الأربعاء 08 مايو 2024 - 10:10 مساءً - القاهرة

     

 

 

               

 

  أحدث الأخبار

 

 

  الأكثر قراءة

 
 
 

ما أسباب تراجع الأغنية

  ازمة صوت

  ازمة كلمة

  ازمة لحن

  غياب دور الدولة في تبني أصوات جادة


نتائج

 

 
 

الرئيسية تقارير الاعلامي الدكتور جمال حماد يؤرخ " للصحابيين من الشعراء" عن.. دار النابغة بمعرض الكتاب

 

  الرسول صلي الله عليه وسلم كان يحب الشعر والشعراء
 

الاعلامي الدكتور جمال حماد يؤرخ " للصحابيين من الشعراء" عن.. دار النابغة بمعرض الكتاب

  الثلاثاء 01 فبراير 2022 09:08 مساءً    الكاتب : سيد يونس




سنوات طويلة عكف الاعلامي الكبير بصوت العرب الدكتور جمال حماد يبحث وينقب عن الصحابة من الشعراء ليثري المكتبة المصرية والعربية بكتاب يعد الأول في البحث والتنقيب وكيف كان الرسول محمد صلي الله عليه وسلم محب الشعراء والشعراء فالشعر هو مؤرخ للأحداث وكما يقول جمال حماد كان للقبيلة العربية - قبل الإسلام - نظامها السياسي والاجتماعي والاقتصادي ، وتطلّبتِ الحاجة وجودَ متحدثٍ باسم هذه القبيلة، يُعلي من شأنها، ويسجّل مآثرها، ويُرهب أعداءها، وينشر محامدها، ويذيع مفاخرها،. فكان الشاعر. وقد تحدّث النقاد القدامى ومؤرخو الأدب عن أهمية الشاعر أو شاعر القبيلة ؛ فإذا نبغ في القبيلة شاعر "أتت القبائل فهنأتها، وصنعت الأطعمة، واجتمعت النساء يلعبن بالمزاهر، كما يصنعون في الأعراس ويتباشر الرجال والولدان ؛ لأنه حماية لأعراضهم، وذبٌّ عن أحسابهم، وتخليد لمآثرهم، وإشادة بذكرهم، كانوا لا يهنئون إلا بغلام يولد، أو شاعر ينبغ فيهم، أو فرس تنتج " (1). وأضحى الشاعر لسان قبيلته، وذا الرأي فيهم، يُندبُ عند الملمات، ويُستعان به وقت الشدائد، وهو البطل في معركة الكلام داخل ميدان القتال. ومكانة الشعر العربي غير مكانته عند سائر الأمم التي اصطنعت - على سبيل المثال - المسرح والنحت والتصوير والعمارة، فالنزعة الفنية عندها موزّعة بين الشعر وغيره." أمّا الأمة العربية فليس للنزعة الفنية عندها غير الشعر استبدّ بها، فاحتفلت به، وحشدت كل قواها له، فهو وحده مظهر عبقريتها، ومجلي نشاطها، وهو وحده المعبر عن الأحداث التي انفعلت بها، والمردد لأصدائها " (2). ولهذا صار الشعر ديوانًا للعرب، "ومنتهى حكمهم، به يأخذون وإليه يصيرون". (3) وقد لمعت أسماء للشعراء الكبار في قبائلهم، وذاعت أشعارهم عبر رواتهم وتلاميذهم وأصدقائهم في كل ربوع جزيرة العرب قبل الإسلام، "وكان كثير منهم يبدو لديه الاستعداد لقرض الشعر، ولكن قلة ممن لديه الاستعداد هم الذين يحترفون الشعر، فيتخذونه مهنة يصل الشاعر من خلالها إلى أحد هدفين، منصب أدبي في المجتمع، حين يجد أن المناصب الأدبية قد شغلها رؤساء القبيلة وقادتها وفرسانها، وإما وسيلة لكسب العيش، فيما يعرف بالتكسب بالشعر. أما الكثرة فهم الذين يقولونه في المناسبات التي يجدون فيها داعيا نفسيا لهم أن يعبروا عما ينفعلون به بالشعر، وهؤلاء وإن كنا نستشهد بشعرهم، لكنا لا نعدهم من الشعراء بمعنى الاحتراف "(4). وتناقل الناس هذه الأشعار، وأعجبوا بها، فرووها وحفّظوها أنجالهم جيلًا بعد جيل. وباتت للشعر صولاته وجولاته في الحياة العربية سياسيًّا واجتماعيًّا، وظهر نتاجه في شتّى الموضوعات، فكان المدح، والهجاء، والرثاء، والفخر، والغزل. وظهرت براعة الشعراء في التعبير بالكلمات وخوض جماليات المعاني، ولمس آفاقٍ خيالية جميلة، استراحت لها الأنفس وهامت بها، وطربت لموسيقى شعرها كذلك. وعندما نصل إلى عصر صدر الإسلام ؛ الذي يضمّ زمن النبوّة – أو بعثة النبي ﷺ – والراشدين، ندرك أنّ ثمّة تغيرات قد طرأت على طبيعة الشعر الذي تأثر بالأحداث التي وقعت آنذاك ؛ فقد ذابت القبيلة في نسيج اجتماعي أكبر وأفضل، في نسيج متميز هو نسيج الدولة الإسلامية ؛ حيث ارتبط تاريخ الإسلام – وتاريخ الأدب العربي – حيث جعل الدين الجديد العرب " أمة بأدق معاني الكلمة وأوسعها، فقد هيأها للنهوض بالمهمة الكبرى، التي تتجاوز حدود جزيرتها، ولتحول وجهة التاريخ، وتغيّر وجه الأرض في اقل من نصف قرن، بعد أن نفذ إلى قلوبها، واستأثر بضمائرها، وفتح آفاقا كانت مغلقة أمامها، وحررها من الرقّ، رق النفوس للشهوات، وطهرها بعد الرجس، رجس الخطايا والآثام، ووحدها بعد الفرقة، وملأ قلوبها نورًا، فانبث أبناؤها في الأرض ينشرون نور الله، ما وجدوا إلى نشره سبيلا "(5). لقد كان الإسلام نورًا بدد الظلمات، فأثّر في النفوس ما أثّر، وأحدث التغيرات في الحياة العربية ؛ كما "أثر في نظم القوم ومظاهر الحياة، وقد كان الشعر من تلك المظاهر التي تأثرت بالإسلام، تأثيرا واضحا بارزا، من حيث الشكلُ والمعنى، ومن حيث اتجاهاتُ الشعر وموضوعاتُه، صحته وزيفه، ضياعه أو إبادته، كل ذلك من أثر الدين الجديد ".(6) واستطاع الشعر في زمن النبوة أن يعبّر عن كل الأحداث التي وقعت؛ ومنها: التعرض لإيذاء صناديد قريش للمستضعفين من المسلمين؛ مثل: بلال بن رباح وعمّار بن ياسر. والهجرتين إلى الحبشة والمدينة المنورة. والغزوات. وفتح مكة المكرمة. ووفاة النبي ﷺ. وخلافة الصدّيق وما تبعها من أحداث الردّة والفتوحات في العراق والشام، وخلافة الفاروق عمر والفتوحات خارج الجزيرة العربية، إضافة إلى ما وقع من أحداث في عصري الخليفتين عثمان بن عفّان وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما، ونهاية عصر الراشدين. وسوف نلاحظ أن منبع الشعر العربي في ذلك الزمان ينتج من فريقين: فريق المسلمين. وفريق المعاندين الرافضين للدين أمثال شعراء قريش ومن والاهم من القبائل العربية الأخرى ؛ كعبد الله بن الزبعرى، وعمرو بن العاص، وضرار بن الخطاب الفهري وغيرهم. أمّا شعراء المسلمين ؛ فتنوّعوا ؛ فمنهم: شعراء المهاجرين من قريش وغيرها من المسلمين ؛ أمثال: عبد الله بن الحارث، وأبي أحمد بن جحش، وبجير بن زهير بن أبي سلمى وغيرهم. وشعراء الأنصار ؛ أمثال كبار شعراء المدينة المنورة: حسّان بن ثابت، عبد الله بن رواحة، وكعب بن مالك، وعبد الله بن أنيس وغيرهم. وشعراء الوفود الذين أتوا من القبائل العربية البعيدة عن الحجاز، أمثال: الجارود بن المعلّى العبدي، ومازن بن الغضوبة، وشاعر تميم: الكبير الزبرقان بن بدر التميمي وغيرهم. وأثارت الدراسات الأدبية لكبار الباحثين والعلماء – قديمًا وحديثًا- قضايا ارتبطت بعصر صدر الإسلام وشعره ؛ وهي: موقف الإسلام من الشعر. قلة النتاج الشعري. الانتحال في شعر عصر صدر الإسلام. واعتمدت أغلب دراسات الباحثين (7)، على إحصاء الآيات القرآنية وتفسيرها واستنتاج ما يهمّ فروض الدراسة ؛ وهو إثبات أن القرآن الكريم لون من البيان يخالف الشعر تمامًا، وأن الله تعهد بحفظ القرآن من التحريف والتزييف ومن الخلط والالتباس. (8) كما تركّزت هذه الدراسات على تحقيق التنزيه للرسول ﷺ من كونه شاعرًا. (9) هذا بالإضافة إلى اهتمام الدراسات السابقة بإثبات أن الإسلام لم يحرّم الشعر، بل التصدّي لبعض الشعراء الذين ساروا بشعرهم في اتجاه يرفضه الدين، وهم الشعراء الكفّار والماضون على دربهم (10). فعلى سبيل المثال لو قرأنا قوله تعالى: ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﱠ (11) سنلاحظ أن اتجاه الآيات نحو الشعراء لا الشعر. ومهما يكن من شيء فإن "الشعر من حيث إنه فن رفيع يعد من مقومات الحياة لا يحظره الإسلام " (12). أمّا موقف النبي ﷺ من الشعر ؛ فإنّه يسير في طريق القرآن الكريم ؛ لأن أحاديثه صلوات الله عليه تعدّ تطبيقًا عمليًّا للقرآن الكريم من ناحية، ومن ناحية أخرى هو المفصّل لآياته. وواقع الأمر أن النبي ﷺ قد استمع إلى الشعر واستحسن بعضًا منه، كما نفر من بعضه. (13) وهناك شيء مهمٌ ربّما أغفله الدارسون في حديثهم عن الشعر، وعن حبّ رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، وهو أنه ﷺ، قد نشأ في بيئة شاعرة ؛ حيث كان جده عبد المطلب شاعرًا، وعماه الزبير وأبو طالب ابنا عبد المطلب شاعرين، وعماته: أم حكيم، وصفية، وعاتكة، وأروى، شاعرات، وأبناء عماته، وأعمامه. بل إن هناك أشعارًا تنسب إلى آمنة بنت وهب أم النبي ﷺ، وكذلك لأبيه عبد الله بن عبد المطلب. يقول الزبير بن عبد المطلب، وكان أكبر أعمام النبي ﷺ، وهو الذي كان يرقص النبي ﷺ وهو طفل، ويقول (13): وفي السيرة النبوية نطالع تعويذ عبد المطلب جدّ الرسول ﷺ، وقد دخل بالنبي ﷺ الكعبة وعوذه، ودعا له. قال وهو يعوّذه (14): ونقل صاحب الروض الأنف أن عبد الله بن عبد المطلب، قال لمّا صدّ امرأة أرادته، لما علمت أن زوجته ستلد نبيًا (15): وهناك ديوان شعر مجموع للسيدة آمنة بنت وهب، ومنه قولها (16): وليس ما سبق دليلًا وحيدًا على حبّ النبي ﷺ، فهناك أشياء كثيرة منها، طبيعة البيئة التي تحترم الكلمة الصادقة، والمعنى الجميل. ومهما يكن من شيء ؛ فإنّ الدين لم يقف عائقًا أمام الشعر العربي في عصر صدر الإسلام ؛ لأنه قد شجّع الشعر ؛ " فالشعر من حيث إنه فنٌّ رفيع يعد من مقومات الحياة لا يحظره الإسلام، وقد سمعه الرسول، وأثاب عليه كعب بن زهير ببردته، وحمل حسان بن ثابت وزملاءه من الأنصار وغيرهم أن يردوا على قريش وينصروه بألسنتهم كما نصروه بأسلحتهم. ومن الطبيعي أن ينصرف الرسول عن الشعر الذي يناهض الدين ويعارضه، وعن الشعر الماجن الذي لا يتفق والفضائل النفسية أو يعين على الرذائل " (17). وهناك الشواهد الكثيرة على أن رسول الله ﷺ ، كان يحسن الاستماع إلى الشعر، وفي كثير من المناسبات أظهر رضاه وسروره من بعض الشعر ؛ كبعض شعر حسان وكعب بن زهير والخنساء، ودعا لبعض الشعراء كحسان والنابغة الجعدي، كما أنه ﷺ كان يقبل اعتذار الذين أساءوا إليه من الشعراء ؛ أمثال: أبي سفيان بن الحارث وعبد الله بن الزبعرى وضرار بن الخطاب الفهري، وكعب بن زهير بن أبي سُلمى. وهذا يدل دلالة واضحة على أن رسول الله ﷺ لم يحرم الشعر، ولا قوله " (18). كما كانت هناك أحاديث الشعراء مع النبي ﷺ، حول الشعر، وكيف يقال، مثلما كان الأمر مع الصحابي الشاعر عبد الله بن رواحة، والصحابي الشاعر كعب بن مالك رضي الله عنهما (19). الصحابي: ونأتي لمعنى كلمة "الصحابي" في معاجم اللغة، حيث يدور حول معاني الصحابة والصحبة في فلك الجذر اللغوي (ص.ح.ب) صَحِبَه يَصْحَبُه صُحْبة - بالضم- وصَحابة- بالفتح- وصاحبه: عاشره. والصَّحْب: جمع الصاحب مثل راكب وركب. والأَصْحاب: جماعة الصَّحْب مثل فَرْخ وأَفْراخ. والصاحب: المُعاشر؛ لا يتعدَّى تَعَدِّيَ الفعل، أَعني أَنك لا تقول: زيد صاحِبٌ عَمْرًا، لأَنهم إِنما استعملوه استعمال الأَسماء، نحو غلام زيد؛ ولو استعملوه استعمال الصفة لقالوا: زيد صاحِبٌ عمرًا، أَو زيد صاحبُ عَمْرو؛ والجمع أَصحاب، وأَصاحيبُ، وصُحْبان، وصِحاب، وصَحْب وصَحابة وصِحابة.(20) الصحابي في اللغة هو: الملازم، هو المعاشر للإنسان، يقال: فلان صاحب فلان، أي معاشره وملازمه وصديقه مثلا. وقال بعض اللغويين: إن الصاحب لا يقال إلا لمن كثرت ملازمته ومعاشرته، وإلا فلو جالس الشخص أحدًا مرة أو مرتين، لا يقال إنه صاحبه أو تصاحبا. في المعنى الاصطلاحي بين العلماء من الشيعة والسنة، هناك قيد الإسلام بالنسبة لصحابي رسول الله ﷺ، إن لم يكن الشخص مسلما، فلا يعترف بصحابيته، وبكونه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فهذا القيد متفق عليه ومفروغ منه. وهل هناك قيد أكثر من هذا ؟ بأن تضيق دائرة مفهوم هذه الكلمة أو لا ؟ لعل خير كلمة وقفت عليها ما ذكره الحافظ ابن حجر العسقلاني في مقدمة كتابه الإصابة في معرفة الصحابة. يقول الحافظ ابن حجر في تعريف الصحابي: وأصح ما وقفت عليه من ذلك: أن الصحابي من لقي النبي ﷺ مؤمنا به ومات على الإسلام. (21) والصحابة الذين قالوا الشعر متنوّعون من حيث القول والنتاج ؛ فمنهم: الشعراء المخضرمون ؛ أمثال: حسّان بن ثابت، وعبد الله بن رواحة، وكعب بن مالك، وعبد الله بن الزبعرى، وضرار بن الخطاب، وكعب بن زهير، وغيرهم. ومنهم مَنْ كان يقول الشعر فيما قبل البعثة ولم يشتهر شعره ؛ كأعمام الرسول ﷺ وعمّاته. ومنهم لم نعرف عنه الشعر إلا في صدر الإسلام وكان قليلَ النتاج ؛ أمثال: أبي أحمد بن جحش، وأبي سفيان بن الحارث، وحمزة بن عبد المطلب، هند بنت أثاثة وغيرهم. ومعنى القلة: أنّ ما وصلنا من شعره هو القليل، وربّما كان له نتاج لم يحفظه الرواة، أو يكون قد ضاع. أمّا طبيعة النتاج الشعري للصحابة في عصر النبوّة، فقد تأثر بشكل أو بآخر بما طرأ من تجديد في الحياة السياسية والاجتماعية من وجود الدعوة الإسلامية والتحول من القبلية إلى القومية، من الخاص إلى العام، فظهرت روح جديدة في حياة الشعر العربي في تلك الفترة. أشعار الصحابة: إنّ أوّل ما يُلاحظ في شعر الصحابة، هو ما يمكن أن نطلق عليه شعر الدعوة الإسلامية، ويتمثل في نتاج بعض الصحابة رضوان الله عليهم من خلال تشكيل اتجاهات جديدة ؛ منها: - الدخول في الإسلام: تنوعت روايات الصحابة الذين دخلوا في الإسلام فرادى وجماعات في دين الله ؛ أمثال الذين كسّروا أصنامهم، والذين كانت لهم عقائد التوحيد أو هم على دين اليهود والنصارى، أو كان منهم المشركون الذين رأوا الحق في دين الله الإسلام وما كانوا عليه هو الباطل. بالإضافة إلى أن بعضهم كان يحكي قصّة إسلامه ؛ من ذلك قصّة "عمر بن الخطاب" رضي الله عنه، الذي يقول: قال "عمر بن الخطاب" رضي الله عنه، حين أسلم (22): وهناك قصّة الصحابي "سواد بن قارب الدوسي" رضي الله عنه، الذي كان سادنًا لأحد الأصنام، يقول (23): أمّا الصحابي الجليل "عمرو بن الجموح" رضي الله عنه ؛ فإنّ له قصّة طريفة في السيرة النبوية لابن هشام، ومختصرها: أنه قد اتّخذ لنفسه صنمًا، وكان شباب المسلمين يعدون على الصنم، ويلقونه في أماكن القذارة، وكان يأتي عمرو بن الجموح في الصباح يستخرج صنمه وينظفه مما علق به من أوساخ، وتتكرر الأحداث، يُلقي الشباب الصنم في آبار القذارة، ويستخرجه عمرو، حتى جاء في ليلة من الليالي، ووضع سيفه في رقبة الصنم، وقال له عليك أن تمنع نفسك، ونام عمرو، وفي الصباح، وجد صنمه مربوطًا في جثة كلب ملقاة في بئر القذارة. ونبهه المسلمون أنه في غيه، وعليه أن يصير مع المسلمين، فأسلم وحسن إسلامه، قال "عمرو بن الجموح" رضي الله عنه (24): بأحمدَ المهدي النبي المرتهنْ تحطيم الأصنام: كان لبعض الصحابة الذين دخلوا في الإسلام قصص مع الأصنام التي كانوا يقدسونها، ثمّ ثاروا عليها وحطَّموها لعدم جدواها، ولتبيّن الحقّ لهم.فمن الصحابة الذين حطّموا الأصنام، الشاعر الفارس الصحابي "العباس بن مرداس السُّلَمي" الذي يقول(25): وكان الصحابي الجليل "مازن بن الغضوبة" رضي الله عنه، كاهنًا لصنم يُدعى "باجر"، وقد كسّره أجذاذًا، ولم يُبقِ منه شيئًا، فقال أمام رسول الله ﷺ(26): - إسلام الموحّدين: فقد دخل الإسلام قلوب الذين كانوا على دين التوحيد والنصارى واليهود، وكان منهم "الجارود العبدي" الذي يقول (27): - إسلام المشركين وتوبتهم إلى الله سبحانه وتعالى، والتصديق بدعوة رسول الله ﷺ: وقد تركزت معانيهم فيما قالوا عن عبادة الله والإيمان برسول الله ﷺ، يقول الصحابي والشاعر الكبير "أبو سفيان بن الحارث" رضي الله عنه (28): - تمجيد الله سبحانه وتعالى: لقد رأي الذين دخلوا في الإسلام الفرق بين التوحيد والعكوف على أصنام لا تسمن ولا تغني من جوع، ولذا جاءت أشعارهم تعبّر عن محبتهم للدين، ولربّ العالمين، وقد تأثروا بما جاء به هذا الدين، من ذكر للعرش، والملائكة، والجنة والنار، يقول الشاعر الصحابي الكبير عبد الله بن رواحة رضي الله عنه (29): - الفخر بالدين: لقد وجد شعراء الصحابة حلاوة الإيمان، باتّباعهم الدين الإسلامي، وكانوا يتابهون به ويفتخرون، ومنهم الصحابي الشاعر " بجير بن زهير" رضي الله عنه (30): - الدعوة إلى الإسلام: وتمثّل شعر الدعوة الإسلامية في كثير من الاتجاهات والمعاني، التي خاضها شعراء الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، ومن ذلك الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى ؛ يقول الصحابي "كعب بن زهير بن أبي سُلمى المزني" رضي الله عنه (31): شرح ديوانه، ص: - التذكير بالله المعبود، لا الأصنام: يقول الصحابي الجليل والشاعر الفارس"بُجير بن زهير بن أبي سُلمى السُّلَمي" رضي الله عنه، وكان قد دعا أخاه "كعبًا" إلى الإسلام وترك عبادة الأصنام وعبادة الله ربّ العالمين (32): - تمجيد الله سبحانه وتعالى: كان التأمل في خَلْقِ الله سبحانه وتعالى، طريقًا إليه، وقد بدأ بالتوحيد، حتى ظهر الإسلام، ودخل فيه الكثيرون من الموحدين، أمثال "لبيد بن ربيعة العامري"، و"أبي قيس بن الأسلت " و"النابغة الجعدي"، وكلّ أشعارهم تعبير عن روح التأمل لله من خلال رؤيتهم للسموات والأرض وسائر المخلوقات. يقول الصحابي الشاعر الكبير"لبيد بن ربيعة العامري" رضي الله عنه (33): ويقول الصحابي الشاعر "أبو قيس: صيفي بن الأسلت" رضي الله عنه: (34) ويقول –أيضًا- الصحابي الشاعر "أبو قيس صرمة بن أبي أنس" رضي الله عنه (35): - وضوح آيات الدين: لقد كانت الهداية من الله ربّ العالمين، وفيها إدراك تام بوجوده سبحانه وتعالى، وقد ثبّتها رسول الله ﷺ ، في قلوب الذين أرادوا دين الله دون غيره، من ذلك قول الصحابي الجليل سيد الشهداء الفارس الشاعر "حمزة بن عبد المطلب" رضي الله عنه(36): ويقول الشاعر "العباس بن مرداس" رضي الله عنه ؛ موضِّحًا حاله قبل الإسلام، وبعده (37): - الإيمان برسول الله ﷺ: لقد تحدث كثير من شعراء الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، عن إيمانهم برسول الله الكريم ﷺ ؛ من ذلك قول الصحابي الجليل "نوفل بن الحارث" رضي الله عنه (38): ويقول شاعر الإسلام الصحابي الكبير "حسَّان بن ثابت الأنصاري" رضي الله عنه، وقد ذكر مكانة رسول الله ﷺ بين الأنبياء السابقين ؛ أمثال زكريا ويحيى والمسيح ابن مريم وهود عليهم السلام أجمعين(39): ويقول الصحابي الشاعر"العباس بن مرداس السُّلَمي" رضي الله عنه، داعيًا بعض القبائل، بأنّ محمّدًا رسول من الله، ﷺ: (40) وهناك الشعر الخاص بالحياة الاجتماعية، ومنه مدائح رسول الله ﷺ، وقد جاءت هذه المدائح على النحو الآتي: مدائح السابقين إلى الإسلام: وهي مدائح شعراء الصحابة من الأنصار ؛ ومنهم الثلاثة الكبار: حسان بن ثابت، وعبد الله بن رواحة، وكعب بن مالك رضوان الله عليهم، وكانت لهم اتجاهاتهم في مدحه ﷺ. يقول حسان بن ثابت رضي الله عنه (41): ويقول عبد الله بن رواحة رضي الله عنه (42): ويقول "العباس بن عبد المطلب" رضي الله عنه(43): مدائح الوافدين:وهم الشعراء الذين وفدوا في عام الوفود من قبائل الجزيرة العربية ؛ ومنهم الصحابي الشاعر الجارود رضي الله عنه الذي يقول(44): ويقول "قدد بن عمّار السُّلمي" رضي الله عنه (45): الشعراء المعتذرون: وهم الشعراء الذين تصدّوا للدعوة الإسلامية، وهجوا النبي ﷺ، وآذوا المسلمين، ثم تابوا إلى الله، واعتذروا للنبي ﷺ؛ ومنهم: - أبو سفيان بن الحارث رضي الله عنه الذي يقول معتذرًا (46): - ضرار بن الخطاب الفهري رضي الله عنه (47): - عبد الله بن الزبعرى رضي الله عنه (48): - وكعب بن زهير رضي الله عنه (49): أشعار الصحابة رضي الله عنهم في مسيرة الدعوة: ممّا يُحسب لشعراء الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، أنّهم عبّروا عن أغلب الحوادث التي وقعت خلال مسيرة الدعوة الإسلامية. ففي هجرة المسلمين المضطهدين من مكّة المكرمة إلى الحبشة، كانت أشعار الصحابي الشاعر "عبد الله بن الحارث، رضي الله عنه المعروف بالمبرّق، أشعارًا تحمل صفة التأريخ، وكان من هذا النتاج الشعر قوله (50): وفي الهجرة إلى المدينة المنورة، جاءت أشعار أبي أحمد عبد بن جحش رضي الله عنه ؛ حيث يقول (51): وعن الشعر الذي قيل في هجرة المسلمين من مكة المكرّمة إلى المدينة المنورة، ما هو منسوب إلى "الصدّيق أبي بكر" رضي الله عنه ؛ حيث يقول (52): فَاِدعوا الَّذي هُوَ عَنكُم كَفَّ عَدوَتَنا يُطلِق جَوادي فَأَنتُم خَيرُ أَبرارِ - نتاج شعر الصحابة رضي الله عنهم فيما بعد الهجرة إلى المدينة المنوّرة: يمكن القول بإيجاز: إنه قد انتظمت في المدينة المنورة أمور المسلمين المهاجرين وشاركوا في الحياة أهل المدينة المنوّرة الأنصار:الأوس والخزرج، فصار بناء المجتمع المدني المسلم: مهاجرين وأنصار بناء متينًا قويّا قائمًا على الإخوة في الدين والحياة. وقد تأثر الواقع الاجتماعي المدني بالأحداث التي جرت على أرض المدينة المنوّرة، وخصوصًا المعارك التي دارت بين المسلمين والمشركين، بالإضافة إلى التصدّي لليهود وأهل النفاق. وكان شعر الصحابة رضي الله عنهم، يسجّل لهذه الأحداث، في بدر وأحد والأحزاب وغيرها من المشاهد. كما كان استقبال المدينة المنورة القبائل ورموزها، الذين جاءوا وفودًا للقاء رسول الله ﷺ ، قبيل فتح مكة المكرمة، علاوة على المعتذرين الذين جاءوا للقاء رسول الله ﷺ ، فسامحهم على ما بدر منهم، ولا سيما "كعب بن زهير بن أبي سُلمى" رضي الله عنه، فأسلم وحسن إسلامه. وبعد فتح مكّة كان استقبال رسول الله ﷺ، لأهل مكة المكرمة الذين خرج منهم المعتذر والطالب الدخول في الإسلام. وكل هذا كان شعر الصحابة معبّرًا عنه. - الجهاد في سبيل الله: وتحت هذا العنوان جاء نتاج أغلب شعر الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، فقد عبّرت أشعارهم عن معاني الانتصار على المشركين، وتمجيد بطولة الأبطال والشجعان، ورثائهم للأبطال الذين استُشهدوا في سبيل الله، وعن الصبر في المعارك، والسخرية من الكفّار والمنافقين الضّالّين. غزوة بدر: قبل أحدث يوم "بدر"، كان يوم "نخلة" بين مكة والطائف- وفيه أرسل رسول الله ﷺ، "عبد الله بن جحش" ومعه مجموعة من المهاجرين، ليتلمّس أخبار قريش، ومرّت قافلة لقريش، وبدأ القتال بين الفريقين ؛ وكان ذلك في شهر "رجب" وهو من الأشهر الحرم، وكان ذلك أولَ انتصار للمسلمين، وفيه نزل القرآن الكريم في صالح المسلمين: سألونك عن الشهر الحرام، قتالٍ فيه، قل قتالٌ فيه كبير، وصدٌّ عن سبيل وكفرٌ به والمسجد الحرام، وإخراج أهله منه أكبر عند الله { (53). وفيها جاء صوت الشعر ؛ حيث قال "عبد الله بن جحش" رضي الله عنه (54): وبعد غزوة "بدر" الكبرى، انطلقت ألسنة الشعراء وقرائحهم، تعبّر عن نصر الله المبين، وكانت لكبار شعراء المسلمين صولاتهم وجولاتهم في ميدان القوافي ؛ من ذلك قول شاعر الإسلام "حسان بن ثابت الأنصاري" (55): ديوانه، ص وأشياعهم يوم التقينا على بدر وهناك أشعار كثيرة قيلت في هذا اليوم ؛ مثل ما قاله كلٌّ من: أسد الله ورسوله "حمزة بن عبد المطلب" رضي الله عنه، "كعب بن مالك الأنصاري" رضي الله عنه، ومنه ما يُنسب إلى "أبي بكر الصديق" رضي الله عنه، وما يُنسب لــ"علي بن أبي طالب" رضي الله عنه، وغيرهم. 2- وفي غزوة "أحد" اتّجه الشعر للردّ على ما تقوّله المشركون الذين فازوا بالمعركة، كما اتّجه الشعراء برثاء الأبطال الذين استُشهدوا في غزوة "أحد". وقد نال "حمزة بن عبد المطلب" سيد الشهداء رضي الله عنه، نصيب الأسد من هذا النتاج الشعري ؛ وكان منه مراثي للشعراء: "حسان بن ثابت" و"عبد الله بن رواحة"و"كعب بن مالك" رضي الله عنهم أجمعين ؛ وبطبيعة الحال قدّمت النساء مراثيها، ومنهن السيدة "صفية بنت عبد المطلب" رضي الله عنها، التي قالت عن شقيقها (56): وتمضي الأيام بين المسلمين وخصومهم من مشركي مكة وأحلافهم، ومنافقي المدينة ومَنْ على شاكلتهم، وصوت الشعر لا يغيب في التعبير عن البطولة والفداء، وصدّ كيد الكافرين والمعاندين. وتجدر الإشارة إلى أن شعر الجهاد الإسلامي، قد اتّضحت معالمه في نتاج الشعر في عصر النبوة، وكان منه شعر النقائض الذي لاحقه شيء كبير من التطور ؛ حيث اكتست النقائض بثوبها الذي عُهِد فيها فيما قبل صدر الإسلام ؛ وقد شارك فيها شعراء المسلمين ضد شعراء الشرك واليهود في كثير من المواضع، وخصوصًا الغزوات كيوم بدر وأحد والخندق، وشاركت المرأة الشاعرة الصحابية الشاعر الصحابي في هذا المجال. وقد حصر الأستاذ أحمد الشايب وجوه التجديد فيما يأتي: الموضوع ؛ حيث قامت النقائض – بسبب الصراع – في الجاهلية حول المراعي أو الموارد أو الرئاسة أو الطمع أو السفاهة. ولكنها في عصر النبوة كانت بسبب نشر الدين وتكوين الأمة الإسلامية. المعاني: اعتمد المسلمون على المعاني المكتسبة من الدين كالإسلام والكفر والهدى والضلال، بينما اعتمد شعراء المشركين على الأحساب والأنساب والأيام. الأساليب: كانت الأساليب مضطربة ؛ فكان منها العبارات الجزلة القوية، ومنها الضعيفة المهلهلة، ومنها الوسط العادي. الغاية: كانت غاية النقائض اشتفاء نفس مغيظة، وصيرورة قبلية، وافتخارًا بالشعر، وبعث الرهبة في النفوس. أمّا عند المسلمين فكانت في سبيل الدين والدولة الإسلامية (57). فعلى سبيل المثال: غزوة بدر، اشتعلت النقائض بين المتحاربين، وكانت النقائض دائرة بين الشعراء المسلمين والمشركين، يبدأ الشاعر المسلم ويرد عليه شاعر من المشركين – وربّما شاعران – أو يبدأ الشاعر المشرك ويرد عليه شاعر أو شاعران من المسلمين. وممّا يُنسب لحمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، عم رسول الله ﷺ في غزوة بدر قوله (58): فردّ عليه الحارث بن هشام وكان على دين قومه (59): وقال ضرار بن الخطاب بن مرداس وكان على دين الشرك، في يوم بدر (60): فأجابه كعب بن مالك رضي الله عنه، فقال(61):

صور اخرى
 

أخبار اخرى فى القسم