل الموضوعي للتجربة الإنسانية بكل متجمعه وتشمله من تناقضات حيث تختلف قدرات البشر إزاءها حيث الاندفاع إليها إلى درجة الطيش والتهور والنزق والجنون ومنهم من يتأنى ويتمهل ومنهم من يتردد ويتشكك، و(لغة السرد) في القصة تمتاز بالاقتصاد والتكثيف وإن كانت في ظاهرها لغة مطنبة فقد قصدت إشراق النهدي إلى دقة التفاصيل كغاية فنية لقصتها لتحقق من خلالها صدقا فنيا فجاءت مفرداتها مطعمة وموشاة بمفردات البيئة العمانية التي تعيها القاصة فتذكر لنا في إطار السرد تلك المفردات المحلية وتوظفها دون تزيد أو افتعال كالوان من الطعام والازياء والعادات واعتمدت القاصة في سردها على (ضمير الأنا) (كنا على البحر جالسين كحجرين ملقيين على البطاح يبدو خارجنا وديعا مطمئنا (لكن) الأمواج لايقل هديرها عما يجيش في دواخلنا كهذه الموجة المنكسرة على الصخور بمحاذاتنا، وكأنها تنتزع ثأرا عتيقا من على عاتق البحار) وبهذا المدخل الرائع بكل مافيه وصف يمهد للقارئ الولوج إلى فكرة القصة بمافيها من صراع بين الإنسان والتجربة ، ولوجا مشحونا بالتشويق والدفع بلهفته للمضي قدما نحو النهاية، والقاصة بين بداية قصتها البديعة ونهايتها الأكثر إبداعا نجد وصفها ل (مسرح الحدث /المكان) الذي يدور فيه الحدث هذا الوصف المدهش بعباراته الدالة التي تمسك بزمام الفكرة دون زيادة او نقصان ( الخليج يبدو كمن يستهزئ ويخرج لسانه في البحر)، ثم ترتد بالذاكرة لتذكر القاصة مبررات بداية القصة ونهايتها فتركز الضوء على تلك (الحادثة /التجربة) التي انتهت إلى (رجعنا خائبين بعد أن غرق اثنان من الصبية وبقي اثنان منهم معنا) ثم تفيق في لحظة الوعي لتقول (حدقنا إلى أرجلنا، أصبعان مقصوصان في القدم اليمنى والقدم اليسرى من أثر المنشار) تلك هي الجروح المرئية ولهذا تستدرك القاصة ب(لكن) لتكشف لنا عما هو مدفون هناك في الذاكرة من جروح (لكن الجروح الأخرى مطمورة في القلب)، وتلك الصورة المروعة التي تنهي بها القصة حيث يتبادل صاحبا التجربة النظرات ليسبر كل منهما غور الآخر (نبصر قاربا غارقا في مقلتينا)، (نحدق ومازال القارب غارقا لايطفو على السطح) وهذا القارب الغارق المختفي تحت السطح وماصاحبه من تجربة الإبحار به وغرقه هو مايعود بنا إلى ماذكرته القاصة في افتتاحية القصة (يبدو خارجنا وديعا مطمئنا لكن الأمواج لايقل هديرها عما يجيش في دواخلنا) فإذا ربطنا بين البداية والنهاية وجدنا أنفسنا أمام بناء قصصي غاية في الإحكام الفني .

 

أخبار اخرى فى القسم